يسمونها «ثقب أسود» ، فى حين أنها البقعة الأغلى فى الوطن، فكل حبة رمل من أرضها ارتوت بأغلى ما فينا، بدماء أبناء مصر، لاستعادة عزتها وكرامتنا، وكل يوم يزداد القلق عليها من أن يصيبها مكروه، من عيون الطامعين وهم كثر، من حكومة ورئيس لا يعنيهم فيها إلا الاطمئنان على سلامة حلفائهم، سواء كان إسرائيل أو حماس، ويزداد الخطر على سيناء بسبب انتشار الجماعات الجهادية بها، وفشل الحكومات فى أن يكون لها تواجد حقيقى على أرضها. الناشط السيناوى مسعد أبو فجر يؤكد ان سيناء بلا حكومة، وبها مجموعة من القبائل يتعايشون سويًا وفقًا للعادات والتقاليد، أما الجماعات الجهادية فلا علاقة لهم بالقبائل وإنما يحيون وحدهم، فهم جيش الرئيس محمد مرسى الذى يريد أن يكون هذا الجيش «موازيًا» ليستخدمهم لحظة انقلاب الجيش عليه. وأضاف الناشط السيناوى: إن هؤلاء الجهاديين لا يقتربون من أهالى سيناء، فالجميع فى سيناء مسلحون، حتى «الحريم»، جميعهم يعيشون ويتعايشون سويًا تحت اتفاقيات غير مبرمة، ولكن كل منهم يعرف حدود الآخر، وأوضح أن تلك الجماعات تعتمد فى تمويلها الأساسى على حركة حماس التى ترعاهم، ليكونوا الجيش الذى يحمى حكم الرئيس، مؤكدًا أن تلك الاتفاقيات بعلم الجميع ، بل يشارك فيها الجيش والشرطة وهى اتفاقيات ضمنية، يعرف كل منهم حدوده فيها ، ولن يجرؤ احد على التعدى على الآخر ولن يستطيع. وقال «أبوفجر»: إن تلك الأوضاع وتلك الجماعات لا تخيف أهالى سيناء، فنحن قادرون على حماية أنفسنا، وتلك الجماعات لا تستطيع أن تتعدى علينا. ونفى أن يكون حدثت أى تنمية فى سيناء منذ تولى الرئيس مرسى، مشيرًا إلى أن النظام السابق كان يحجم نشاط حماس ويتعامل معهم من خلال جهاز المخابرات، أما الآن فقد حصلت حماس على سلطات كبيرة للغاية.الدكتور رفعت سيد أحمد - مدير مركز يافا للدراسات والأبحاث- يؤكد ان سيناء فى خطر، هذا هو الأمر الذى يجب أن نضعه جميعًا نصب أعيننا فى هذه الفترة إذا كنا فعلًا نريد أن ننقذها، فسيناء تقترب من الانفصال عن مصر، وتهدد أمننا القومى، وأوضح أن ذلك لوجود خمس مجموعات مسلحة تتعامل مع الموساد وهى: السلفية الوهابية، والتوحيد، والجهاد، والتكفير والهجرة، وأصحاب الرايات السوداء، وهم من قتلوا جنودنا فى رفح بدعم من الموساد. وأضاف أن الجيش المصرى فى وضع لا يحسد عليه، فهو لن يستطيع تغطية مساحة سيناء بأكملها، كما أن اتفاقية كامب ديفيد تكبله من حيث تواجد السلاح فى سيناء، ولهذا اصبحت سيناء مرتعًا لتنظيم القاعدة. وقال «سيد أحمد»: إن النظام السابق كان يعتمد على الإرهاب المنظم ضد هذه الجماعات، بالإضافة لاعتماده على شيوخ القبائل، أما النظام الحالى فيداه مرتعشة، يخاف أن يتخذ قرارًا حاسمًا ضدهم فيتسبب فى غضب الاسلاميين الموجودين منه فى القاهرة مثل جماعة حازم أبوإسماعيل فلا يعطوه أصواتهم فى الانتخابات ، لأنهم جميعًا متصلون بعضهم ببعض، أما النظام السابق فكان يقمعهم. وأكد مدير مركز يافا أننا بهذه الطريقة سنجد سيناء تحولت لمرتع للخارجين عن القانون، وهو ما سيأتى فى مصلحة العدو الصهيونى، صحيح أنه سيكون أمام العالم أمنه فى خطر، ولكنه سيتخذ ذلك ذريعة لكى يأخذ من سيناء من 10 إلى 15 كم وعلى امتداد شريط حدودى 250 كم، لبناء الشريط العازل تحت دعوة أنها خطر على أمنه القومى. وقال «سيد أحمد»: إن الجماعات المتطرفة لا تقتل العدو وإنما ولاؤها له، ورصاصاتها لا تتوجه إلا إلى صدور المصريين ، مثلما فعلوا مع جنودنا فى رفح، وهذه الأسلحة تزداد يومًا بعد الآخر بعد الوضع الأمنى المنفلت ، خاصة على الحدود مع ليبيا، وسيكون مصير تلك الأسلحة أن توجه إلى صدور جيشنا. وأوضح اللواء ممدوح زيدان - خبير إدارة الأزمات السابق بالقوات المسلحة : إن هناك أطماعًا للامتداد داخل سيناء من جهة إسرائيل وحماس ، ليكون جزءًا من سيناء هو امتداد لتوسيع قطاع غزة، وتلك الأطماع يجب مواجهتها من خلال تنميتها وتأمينها جيدًا ونشر ثقافة الانتماء لمصر، وأكد أن التأمين يكون عن طريق الشعور بالأمن ، ليكون الدافع لنجاح الاستثمار فيها، ولابد من القضاء على الأنفاق الموجودة بين قطاع غزة ومصر ، لأنها أولا غير قانونية وثبت أنها أيضًا تستخدم لتهريب الأسلحة ، ودخول أعضاء التنظيمات الإرهابية التى تهدد أمننا . واقترح زيدان انشاء حزام من الأرض غرب الحدود المصرية الفلسطينية وبعمق 10 كم داخل الأراضى المصرية يمنع فيه البناء وتحدد هذه المسافة وتعرجاتها ونقاطها طبقًا لرأى القوات المسلحة ، وتتم إزالة جميع المنشآت المجاورة لخط الحدود فى هذه المنطقة، مع تعويض اصحابها تعويضًا مناسبًا ، سواء بأرض بديلة داخل سيناء ، او بتكلفة إعادة البناء ، ولذلك يجب إشراك الأهالى المتضررين في عملية تقييم التعويضات وتحديد نوعها ، مع توعيتهم قبل كل ذلك بأهمية هذا الإجراء للأمن القومى ولأمنهم هم شخصيًا، وقال : هذا الرأى لايضر الشعب الفلسطينى، لان المعابر الرسمية موجودة ومفتوحة. ويرى الناشط السيناوى سعيد اعتيق أن الغرض من عودة استهداف الشرطة هو أن تظل سيناء ملتهبة لخدمة مشروع الخلافة الإسلامية، فمع وجود شرطة تطبق الأحكام المدنية فلن يتم الاحتكام إلى الشريعة، وأكد أنه إذا عادت الشرطة من جديد فهذا يعنى أن الأنفاق ستغلق وإذا أغلقت الأنفاق انتهت حماس - الجناح المسلح للإخوان فى غزةوسيناء - ويوجه «اعتيق» رسالة إلى الرئيس مرسى قائلًا: «إذا أردت السلام مع إسرائيل فاعلم أن كلمة السر مع أبناء سيناء وأنه لن يتم ذلك على حساب تهميشهم». أما الشيخ زايد الهشة شيخ قبيلة الهشة بسيناء فيتمنى عودة الشرطة اليوم قبل الغد، وأكد أن من يقوم بمداهمة الشرطة هم عناصر خارجية لا يستبعد أن تكون تابعة ل «حماس»، وبسؤاله عن التنظيمات الجهادية المتواجدة فى سيناء والتى أطلقت مؤخرًا صاروخين من طراز جراد على إيلات أنكر ذلك تماما قائلًا: «لماذا نضرب إسرائيل بالصواريخ ؟» وتابع: «هناك أياد خارجية تعبث فى أمن مصر كى لا تهدأ أبدًا». وأضاف الشيخ عارف أبوعكر- شيخ قبيلة العكور- أنه يجب على ضباط الشرطة قبل أن يأتون إلى سيناء أن يأخذوا «كورس» فى كيفية التعامل مع أهل البادية واحترام عاداتهم وتقاليدهم الخاصة، فطبيعة البدو تختلف عن طبيعة الحضر، وبخصوص التنظيمات الجهادية التى تزعم أنها موجودة فى سيناء أنكر وجودها تمامًا، مؤكدًا أنه لا يسمع عن هذه التنظيمات إلا من الإعلام، لكنه أقر بأنه قد يتسلل إلى سيناء عبر الأنفاق بعض العناصر الإجرامية لكنهم ليسوا من أبناء سيناء. وبسؤالنا لأحد ضباط الجيش الموجودين بأحد الأكمنة بمدينة الشيخ زويد عن هذه التنظيمات قال: «منذ وقت قريب خرجت مجموعة من المسلحين بسياراتهم وطافوا المدينة فى طابور طويل تكاد لا ترى نهايته، وقاموا بإطلاق الأعيرة النارية فى الهواء استعراضًا لقوتهم وكانوا يكبرون، مما أصاب سكان المنطقة بالفزع»، وبالطبع لم نتصادم بهم؛ لأن مهمة الجيش هنا هى حماية عناصر الشرطة وليس من دورنا الاشتباك مع أحد كى لا تحدث مجزرة. والسؤال هنا إذا كان فى سيناء تنظيمات جهادية، فأين هى نتائج العملية « نسر» التى كان يشرف عليها الرئيس مرسى بنفسه ؟ وإذا لم يكن هناك هذه التنظيمات فما هوية هؤلاء الملثمين؟ وإلى متى ستظل سيناء فوق صفيح ساخن ؟