قاسم عبده: الصين تسرق الفولكلور المصرى والعالمى عز الدين نجيب يطالب بإنشاء هيئة قومية لحماية التراث «التراث والفلكلور الشعبى يشمل الحكايات والأشعار الشعبية والمأثورات والأساطير والتعبيرات الموسيقية والتعبيرات التشكيلية بالألوان والنحت والخشب».. هذا هو نص الفقرة السابعة من المادة 138 من قانون حماية الملكية الفكرية رقم 82 لسنة 2002، وتنص المادة 142 على الحد الذى يتمتع به الموروث من الحماية، حيث يعتبر الفلكلور الوطنى ملكية عامة للشعب، وتباشر الجهات المختصة حمايته ودعمه. هناك اتفاقيتان صدرتا عن المنظمة الدولية للملكية الفكرية «وإيبو» عام 2003 تحت عنوان «اتفاقية بشأن حماية التراث الثقافى غير المادى»، والأخرى بعنوان «حماية وتعزيز تنوع أشكال التعبير الثقافى»، وتهدف الاتفاقيتان إلي الحفاظ على الإرث الثقافى الشفاهى والحركى لكل شعب، وحمايته من الزوال، بحجة التقنية والعولمة والاتصالات، وأيضاً لإتاحة الفرصة للعالم لإبراز ما لدى كل شعب من تراث شعبى ينتقل من جيل إلى جيل، والتأكيد على حق الشعوب فى ملكية تراثها، أى إخضاع التراث الشعبى غير المادى للشعوب لقانون حق الملكية الفكرية الذى تنادى به «وايبو».. وبالرغم من هذه المواد وهذه القوانين وهذه الاتفاقيات الدولية إلا أن التراث الشعبى للدول لا يزال مستباحاً، والتراث المصرى بصفة خاصة مستباح فى جميع دول العالم. الفنان عز الدين نجيب - رئيس جمعية أصالة لرعاية الفنون التراثية- يؤكد أنه لم يعد أمام المصريين حالياً إلا تراثهم الثقافى ليكون عاصما لهم من الاجتياح الذى تمثله العولمة، مشيراً إلى أننا أصبحنا نعيش عالة على الإنتاج العالمى، فى حين أن منتجاتنا أصبحت تقلد وتصدر لنا من دول جنوب شرق آسيا والصين خاصة، والدليل على ذلك صناعة فانوس رمضان وعروس المولد وسجادة الصلاة وغيرها من الموروثات التى تمثل التراث الشعبى ، مطالباً بضرورة إنشاء هيئة قومية لحماية التراث من السرقة والاندثار، ويكون لهذه الهيئة لائحة وقانون مستقل. ويطالب الدكتور مرسى الصباغ - الأستاذ بكلية الآداب بجامعة الفيوم - بالاهتمام بالموروث الشعبى اعترافا بقيمته ومكانته فى حياة الأفراد، وتوثيقه لحمايته، داعيا جامعة قناة السويس التى يعتبر محافظاتها مجتمعات ثرية جداً بالتراث والموروث الثقافى مثل الإسماعيليةوالسويس وبورسعيد وشمال وجنوبسيناء وغيرها من المحافظات الملاصقة لإسرائيل التى تسطو أولاً بأول على موروثاتها الثقافية، إلى جمع مادة التراث وإنشاء مركز ثقافى لجمع المعلومات الفولكلورية فى مختلف صورها «حرف - آثار - أمثال شعبية - منتجات - عادات». وتري الدكتوره نوال المسيري أستاذ الأنثروبولوجيا بالجامعة الأمريكية بالقاهرة أن المأثورات الشعبية تجد اهتماما عالميا كبيرا، بدليل أن منظمة اليونسكو أنشأت قسما جديدا يطلق عليه الموروث الثقافي غير المادي، بالإضافة إلي الاتفاقية الدولية لصون التراث الثقافي غير المادي التي صدق عليها ما يزيد علي مائة دولة، بالإضافة إلي الموروث المادي الذي يضم مفاهيم اجتماعية مادية، أما علي المستوي المحلي والداخلي فالمأثورات والتراث الشعبي لا يجد اهتماما مع تصاعد الأزمات الداخلية وتعقد المشكلات وهذا ما نعانيه في وقتنا الحالي. اما الدكتور قاسم عبده -أستاذ تاريخ العصور الوسطي بجامعة الزقازيق - فيوضح أن كلمة الفولكلور في المفهوم العام بالماضي هو الموروث الشعبي، وهذا موروث عن أجيال مضت لذلك فالحديث عن الفولكلور في المستقبل أمر قد تحوطه المخاطر الفكرية والمنهجية، وإذا كان التراث أخذ يتمدد علي مساحة واسعة من الفكر والإنجاز الإنساني، فقد تفرغت الدراسات التاريخية بشكل واسع، بحيث صار لدينا ما يسمى بالتاريخ المرئي، إلي جانب التاريخ الشفاهي، وأتساءل: هل تتيح وسائل الإعلام المختلفة والوسائط الإلكترونية الخصوصية الثقافية للجماعة الإنسانية لإنتاج ثقافي شعبي خاص بها علي كل المستويات؟ وهل تؤدي عولمة السوق إلي تداخل المنتج وتراجعه وسرقته علي نحو ما يفعله الصينيون الآن، عندما يقلدون المنتجات الشعبية في جميع أنحاء العالم وعلي رأسهم مصر؟ ويرى الدكتور أحمد شمس الدين الحجاجى - أستاذ الأدب الشعبى والمسرح- ضرورة صدور قانون شامل للملكية الأدبية والفنية وقانون حق المؤلف لحماية الملكية الفكرية الشعبية والتقليدية، خاصة فيما يخص شرط التثبيت المادى، فالحماية بموجب حق المؤلف طريق وعر ومسدود فى بعض الأحيان، وذلك لأسباب، منها صعوبة تحديد أصحاب حق المؤلف «القبائل والشعوب القديمة»، وقصور الحماية بموجب حق المؤلف على أشكال التعبير الأصلية فقط دون أن تشمل الأفكار والأنماط فى حد ذاتها، مما قد يؤدى إلى إغفال بعض الجوانب التى تهتم بها المجتمعات التى ظهرت فيها تلك الأشكال، خاصة أنه ليس هناك ما يمنع الغير من الأخذ بأساليب بعض المجتمعات واستغلالها لأغراض تجارية دون تصريح، والاستثناء الوحيد فى ذلك هو بعض التجليات الفلكلورية وهى مسجلة ومقيدة فى مجال حق المؤلف. أما الكاتب يسرى الجندى، فيرى أن التراث الشعب ملك للشعب، لذلك يعاد تدويره من خلال المسرح والتليفزيون والسينما والكتاب ليتداوله الشعب مرة أخرى، ومسألة حقوق الملكية الفكرية فيما يتعلق بالتراث الشعبى هو أمر صعب بطبيعته، لأن الملكية عامة، ومن يستلهم الموروث هو أحد ملاكه.