بحكم الطيبة التى يتصفون بها، استقبل المصريون مساعدات قطر المالية حتى ولو كانت فى شكل ودائع بحسن ظن، ويوما بعد يوم تعاطت الإدارة القطرية بإيجابية مع أحضان الرئيس مرسى، بما أراده من مليارات الدولارات، واستبشرالشعب المصرى خيرا بموافقة أمير الدولة الشقيقة الشيخ حمد بن خليفة على شراء سندات مصرية بقيمة 3 مليارات دولار، ليرتفع حجم الأرصدة القطرية فى الاحتياطى الأجنبى لمصر إلى نحو 8 مليارات دولار، وهو الرقم الأكبر فى الاحتياطى الأجنبى لمصر حاليًا.. هذه الفرحة كان لها ما يبررها، باعتبار أن مقابل هذه السندات له انعكاسات ايجابية على الاقتصاد المصرى، فى مقدمتها خفض سعر الدولار الذى عانت من اشتعاله البلاد فى الفترة الأخيرة، وارتفاع مؤشرات البورصة . لكن الحقيقة أن الموافقة القطرية تحمل فى طياتها جبلا من الجليد يخفى أكثر مما يظهر، فهى مشروطة بالحصول على معلومات غاية فى السرية تخص القوات المسلحة، وتمس الأمن القومى المصرى . مصادر خاصة أكدت أن المطالبات القطرية موجودة الآن على مكاتب مسئولى جهات سيادية عليا، من أجل بحثها قبل الرد على إدارة الشيخ حمد بن خليفة . " فيتو" استطاعت الحصول على المذكرة السرية الخاصة بالمطالب القطرية، والتى تكشف حقيقة اتفاقات وشروط ما تحت الترابيزة، قبل موافقة الشيخ حمد على الاكتتاب فى السندات الدولارية للحكومة المصرية . قطر لم تكتف بطلب المعلومات التى جاءت فى 13 ورقة كاملة، بل احتفظت لنفسها بالحق فى طلب المزيد من المعلومات الإضافية إذا رأت ذلك فى أى وقت، وفقا لما جاء في المذكرة السرية التي اعدتها وزارة المالية، ووزعتها علي الهيئات المعنية للإجابة علي ما جاء فيها من أسئلة طلبها فريق المحامين الدوليين ممثلا للجانب القطري الشروط القطرية لشراء السندات المصرية شملت الحصول على معلومات غاية فى الخطورة فى مختلف المجالات، لكن المصيبة الأكبر التى أذلت مصر على يد جماعة الإخوان المسلمين، هى طلب قطر موافاتها بمعلومات عسكرية سرية وتمس الامن القومي المصري، فضلا عن المعلومات الخاصة بالتعاون فى مجال التسليح فكان سؤالها الصادم عن حجم القوات المسلحة المصرية، والمعاهدات الدفاعية المشتركة التى وقعتها مصر مع دول أخرى فى سبيل الحفاظ على أمنها. وتطرقت الإستفسارات إلى المشكلات الحدودية المصرية المثارة فى الفترة الأخيرة. الفريق القطري الذى قدم المذكرة سأل عن بند «البنية السكانية والاجتماعية»، وكانت الأسئلة عن الزيادة السكانية للمصريين, ونسبة الزيادة المتوقعة, والتركيز علي النسبة المئوية لعدد السكان تحت سن 18 سنة، وتوقعات الحكومة بشأن زيادتها.. إلي جانب طلب معرفة درجة كفاءة الجنسين في مصر، والعنصرية التي تواجههم, وتوزيع الثروة والمستوي الاجتماعي والاقتصادي، والتي تؤثر علي البيئة السياسية والاجتماعية . كما تطرق الفريق القطري للسؤال عن البطالة الحالية والمتوقعة في مصر, وخطط الحكومة لاستيعاب الزيادة السكانية الحادة, وضغطها علي المستوي المالي والاجتماعي نتيجة لزيادة البطالة. ولم تنس إمدادها بالمعلومات الخاصة بسوق العمالة، واتحادات العمال ، وإخطارها بالتطورات التي تحدث في العلاقات القومية للعمال, وحددت ما إذا كانت الحكومة تتوقع حدوث إضرابات عمالية وتعمل علي إيقافها, ومدي التعاون بين والمنظمات التجارية .. كل هذه الأمور تغريد خارج السياق لفريق جاء للإطلاع فقط علي تفاصيل الشأن المصري . قطر طلبت أيضا المقارنة بين البطالة في مصر وجنوب إفريقيا ودول الشرق الأوسط , وكذلك معلومات تفصيلية حول مستوي الدخول المتوقعة في القطاع الخاص والعام ، مطالبين فى الوقت ذاته بإمدادهم بمعلومات عن نظام المعاشات والضمان الاجتماعي , متضمناً أي زيادة في توزيع الضمان الاجتماعي أو الصحي ، ومعرفة مصدر تمويل صندوق المعاشات في إطار التغيير السكاني . الغريب أن قطر ركزت علي مناقشة التطورات الحديثة للصندوق المالي للمعاشات, ومشروعات الصندوق الحالي وموقف إصلاح وتوزيع صندوق المعاشات, ليطالب الفريق القطري بمعرفة خطط الدفع للمرتبات المتأخرة للقطاع الخاص, والإجراءات الحكومية التي يمكن أن تتخذ في هذا الشأن, ومعرفة مستوي المعاشات المتأخرة حتي 31 ديسمبر. دستوريا الجانب القطرى حرص على طلب معلومات تتعلق بالشكل الدستورى للبلاد، وجاءت أغلب الاستفسارات مغلفة بشكل من الإثارة والغرابة، ومنها سؤال حول وصف العملية الديمقراطية من خلال وصف الثورة التي أدت لسقوط مبارك، مع التعليق علي ما تم إنجازه حتى الآن, وخاصة في أمر العدالة الاجتماعية . واشترطت قطر الإحاطة بالتغييرات التي جرت في الدستور المصرى الجديد, وكأنها من خلال ذلك تريد معرفة مدي التسهيلات التي يمكن أن تحصل عليها من خلال الدستور الإخواني، مطالبة في أسئلتها معرفة البناء الأساسي للتشكيل الحكومي المصري والوزارات والأقسام والأفرع التي يمثلها من خلال الدستور، والتركيز علي القرارات الوزارية، وكيفية تعيين هؤلاء المسئولين في وظائفهم الحكومية . وهذه أسئلة غريبة خارج سياق بنود أي اتفاقية اقتصادية- وتمادت قطر في طرح أسئلتها الغريبة حول البند الدستوري والتى لاتمت لأى بنود اتفاقية اقتصادية بصلة طالبة معلومات عن الجهة القوية التي تفرض على الرئيس تعييناته فيما يخص رئيس الوزراء والمسئولين بالحكومة وأعضاء مجلس الشورى ومجلس الشعب، فى إشارة الى إدراكها بأن هناك قوي أخري مسيطرة داخل مصر أكبرمن الرئيس . وفى سبيل معرفة من الذي يمكن أن يمتد تأثيرهم والتعامل معهم في حالة اتخاذ قرار مؤثر في مصر، طلبت الإدارة القطرية معرفة دور المعارضة المصرية ، وجماعات الضغط ، والجماعات الاجتماعية الأخرى، وقوة تأثيرهم . والمثير ما تطرقت إليه الأسئلة بطلب معرفة كل ما أحاط بالانتخابات الرئاسية الماضية, من مواقف سياسية، وما يخص العلاقات الخارجية وخطة السياسة المالية, وضرورة معرفة توقيت إقامة الانتخابات القادمة في مصر، وعن العملية الانتخابية لكل من مجلسى الشورى والنواب ، والاختيارات الحكومية . والأكثر غرابة ، طلب الجانب القطرى معرفة الأحداث التي يمكن أن تحدث زعزعة للاستقرار، وأن تؤثر علي الحكومة الحالية، وتتصادم مع الاقتصاد والترتيبات السياسية, وقد مثل لذلك مشهد استضافة الرئيس الإيرانى، وعدم الاستقرار في سوريا والدول الأخرى في الشرق الأوسط, مما يؤكد مدي خشية الفريق القطري من أن تسيطر إيران علي المشهد السياسي في مصر, وتداعيات بروز الدور الإيراني خلال الفترة الماضية، وخاصة أن هناك توترا في علاقة قطر وإسرائيل بإيران، سواء من ناحية تبني سياسات مغايرة في الشأن السوري, أو خشية إسرائيل من الملف النووي الإيراني . قانونيا قطر طلبت أيضا إمدادها بشرح واف حول أساسيات القانون المصرى, وما إذا كانت هناك أيه نية لتغيير القوانين، خاصة فيما يتعلق بالمعاملات الاقتصادية، وهل سيتم تغييرها بما يتوافق مع الشريعة الإسلامية، كما طالبت بالكشف عن المواد المزمع تعديلها بالدستور المصرى، خاصة إذا ما كانت تلك التعديلات مرتبطة بما يتوافق مع إصدار السندات الدولارية لقطر، وكذلك موعد التشكيل الجديد للحكومة المصرية، الأمر الذى يعد تدخلا سافرا فى الشئون الداخلية لمصر, خاصة أن السندات تعد من الديون السيادية غير المرتبطة ببقاء أو رحيل الحكومة، كما لا توجد علاقة بين سداد قيمة السندات والتعديلات المرتقبة بالدستور المصرى . أما عن التحكيم الدولى فطلبت قطر إمدادها بشرح تفصيلى حول إمكانية خضوع قضايا الإستثمار فى مصر للتحكيم الدولى, وكذلك مدى إمكانية سريان الأحكام الأجنبية داخل مصر وخاصة الصادرة من المحاكم الإنجليزية تصنيف المؤسسات الإدارة القطرية طلبت إمدادها بشرحاً تفصيليا حول تصنيف المؤسسات المصرية ، خاصة البنك المركزى المصرى, ومدى تأثر التصنيف الإئتمانى بمصر بتداعيات ثورة 25 يناير، كما طلبت قطر الكشف عن تفاصيل الاجتماعات التى دارت بين البنك المركزى ومؤسسات التصنيف الدولية, ونقل كل يدور فى تلك الاجتماعات, واخطارها بموعد الاجتماع الدورى القادم . العلاقات الخارجية أسئلة واستفسارات قطر لم تستثن العلاقات الخارجية لمصر، حيث اشترطت الإجابة حول علاقات مصر الاقتصادية والسياسية والأمنية والدبلوماسية بدول العالم بشكل عام , وأمريكا والاتحاد الأوروبى وشمال أفريقيا والشرق الأوسط بشكل خاص. كذلك مدى تطور العلاقات المصرية -الإيرانية, وعلاقتها بدول ليبيا وسوريا والجزائر. كما اشترطت قطر شرحاً كافياً بعلاقة مصر بالمنظمات الدولية، وفى مقدمتها صندوق النقد الدولى والأمم المتحدة ، وما إذا كانت مصر طرفاً فى أى اتفاقية تجارية أو لديها أية التزامات مشروطة تجاه أى دولة, وهل تأثرت علاقة مصر ببعض دول الثورة . اما أكثر النقاط إثارة للجدل واعلان عن التدخل السافر فى الشئون الداخلية ، فكان استفسار قطر حول قدرة الأمن على ضبط النظام داخل البلاد خلال إعلان حالة الطوارئ , كما طلبت معلومات تفصيلية عن اى مشكلات تتعلق بالحدود المصرية, وطلب معلومات تتعلق بالدرجة الأولى بالأمن القومى المصرى. أما عن المساعدات الاقتصادية التى سبق وطلبتها الحكومة المصرية من حمد بن خليفه أل ثانى , فطلبت توضيحاً تفصيليا حول المدى الزمنى لتلك المساعدات والإطار الزمنى لإتمامها. كما طلبت قطر الإجابة تقريرا عن المعونة الأمريكية لمصر, ومدى تأثيرها على الاقتصاد المصرى , وحجمها خلال الثلاث سنوات الأخيرة, ما يعنى الرغبة فى معرفة مدى تباينها بعد تصدر الإخوان المسلمين للمشهد السياسى فى مصر. واللافت أنها طلبت معلومات تفصيلية عن حجم المساعدات المالية والمنح التى تلقتها مصر خلال العام الماضى . الاقتصاد تضمنت استفسارات قطر حول الاقتصاد المصرى معلومات عن هيكل الاقتصاد المصرى , وكذلك الخطوط العريضة للأداء الاقتصادى والملامح العامة له قبل وبعد الثورة , وشملت نحو 13 سؤالا تتطلب الكشف عن معلومات جوهرية عن الاقتصاد المصرى، وخطط الحكومة, ومعلومات أخري عن قناة السويس الأمر الذى يفتح الباب للشركات القطرية لوضع يدها على معلومات جوهرية فيما يتعلق بالمشروعات الكبرى. واستفسرت قطر حول قطاعات بعينها، وعلى رأسها الصناعة, والتعدين والصناعات الاستخراجية، والغاز والبترول والكهرباء والطاقة, والزراعة والنقل والمواصلات والاتصالات والتجارة والسياحة ، إلى جانب قطاعات الخدمات والبنوك والتمويل والتأمين . الأسئلة القطرية شملت بشكل خاص الإستفسار عن صناعة الملابس الجاهزة والتى تمتلك فيها مصر ميزة نسبية كبيرة، وكذلك أهم الشركات الحكومية والخاصة التى تعمل بالقطاع , الأمر الذى قد يثير الشكوك حول نية الحكومة القطرية للاستحواذ على بعض شركات الغزل والنسيج المملوكة للدولة , خاصة وأن اغلبها يواجه تعثراً كبيراً . وفيما يخص قطاع الغاز، طلبت قطر إمدادها ببيانات تاريخية حول الإنتاج المصرى من الغاز, ومناقشة الإنتاج الحالى والمشروعات المستقبلية التى من شأنها رفع إنتاج الغاز المصرى، فضلا عن الكشف عن الخطط المستقبلية لزيادة الإنتاج, والكشف عن احتياطات مصر من البترول . أما قطاع الكهرباء والطاقة, فطلبت إمدادها بمعلومات حول اهم المشاركين بالقطاع , واستهلاك محطات الكهرباء من الغاز الطبيعى والسولار والمازوت. واشترطت فى قطاع التشييد الإفصاح عن أهم المشروعات الكبرى التى لم يتم إسنادها لأى من الشركات , بهدف فتح المجال أمام الشركات العقارية القطرية لدخول لمصر . ولم تغفل قطر عن مطالبة حكومة هشام قنديل بالإفصاح عن اهم التعديلات المرتقبة فى السياسات الاقتصادية للحكومة , و معلومات تفصيلية حول اهداف السياسات الاقتصادية الكلية خلال عامى 2013 و2014 , خاصة فيما يتعلق بالتضخم وعرض النقود والنمو والبطالة وميزان المدفوعات والإحتياطى من النقد الأجنبى وأسعار الفائدة الإحتياطيات وسعر الصرف. وطلبت قطر معلومات حول علاقة مصر ببعض الموئسات الدولية ، وعلى رأسها بنك الاستيراد والتصدير الأفريقى والبنك الدولى والأمم المتحدة , ومعلومات حول أداء البورصة المصرية ، ومدى قدرة الاعتماد على السندات وأذون الخزانة فى إعادة بناء الاقتصاد المصرى قبل الثورة. ميزان المدفوعات والتجارة الخارجية الإدارة القطرية طلبت معلومات تفصيلية حول السياسات والقواعد المتعلقة بأسعار المواد الخام ، والتى تستخدم فى كل من قطاعات الكهرباء والبترول والغاز الطبيعى والمواصلات والزراعة , ومعلومات حول وضع ميزان المدفوعات خلال عامى 3013 و2014 , واهم الشركاء التجاريين لمصر . البنك المركزى خصصت قطر أسئلة خاصة حول قيادات البنك المركزى والهيكل التنظيمى للبنك ، وكذلك معلومات تفصيلية حول علاقة محافظ البنك ووزير المالية ، ومدى صلاحيات ومسئوليات محافظ البنك المركزى , وما إذا كانت هناك خطة واضحة لتغيير الوضع القانونى للبنك . وشددت على الحصول على معلومات كاملة حول القواعد التى أتخذها «المركزى» لمنع تهريب الأموال الخارج, فضلا عن أسلوبه فى إدارة الإحتياطى النقدى . و فيما يخص القطاع المصرفى، طلبت معلومات تفصيلية حول وضع وهيكل القطاع المصرفى, تتضمن معلومات عن عدد البنوك العاملة فى مصر سواء أكانت بنوك عامة او خاصة أو مشتركة, ووصفا تفصيلا حول خطة الحكومة للاتجاه نحو الصيرفة الإسلامية، وهل هناك نية لتحويل البنوك العاملة فى مصر للنظام الإسلامى . الأمر الغريب هو التساؤل الذي طرحته قطر, عن الإصلاحات المقترحة والتي تتضمن الإصلاحات العسكرية والتعليمية والتشريعية , كما طالبت بالتأكيد علي استخدام العائدات والمقترحات لإنشاء برنامج سندات اليورو متوسط الأجل. وإمعانا في المزيد من معرفة الحالة المصرية ، طلب الفريق من وزارة المالية ان تمدهم بالمناقشات العامة التي لها تأثير علي الشروط المالية لمديري الاكتتاب المشترك للمستثمرين, آخذين في الاعتبار أن تكون القاعدة مبنية علي برنامج السندات اليورو متوسطة الأجل, بشكل دقيق وتشمل المعلومات المضللة التي لها تأثير مهم. وشددت علي ضرورة أن يتم تقديم وثائق تتضمن المعلومات الضرورية، ليتمكن المستثمرين من الاستثمار أو الإكتتاب فى السندات الدولارية المخصصة بنحو 3 مليار دولار لمساعدة مصر . واختتمت قطر مطالباتها بالتأكيد على ضرورة إخطارها بالتطورات التي يمكن أن تحدث في الشهور القليلة القادمة لخيارات الاستثمار، الى جانب ما ترغب وزارة المالية المصرية فى التعليق عليه لإعطاء مزيد من المعلومات الخاصة بقاعدة البيانات المصرية للفريق القطري الدولي ، والذي لا نعرف لأي جهاز مخابراتى سيتم تقديمها له . الأمر متروك لجهاز المخابرات والأمن القومي المصري.. فهل يغفلون عن قاعدة البيانات الشاملة للشعب المصري وأحواله التي ستحصل عليها قطر بحجة السندات .. !!