بالأمس وقف "محمد إيهاب" المصري بطل العالم في رفع الأثقال بين لاعبين من أمريكا وأوروبا، ملتفا بعلم مصر، رافعا يده تحية وإجلالا لمصر، صورته على هذا الوضع نشرت على موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك"، مذيلة بعبارة "الحلم اتحقق.. الذهب العالمي.. طوكيو 2020"، لتنهال عليه التهاني والمباركات ودعوات ذات طابع مصري، "ربنا يوفقك يا ابن الغالي". حصل محمد إيهاب، الذي يبلغ من العمر نحو 29 عامًا، قضى معظمه في رياضة رفع الأثقال والتنقل من هذه المسابقة لأخرى، منذ كان في الثامنة عشر من عمره، على لقب أول لاعب عربي وأفريقي يحصل على ثلاث ميداليات ذهبية في تاريخ بطولات العالم للكبار في رفع الأثقال، وتصدر التصنيف العالمي لعام 2017 بعد حصوله على تلك الذهبيات في ولاية "كاليفورنيا" بالولايات المتحدة، والتي تعد الجسر نحو طوكيو في 2020، "حلمي متحققش في الحصول على ذهبية في مسابقات ريو دي جانيرو من سنتين، لكن أنا متربي على الإصرار وسأحصل عليها في طوكيو"، محمد متحدثا عن حلمه بالعالمية. الأسرة "بوصلة" الناجح وعماده في تسعينيات القرن الماضي، وفي أحد مراكز شباب مدينة الفيوم، كانت البداية والبذرة الأولى التي ألقيت في قلب محمد، فشب على ماهو عليه الآن، "والدي كان بيلعب رفع أثقال، كان مدرب وحكم، وعضو مجلس إدارة النادي في منطقتنا بالفيوم، وأخواتي كلهم مارسوا رفع أثقال"، منذ كان في الثامنة من عمره، كان يتخذ ركنا منزويا من حجرز التدريب الخاصة بوالده في النادي، يحدق بعينيه اللامعتين شغفا وحبا، في حركات والده، في الأوزان التي يحملها، فنبتت في رأسه فكرة "ليه لما أكبر مقفش مكان والدي؟"، " والدي شاف فيا إني بحب اللعبة، بدأ يهتم بيا دخلني مدرسة رياضية في مدينة نصر، وكانت دي الوسيلة اللي رحت بيها المنتخب"، يسترجع إيهاب ذكريات "سنة أولى" رفع أثقال. بالتأكيد محظوظ هو الرياضي الذي ينشأ في كنف أسرة عمادها الرياضة وحب البطولات والسعي نحوها، "الأسرة لما تكون رياضية وفاهمة المطبات بتاعة الرياضة بتكون البوصلة والمحور الأساسي إن الشخص يكمل، لو هما مش موجودين كان هيبقى فيه مشكلة كبيرة جدا، فيه عائق كبير إني استوعب اللي بيحصل لو وقعت في أزمة". ولكن أراد محمد أن يغرد خارج سرب الأسرة العاشقة لرفع الأوزان الثقيلة، "محدش غيري فكر في اللعب الدولي والوصول للعالمية، كلهم اكتفوا باللعب في نادي الفيوم عندنا، لكن أنا صممت"، وليكمل مشواره الذي خطه بيديه، التحق بكلية التربية الرياضية جامعة حلوان، وتخصص في رفع الأثقال، "وبكمل ماستر، حياتي كلها في لعبة رفع الأثقال. خبرة 20 سنة في المجال، منهم 10 سنين دولي، لذلك أنا متفرغ تفرغا كاملا للرياضة". عثرات وأزمات كادت أن تعصف بحلم محمد مقتلعة إياه من جذوره، إلا أنه كان صلبا ذا عزيمة فولاذية، استطاع أن يقهرها ويستمر على خطاه،"اللعبة دي أغلب اللي بيشاركوا فيها من الطبقات المتوسطة والفقيرة، إحنا كنا منهم كتير واجهتني صعوبات أيام الثانوية"، كان "صاحب بالين"، فكيف يوفق بين مصروفات الثانوية، والمسابقات والملابس المخصصة للعب، "ربنا كا دايما معايا لأني حلمت بصدق". فرعون مصري يحلم بالذهبية في ريو دي جانيرو في سن الثامنة عشر كان على موعد مع لقب جديد وهو "أول عربي وأفريقي يحصل على ثلاث ميداليات ذهبية لحمل وزن بلغ 238، "رقم محدش لغاية النهاردة من اللاعبين الكبار يقدر يشيله، وأنا وقتها كنت ناشئا 18 سنة"، بعد انتزاع الثلاث ميداليات والوصول إلى العالمية، شارك في بطولة البحر الأبيض المتوسط عام 2008 ليحقق المركز الأول ويحصد الذهبية، التي تؤهله للقب بطل أفريقيا للشباب، بعد رفع 62 كجم في أوغندا، وحصل على المركز الأول والميدالية الذهبية، أهلته حينها للتأهل نحو بطولة العالم للشباب في 2009. "في أولمبياد الدورة الأخيرة 2016 لعبت أمام رومان وكوريين خطف ونتر، حملت وزن 182 وكان نفس الوزن اللي حمله منافسي الكوري الشمالي، مما جعلني أحصد البرونزية وليس الذهبية كما تمنيت، لكني على ثقة أنني سأحقق ما عجزت عنه في طوكيو"، يستطرد "كان ريو حلم كبير قبلها بسنتين كانت بطولات عالم وبطولات أفريقيا، وجبت ميداليات كثيرة، وكنت متعشما ألعب على ميدالية ذهب بس محصلش نصيب"، يتحدث محمد بينما يترك سرد تفاصيل مسيرته الرياضية، ليدعو إلى والده، الذي توفي وترك له أثرا لن يمحى مهما طالت السنوات، "والدي هو سر نجاحي من عشرين سنة لحد النهاردة".