- يا عارف بيه سعادتك مش محتاج أي حاجة خالص من اللى معاليك ناوى تعمله ده؛ حضرتك ما شاء الله.. مال، وجمال، ومركز مرموق، وأصل عريق، إيه بس اللى منغص عليك حياتك ومخليك عايز تعمل البلاوى الزرقا دي!! إيه اللى ناقص حضرتك بس؟!! هكذا تحدث مندور المستكاوى إلى مديره في العمل وولى نعمته عارف الخربوطلي، مستنكرا ما ينتوى الإقدام عليه، ليرد عليه الأخير متعجبا: أنت بتقول إيه يا مستكاوى أفندي؟ طبعا ناقصني... وناقصنى كتير كمان!!، ناقصنى إنى أكون صاحب نفوذ والناس كلها ما تقدرش تكسر لى أي كلمة أنطق بيها، ومش كده وبس.. دول لازم يتمنوا إنى أأمرهم بأى حاجة عشان ينفذوها فورا؛ ولابد يعملوها وهم آخر انبساط وهايطيروا من الفرح كمان..، تخيل معاى كده إن أي أمنية ليك تتنفذ قبل حتى ما تفكر فيها، الناس كلها خايفة منك، زعماء وحكام العالم بيستشيروك قبل أي قرار؛ عشان كده أنا من النهار ده اسمى الشيخ عارف الفلكي، أو العالم الروحانى الكبير عارف الخربوطلي مندور المستكاوى بمزيد من التعجب والاندهاش: طيب ما الفلوس ممكن تعمل لمعاليك كل اللى نفسك فيه ده، وبعدين سعادتك ما قلتليش ربنا فتح عليك أمتى في موضوع الروحانيات والفلك والعلوم اللدنية دي؛ عشان تقدر تنفذ كل طلبات الناس وتقرالهم بختهم أو طالعهم؟! عارف الخربوطلى بثقة شديدة: بالنسبة لحكاية الفلوس؛ أكيد هنحتاجها في موضوعنا ده، أما أنا هأعمل كده إزاي.. فانت هتكون دراعى اليمين في كل اللى هعمله يا مستكاوي، وأنا لولا ثقتى الشديدة فيك وإنى عارف ومتأكد إنك طول عمرك متربى في بيتنا ولحم كتافك أنت وعيلتك كلها من خيرنا ما كنتش قلت لك على السر الخطير ده أو وضعت ثقتى الكبيرة دى فيك... المستكاوى وقد تشعلق حاجباه في سقف جبهته: أنا؟!! أنا يا بيه!! إزاى ده هيكون بس!! هو أنا أعرف حاجة في الفلك أو غيره؟!! عارف الخربوطلى بهدوء شديد: ولا حاجة... أنت وكام راجل من اللى أنت بتثق فيهم هتعملوا كل اللى أنا أقول لكم عليه، وأنت اللى هتكون في الواجهة يا مستكاوي، لو حد منهم عرف سكتى رقبتك هتكون الثمن.. واخد بالك؟!! المستكاوى وقد بدأ يدرك ما هو مقبل عليه: بس إحنا كده يبقى بنشكّل عصابة يا باشا.. مش فلك ولا دياوله ومعاليك هتكون الراجل الكبير كمان... الخربوطلى مؤيدا: وليكن.. تسميها عصابة.. تسميها مافيا.. زى ما أنت عايز سميها، المهم تخطفوا اللى أقول لكم عليه، وتقتلوا اللى أكلفكم بيه، وتحرقوا وتسموا مواشى وتجمعوا لى معلومات عن كل اللى عايز يقابلنى أو يستشيرني، لأنى هقول له هيحصل لعدوك كده، بعد ما تاخد الحجاب ده، أو ترش الميه دي، وتعلق الورقة دي.. وهكذا، وإحنا من تحت لتحت اللى هنكون بنعمل كل حاجة؛ عشان كده عمرنا ما هنكون كدابين وبكده شهرتنا هتزيد وفلوسنا هتكتر، ونفوذنا هيشمل البلد كلها ويمكن البلاد اللى جنبيها كمان؛ المهم تشدوا حيلكم أنتم وما تخيبّوش ولا مرة واحدة.. أنت فاهم!! ينفذ المستكاوى أوامر الخربوطلى بدقة شديدة؛ بينما يصبح الأخير العالم الفلكى الأبرز كما تمنى أن يكون؛ إلى أن تأتى لاستشارته في يوم مشئوم أرملة طروب لتسأله عن قاتل زوجها الذي كان الذراع الأبرز لرجل ُطلب من الخربوطلى أن يوقف حاله تماما، وهو ماحدث بالفعل بعد مقتل زوج المرأة الذي لم يكن الخربوطلى يعلم عنه شيئا، فقد نفذ المستكاوى ورجاله كل شيء وأبلغوه بالنتيجة، تعطيه الأرملة أثرا من ورقة حال لونها بعدما اصطبغ بدم زوجها المغدور وتطلب من الخربوطلى أن يقتل الساحر الذي طلسمها معقورا بأنياب الكلاب، جزاء لما فعل بعدما علمت أنه يقيم في نفس الشارع الذي يسكنه الخربوطلي، يطمع عارف في المرأة ويلبى لها طلبها فورا، مناولا المستكاوى الورقة ليشمها الكلب العقور شهبور ويفتك بصاحبها، ويحقق أمنية المرأة المكلومة، ليحيل المستكاوى بدوره الموضوع برمته لأبى الليل الذي كان يظن أنه يعمل لحساب المستكاوي، معتقدا أنه هو الرجل الكبير، وبينما كان الخربوطلى يهم بركوب سيارته ليبشر الأرملة بموت غريمها بنفس الطريقة التي تمنتها، طالبا إياها على المحمول؛ كانت هي تجيبه مكررة : ألو..ألو... لتفاجأ بصرخاته المرعبة المتلاحقة التي خفتت مع الوقت؛ بعد أن مزق شهبور أمعاءه بأنيابه الحادة؛ ويتضح جليا للجميع إثر هذه الحادثة الأليمة أن عارف "ما كانش يعرف حاجة خالص؟!!".