المهندس هاني أبو ريدة من الشخصيات الرياضية التي سوف يذكرها التاريخ طويلا لمشواره الرياضي الحافل، لكن نظرا لأنه يعمل في صمت ودون ضجيج أو ظهور إعلامي فإنه من وجهة نظري لم يأخذ حقه الذي يستحقه عن جدارة، لأنه رجل دولة بكل ما تحمله الكلمة من معاني وقائد يستحق التقدير والاحترام، وقد يظن البعض أن هذه الكلمات من باب المجاملة أو أن كلمات الإطراء للتزلف لكن لا والله، فتاريخه الرياضي مسجل بأحرف من نور في الإدارة الرياضية، وقد رأيت أن من الواجب أن أكتب مقالتي الأسبوعية عن كيف وصل المهندس هاني أبو ريدة لكي يكون أبو ريدة العالمي؟ وكيف نقل الكرة المصرية إلى العالمية؟ والقارئ عليه أن يدقق في هذا النموذج الذي يجب أن يحتذي به الشباب الذي يريد أن ينجح. بدأ أبو ريدة ابن محافظة بورسعيد الباسلة، حياته المهنية كلاعب بالنادي المصري، حتى جاءت حرب 1973 ليتوقف النشاط الرياضي ويتم تهجير أبناء بورسعيد، توقفت مسيرة أبو ريدة كلاعب لكن حبه للرياضة وكرة القدم ظل حاضرا وبقوة، فتم تعينه رئيس منطقة كرة القدم ببورسعيد، ثم تدرج فأصبح عضوا بمجلس إدارة الاتحاد المصري لكرة القدم، ثم أمين صندوق ثم نائب رئيس الاتحاد ثم رئيس الاتحاد المصري لكرة القدم، هذا على المستوى المحلي على المستوى الأفريقي، فكان عضو المكتب التنفيذي للاتحاد الأفريقي عدة دورات، وعلى المستوى الدولي كان عضو المكتب التنفيذي للاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) عن قارة أفريقيا عدة دورات أيضا، وهذا لثقة الاتحادات الأفريقية بكفاءة.. أبو ريدة في الإدارة الرياضية على المستوة العربي نائب رئيس الاتحاد العربي لكرة القدم، ولأول مرة تتفق الاتحادات العربية بالإجماع على اختيار أبو ريدة، لكن هناك نجاحات كثيرة خلال هذا المشوار فقد كان أبو ريدة مشرفا على المنتخبات منذ اختياره عضوا في اتحاد الكرة عام 1991، ولأول مرة في تاريخ الكرة المصرية يحصل منتخب الناشئين على الميدالية البرونزية، وأبو ريدة مشرفا على المنتخب عام 2001 منتخب الكابتن شوقي غريب ومن قبله منتخب رود كرول، ومن جانب آخر كان أبو ريدة رئيس اللجنة المنظمة لبطولة كأس الأمم الأفريقية، التي أقيمت في مصر عام 2006 التي حصلت مصر على البطولة ومن قبلها مديرا لبطولة كأس العالم للناشئين التي أقيمت في مصر عام 1997، ومن بعدها رئيس اللجنة المنظمة لبطولة كأس العالم للشباب التي أقيمت في مصر عام 2009. وقد حصل أبو ريدة على وسام الجمهورية من الطبقة الأولى من رئيس الجمهورية الأسبق تقديرا لدوره المتميز في الإدارة الرياضية بعد البطولات الأفريقية التي حصل عليها المنتخب 2006/2008/2010.. كما اختير أبو ريدة ضمن لجنة تطوير ال«فيفا» بعد أن تولى جياني الفنتينو رئاسة الاتحاد الدولي تقديرا لخبرة ومكانة أبو ريدة الدولية كواحد من ضمن 24 فقط من اللذين يحكمون الكرة في العالم متفوقا على أسماء شهيرة يشار إليها بالبنان. وقد كانت مواقف أبو ريدة التي لا يعلمها الجميع داخل الاتحادين الأفريقي والدولي مشرفة، فقد كان مساندا للأندية المصرية في البطولات الأفريقية، خصوصا ما كانت تتعرض له هذه الفرق من عقوبات بعد 25 يناير، وتوضيح الأمر في الاتحاد الأفريقي، بالإضافة إلى منتخب مصر في هذه الفترة. وكما ذكرت أن هاني أبو ريدة رجل دولة ولا يسعى للمناصب لكنها هي التي تطلبه، ففي عام 2012 أثناء حكم الجماعة الإرهابية لمصر ترشح أبو ريدة على منصب رئيس الاتحاد المصري لكرة القدم، لكنه استبعد بزعم بند الثماني سنوات، رغم أنه قانون لا ينطبق عليه، إلا أنه فضل عدم اللجوء للقضاء مفضلا مصلحة مصر على مصلحته الشخصية، لأنه يعلم أن اللجؤ للقضاء في هذا الشأن مخالف للوائح، وفضل الابتعاد، لكن كان منتخب مصر في هذه الفترة يخوض التصفيات المؤهلة لكأس العالم، وقد خرجت مصر بالفعل منها وجاءت التصفيات الجديدة المؤهلة لروسيا 2018، ووجد أبو ريدة أن هناك مشكلات قد تعوق مسيرة المنتخب، خصوصا بعد التخبط الإداري بعد المباراة الودية في الإمارات، فقبل أن يكون مشرفا على المنتخب قبل أن يكون رئيس للاتحاد ولم ينظر إلا لمصلحة مصر قبل مصلحته.. ومنذ ذلك التاريخ -الذي قبل فيها مهمة الإشراف- وجد جهاز المنتخب مظلة حماية وفهم شديد من أبو ريدة، مما أسهم في وصول منتخب مصر لبطولة أفريقيا التي غابت عنها مصر ثلاث بطولات، بل الأكثر من هذا وصول مصر للمباراة النهائية نتيجة قيادة أبو ريدة الإدارية التي لا يراها البعض، لأنه يعمل في صمت ويترك أعماله الخاصة ليكون متواجدا بصورة دائمة، من أجل توفير كل ما يحتاجه المنتخب. ثم كان انتخابه رئيسا للاتحاد في أغسطس 2016 مشرفا بسبب فارق الأصوات بينه وبين منافسيه، ومنذ اليوم الأول سعى أبو ريدة لإنهاء مشكلة ملاعب إقامة مباريات الدوري، وكذلك صرف مستحقات الحكام، والبدء في بناء مبنى إداري جديد في 6 أكتوبر ليكون عالميا ليليق بمكانة مصر، وعلى المستوى التسويقي لأول مرة تكون هناك مزايدة لبيع حقوق البث لأندية القسم الثاني بمبلغ كبير، حرصا منه على مصلحة هذه الأندية ومساعدتها في مسيرتها، ثم مزايدة الحقوق التجارية للاتحاد بمبلغ كبير جدا يفوق ثلاثة أضعاف ما كان يدخل للاتحاد سابقا في السنة الواحدة، ثم بإدارته وصبره وتحمله الكثير وصمته وتواضعه الجم الذي يعطيه الله عليه ما يستحقه، وتواجده المستمر مع المنتخب تحقق الحلم الذي كان يراود ويحلم به المصريون. أجيال كثرة من 27 عاما لم ترَ منتخب مصر في كأس العالم، فقد حقق الله للمصريين حلمهم بإدارة أبو ريدة الذي يستحق التهنئة، وهذا النموذج الفريد يستحق أن يكون أبو ريدة العالمي، لأنه نقل منتخب مصر والكرة المصرية إلى العالمية.. هذا قليل من كثير لكن لا يتسع المقال لذكره، لكن لا أستطيع إلا أن أقول شكرا أبو ريدة.