الخلافات مع عشماوى كشفت المستور.. و«خلية الوادى» بداية الشقاق بين القيادات الإرهابية قبل أيام.. أصدر تنظيم "جند الإسلام" الإرهابى الموالى ل"القاعدة"، بيانا أكد فيه أنه هاجم عناصر ما يسمى تنظيم "ولاية سيناء" الموالى ل "داعش"، وكبدهم خسائر فادحة فى الأرواح والمعدات.. وتحدث البيان عن تفاصيل تلك العملية، وكيف نجح جند الإسلام فى دحر الدواعش وإجبارهم على الفرار، بعد أسر عدد منهم واحتجازهم كرهائن.. وبعيدا عن تفاصيل تلك العملية، فإن هذا البيان يؤكد وجود خلافات حادة وصراعات دامية، بين التنظيمات الإرهابية المختلفة، كل منها يرى فى الآخر "خارجا" على الدين يجب محاربته وقتله، ويشير بوضوح إلى أن هدف تلك التنظيمات الإرهابية ليس إعلاء كلمة الحق ومحاربة الباطل كما يزعمون، ولكنهم يسعون وراء المال والنفوذ، وقد زاد هذا الصراع بعد أن زادت قيمة التمويلات والدعم الذى تتلقاه من دول وأجهزة مخابرات معينة.. ترى ما تفاصيل تلك الصراعات.. وكيف تؤثر فى الحرب على الإرهاب التى تخوضها مصر حاليا.. وما مستقبل تلك التنظيمات فى ظل التناحر الموجود بينها؟ إجابات هذه التساؤلات وغيرها تحملها السطور التالية: فى البداية أكدت مصادر خاصة وجود خلافات عديدة بين قادة التنظيمات الإرهابية، أدت إلى انشقاقها ودفعتها فى كثير من الأحيان لمقاتلة بعضها البعض.. هذه الخلافات منها ما هو على الزعامة والقيادة، ومنها ما هو على الدعم المادى والأموال التى تتلقاها الجماعات الإرهابية.. المصدر استطرد قائلا: " فيما يخص الخلافات على الزعامة والقيادة، فهى موجودة منذ زمن طويل، وفى الآونة الأخيرة ظهر هذا النوع من الخلافات بوضوح، فالإرهابى هشام عشماوى بدأ رحلته فى عالم الإجرام مع رفيقه عماد الدين محمد وآخرين، عندما التقى توفيق محمد فريج واسمه الحركى " أبو عبد الله" زعيم تنظيم "أنصار بيت المقدس" وعمل تحت إمرته لفترة فى سيناء، وبعد تولى "أبو همام الأنصارى" زعامة التنظيم، كلف العشماوى بتشكيل خلية عرفت باسم "خلية الوادي" لتنفيذ عمليات عدائية بمنطقة الدلتا، وبعد مضى فترة من الوقت بدأت الخلافات تنشأ بين "أبو همام" من جهة وبين العشماوى ومجموعته من جهة أخرى، بسبب اعتناق الأخيرين لأفكار القاعدة، وفى ذات الوقت أعلن قادة "بيت المقدس" البيعة ل "داعش"، وقرر العشماوى ومجموعته الانفصال ومغادرة شمال سيناء إلى ليبيا"، تمهيدا لتكوين تنظيم جديد يكون هو قائده، واتخذ من مدينة درنة مقرا له، وهناك بدا التنسيق مع ما يسمى "مجلس شورى المجاهدين" والذى وفر له الدعم المادى واللوجيستى وأمده بالأسلحة اللازمة، لتنفيذ عمليات إرهابية داخل الأراضى المصرية".. المصدر أضاف أنه بعد فترة قصيرة اكتشف العشماوى وجماعته وجود خلافات حادة بين تنظيمى "داعش"، و" القاعدة" داخل الأراضى الليبية، على تقسيم مناطق النفوذ وتوزيع ما يسمونه بالغنائم، والأموال التى يحصلون عليها من جهات خارجية، وأدرك العشماوى أنه لن يحقق حلم الزعامة وأن وجوده فى ليبيا مسألة وقت، ومن ثم اكتفى بالانخراط فى أعمال التدريب للعناصر الإجرامية، والإشراف على تنفيذ عمليات إجرامية داخل الأراضى المصرية ومن بينها عملية "الفرافرة" التى استشهد فيها عدد من الضباط والجنود. وفى سياق متصل أكد مصدر أمنى رفض الإفصاح عن هويته، أن الجماعات الإرهابية والتنظيمات التى ظهرت خلال السنوات الأخيرة، هدفها الأساسى هو جمع الأموال والاستحواذ على مناطق نفوذ فى بعض الدول، وليس نشر الدين أو محاربة ما يسمونه ظلما كما يزعمون، ومن ثم ظهرت بين تلك التنظيمات حالة من الصراع على مناطق النفوذ والتمويلات التى تقدمها جهات بعينها، أى أن هؤلاء تحولوا إلى "مرتزقة" يعملون لصالح من يدفع أكثر.. المصدر أضاف: "بحسب المعلومات التى حصلت عليها الأجهزة المختصة، فإن هناك خلافات وصراعات حادة بين التنظيمات الإرهابية، كل منها يريد الاستئثار بأكبر قدر ممكن من التمويل والدعم اللوجيستى، وربما يصل الأمر إلى حد الدخول فى مواجهات مسلحة فيما بينها، وبات من المؤكد أن هؤلاء المجرمين، يستغلون ضعاف النفوس والمهتزين نفسيا من الشباب، ويجندونهم بحجة الدفاع عن الدين وإقامة دولة العدل، وهم فى الأساس لا يزيدون عن كونهم جماعات من المرتزقة.. هذا الانقسام بالطبع يصب فى مصلحة الدول المحاربة للإرهاب، ويسهل مهمتها فى اقتلاع جذوره، غير أن العقبة الكبرى تتمثل فى الدعم اللا محدود الذى تقدمه أجهزة مخابرات عالمية ودول، لهؤلاء القتلة وإمدادهم بالأسلحة ووسائل الاتصال والانتقال المتطورة".. وشدد المصدر على أن الفترة المقبلة ستشهد مزيدا من الصراعات والتناحر بين التنظيمات والخلايا الإرهابية، خصوصا وأنها انكشفت أمام الجميع ووضحت نواياها وأهدافها الحقيقية بعد تضييق الخناق عليها فى مختلف دول العالم، وبعد سلسلة الهزائم التى لحقت بها فى مصر وسوريا والعراق وبعض مناطق ليبيا.. واختتم المصدر - بالتأكيد أنه لا مستقبل لتلك الجماعات أو العصابات الإجرامية وأن نهايتها باتت قريبة أكثر من أى وقت مضى لثلاثة أسباب أساسية.. الأول هى النجاحات الكبيرة التى حققتها قوات إنفاذ القانون فى توجيه ضربات استباقية لها.. والثانى هو الخلافات بين تلك الجماعات والتى ستفجرها من الداخل.. والسبب الثالث وهو الأهم يتمثل فى عدم قدرتها على تجنيد عناصر جديدة بعد أن انكشفت أهدافها الحقيقية والتى لا تمت للدين بأية صلة. أما الجهادى السابق نبيل نعيم، فأشار إلى أن تمويل العناصر الإرهابية يعتمد على ما يسمى "الصدقات"، أو التمويلات من الجماعات السلفية الجهادية المنتشرة فى ربوع الشرق الأوسط، أو من خلال الغنائم التى يغتنمونها من المواجهات المباشرة التى يقومون بها، لافتًا إلى أن بعض تلك الجماعات تتناحر فيما بينها على الغنائم والتمويلات، ويتركون من خلفهم انتماءاتهم وأيديولوجيتهم، ويلهثون وراء الأموال والعدة والعداد.. هم أبعد ما يكون عن الإسلام وتعاليمه السمحة، خاصة أن البعض منهم يعد من المرتزقة يخوض المعارك والحروب من أجل المال لا من أجل رفعة الإسلام حسبما يزعمون، موضحا أن راتب المحارب وصل إلى ما يقرب من ألف دولار فى الشهر الواحد، فضلا عن الغنائم التى تدر عليهم أموالا طائلة وتحقق مكاسب مادية كبيرة.. وأضاف الجهادى السابق أن هناك بعض الجماعات تمنح وتهادى جماعات أخرى بالأسلحة بغرض غزو أكثر عدد ممكن من البلاد وإقامة وهم الخلافة الإسلامية المزعوم، فضلا عن تربحها من تملكهم لعدد من آبار البترول التى تدر أموالا كثيرة على تلك الجماعات لتعاملها مع الإسرائيليين والغرب فى بيع المواد البترولية، وفى بعض الأحيان تنشأ بينها خلافات ومنازعات على مناطق النفوذ خصوصا التى يتواجد فيها البترول.. واختتم نعيم كلامه قائلا: "تلك الجماعات تلفظ أنفاساها الأخيرة فى مواجهة الدول ذات الجيوش والمحافظة على ركائزها الأساسية فى حماية الأرض والأوطان من الخطر المحدق بها من كل جانب". وعن كيفية الاستفادة من حالة الانقسام والخلاف الحادة التى ضربت التنظيمات الإرهابية، قال الخبير الأمنى اللواء محسن حفظى مساعد وزير الداخلية سابقا: "على الجميع الاستفادة من تلك الأحداث، واستغلال الخلاف بين الإرهابيين، وكشف حقيقتهم أمام الشباب حتى لا يقعوا ضحايا لهؤلاء المرتزقة، والتأكيد على أن قادة الجماعات الإرهابية، لا يهدفون فى الأساس إلى إعلاء كلمة الدين أو فرض شرع الله كما يزعمون، وإنما يهدفون إلى تكوين ثروات طائلة على جثث الأبرياء وأنقاض المؤسسات.. أيضا لا بد من البحث عن حلول لمشكلات الفقراء والطبقات المعدمة، وزيادة الوعى لديهم حتى لا يستسلموا لإغراءات المتطرفين، أو يصابوا بحالة من الإحباط تدفعهم لفعل أى شيء، وهنا تجدر الإشارة إلى أن الأجهزة الأمنية لا تتحمل وحدها هذا العبء، ولكن هناك جهات حكومية مختلفة عليها دور كبير فى التوعية والتثقيف ونشر الفكر المعتدل، مثل وزارات الثقافة والأوقاف والتعليم والشباب والرياضة، وأجهزة الإعلام المختلفة والأزهر ومنظمات المجتمع المدنى الوطنية.