سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
"كلوت بك" من عهر الجسد إلى إسفاف الروح..أول رواية تتناول صناعة الخمور فى مصر.. بدأ كاتبها حكايته فى أربعينيات القرن الماضى.. اقترب فيها من فئات اندسرت .. وينتظر "الناسك" لفضح ظلامية المتشددين
"كلوت بك"أشهر شوارع القاهرة ، احتضن فى أربعينيات القرن الماضى أول معامل لتصنيع الخمور، التى لا تزال قائمة حتى الآن راودت تفاصيله العريقة أوراق الكاتب الشاب سمير زكى، فأخرج لنا عمله الروائى الأول حاملا نفس الاسم "كلوت بك" ولكن أضاف لغلاف الراوية علامة "للكبار فقط"، بقصد الإشارة إلى "تابو" اقترن فى ذهن المواطن المصرى بالإباحية الجسدية الجنسية ولكن نسى شيئا أهم هو عهر الروح الذى كان سلاحا فتاكا أهلك الكثيرين وبدا أخطر من عهر الجسد، تلك أحد أبعاد رواية كلوت بك التى جاءت فى450 صفحة والصادرة مؤخرا عن دار ميريت للنشر فى انتظار الجزء الثانى تحت عنوان "الناسك، لمواجهة القارئ بسؤال جديد وهو "أيهما أخطر على الإنسان العهر الجسدى أم العهر الروحى"؟!. فى رواية "كلوت بك" والتى تعد أول رواية مصرية تتناول مراحل تصنيع الخمور فى مصر اختار الكاتب فترة الأربعينات من القرن الماضى ولم يكن ذلك مصادفة وإنما أتى ذلك عبر بحث شامل فى مجال تصنيع الخمر، فبعد اندلاع الحرب العالمية الثانية وهروب العديد من الأجناس المختلفة الأوروبية إلى مصر كملجأ آمن، جعل الشعب المصرى الحر ينفتح على ثقافات عديدة ومعرفة صناعات جديدة كان منها صناعة الخمور، التى أخذت الشكل الاحترافى الاصطناعى فى تلك الفترة أبان الحرب العالمية الثانية وبدأت الحكومة المصرية وقتها تعطى التصاريح لأصحاب معامل الخمر بأن تمارس عملها بحرية على أن يتبع تقاليد الأنظمة الشرعية بالبلاد وكان أغلبهم من عينة الخواجات "يهود، يونانيين " وتعلم منهم المصريون تلك المهنة وبدأت الحدوتة ولم تنته من خلال شارع اللهو والمجون "كلوت بك"، وتلك كانت مصر الكبيرة المتسامحة المتقبلة للجميع آنذاك. كما تطرق "زكى" إلى طائفة الأرمن باعتبارها جزءا من نسيج الشعب المصرى وجدوا فى مصر منذ أكثر من مائة عام وهم يعملون فى مجالات عديدة منها صناعة الخمور ولهم جالية كبيرة فى مصر، وقد اهتمت الجالية الأرمنية بالرواية وأفردت لها مساحة خاصة على صفحات مجلتها "اريك" الصادرة باللغة العربية لأبناء الجالية فى مصر. وحتي تتحدث الرواية عن تصنيع الخمور فى مصر بشكل أقرب إلى التوثيق من السرد كان لابد من وجود علاقة شخصية مع بعض عائلات تلك المهنة وليس جميعهم وهذا ما فعله صاحب "كلوت بك" حين تقرب من هذه العائلات ولكن لم يتبق منها الكثير بفضل تعنت النظام السابق فى إصدار التراخيص وحكرها على أناس بعينهم لأسباب سيتطرق لها الكاتب فى الجزء الثانى "الناسك"، لذا كان هناك علاقة وطيدة ساعدت فى تعلم أسرار المهنة وأخطارها، بعد أن اكتشف "زكى" أنه لم يتطرق أحد فى التاريخ إلى تلك الصناعة التى تدر على الحكومة المصرية الملايين من الجنيهات، ولم يتطرق أحد إلى ظهورها أو الحديث عن العاملين بها ومعاناتهم فى الآونة الأخيرة وكانت من هنا فكرة رواية كلوت بك. أما الجزء الثانى من الرواية "الناسك" هو الجزء الذى يتناول الأيام الصعبة التى عاشها المصريون وبالأخص طائفات معينة فى الشعب المصرى مع ظهور الجماعات الإسلامية الجهادية المتشددة ومحاولة فرض سيطرتها على الدولة المصرية عن طريق القوة والإرهاب، وظهور سطوة الطوائف المسيحية ورجال الدين فى التعنت أمام أبناء مهنة صناعة وتجارة الخمور ولذا الجزء الثانى هو صراع الأحفاد "الناسك". ومن أجواء الرواية نقرأ: -"نحن لا نعبئ إلا ماء فى ماء ومن تاجر فى الماء لا يخسر أبداً... لكن تظبيط العمل فى مهنتنا مهم جداً... لذا نحتفظ بجودة خمرتنا ومذاقها وسط المنافسين الذين فى السوق. - الخير للكل فى النهاية، لكن بحسب مقداره لكل شخص، والسمة لذلك العصر حاله الرضا العام التى تملأ الجميع فالموظف مثل العامل مثل رجل الأعمال مثل التاجر مثل البقال مثل كناس الشارع، من أحط الطبقات إلى أعلى المناصب والدرجات الكل يشعر بالرضا والخير موجود. - مصر فى الصباح كالعادة كل يوم لكن هذا الشارع له ما يميزه، أنك صباحاً وفى عز النهار ستجد منظرا غريبا لكنه ليس غريبا لأهل منطقته، النساء تفترش التيلتوار فاردة رجلها فاتحة إياها على مصراعيه والجلباب يغطيها وأمامها مبخرة، تدعى قائلة... يا كريم ارزقنا بزبون يكرمنا من رزقك. - كل عاهرة جالسة برخصتها ومبخرتها، أمام أحد الأعمدة أسفل البواكى ولا تقدر واحدة أن تتعدى على الأخرى وإلا أصبحت جناية ومشكلة كبيرة تتدخل فيها الثُمن أو كما يطلق عليه الآن قسم البوليس الذى يرعى كل هؤلاء ولا يريد مشاكل مع أحد أو من أحد.