أرفض الأحزاب الدينية.. والحكومة فشلت في الملف الاقتصادى أطالب الرئيس برفض محاولات تعديل الدستور لأنها «رِدَّة» إلى الماضي أرفض طرد الناس من أرضهم ومنحها للأغنياء بهدف جلب المليارات أعترض على إنشاء العاصمة الإدارية في الوقت الحالى.. والمعارض ليس بالضرورة خائنا أو إخوانيا الإقبال على الانتخابات الرئاسية سيكون ضعيفا.. والمصريون «سيحتجبون» احتجاجا المشروعات الكبرى ليس الآن وقتها.. «الناس لم تعد تحتمل» " ياريس، أنا بحبك، لكننا نحتاج إلى الرأى الآخر، ويجب أن تعيد الأمور إلى نصابها، ويجب أن تعلم أن من يعترض ليس بالضرورة خائنًا أو إخوانيًا" رسالة وجهها المستشار يحيى قدري، الفقيه القانوني، والرئيس التنفيذى لحزب "الحركة الوطنية" والمستشار القانونى للمرشح الرئاسى الأسبق أحمد شفيق، ومؤسس تيار التنوير، خلال حوار "فيتو" معه، إلى الرئيس عبدالفتاح السيسي. قدرى طالب الرئيس برفض محاولات بعض من وصفهم بالمتقربين والمتزلفين لتعديل الدستور، لمد فترة الرئاسة، مبررا مطالبته للسيسي بأنه ليس هناك مجد أو إنجاز يعادل تخليص مصر من حكم الإخوان. المستشار يحيى قدرى كذَّب الأنباء التي تتردد عن نية شفيق للترشح للرئاسة، وإن لم ينف احتمالات قرب عودته من منفاه الاختياري. ووجه انتقادات لاذعة للحكومة، مؤكدا أن هناك فشلا حقيقيا في تعاملها مع الملف الاقتصادى، وأن الحكومة تتخذ قرارات كثيرة تتسم بالعنف الشديد في أوقات خاطئة، ولها آثار سلبية، متهما إياها بتعمد "ذبح أغنياء مصر". وتطرق أيضا إلى العديد من الملفات، مثل طريقة إخراج قضية "تيران وصنافير"، وإزالة التعديات على أرض الدولة، والغلاء الفاحش، وتقليص هامش الحريات، والتعاطى مع الأحزاب السياسية الموجودة على الساحة حاليا.. وإلى نص الحوار: كيف ترى مطالب تعديل الدستور ومد فترة الرئاسة وإعادة مجلس الشورى؟ - أؤيد فكرة إعادة مجلس الشورى، ولكن ليس الآن؛ لأننى لا أريد المساس بالدستور في المرحلة الحالية، أما المطالب المتعلقة بزيادة فترة الرئاسة فهى من الأمور التي أرفضها رفضًا مطلقًا، حتى ولو كنا سنخسر كثيرًا إذا ذهب رئيس مصر الحالى الذي كان بطلًا وتم استدعاؤه لمهمة خاصة لا يمكن لأى شخص القيام بها، وأنا أستند في رأيى هذا إلى أن السيسي لن يحقق مجدا، مهما كانت إنجازاته، يعادل المجد الذي حصل عليه لتحريره مصر من حكم الإخوان، وهو لا ينتظر منا تقديرًا أعلى من تقديرنا لهذا الإنجاز الذي حققه، وبالتالى من الأولى أن يحافظ على مدة الرئاسة التي نص عليها الدستور الحالي، وأطالب الرئيس بألا يوافق على أي محاولات لمد فترة الرئاسة، وهنا ينبغى أن نوضح أن تعديل فترة الرئاسة في الدستور، إن حدث، سيسرى على الرئيس القادم وليس الحالي، وفى هذه الحالة نحن نطالب بتعديل مدة الرئاسة لرئيس لا نعرفه، ولا نعلمه ولا نعلم ما هي سياساته؟! ويجب أن ننتبه لهذا. ويجب أن نذّكِّر بأن السيسي لم يكن راغبًا في الرئاسة، ونحن من ألزمناه بالترشح، وبالتالى لا أعتقد أن هذه الدعوات يمكن أن تجعله يستجيب إليها، فالرجل أكبر كثيرًا من أن يحتفظ بكرسى الحكم لأن هذا الكرسى زائل، بينما مجد "عبد الفتاح السيسي" ونجاحه في إخراج الفئة الضالة من حكم مصر باق، وأكبر من أي مجد، وبالتالى أرفض فكرة مدة فترة الرئاسة أو تعديل الدستور. هل ترى أن مناداة بعض نواب البرلمان بذلك نوع من النفاق؟ -طبعًا.. أرى أن به قدرا كبيرًا من التزلف والتقرب، والرئيس يحتاج من أعضاء مجلس النواب أن يقولوا "لا"، وليس "نعم".. يحتاج إلى التنوير وليس إلى التأييد، فقد جاء المجلس لكى يؤيد ما يراه لصالح مصر، ولم يأت ليؤيد الرئيس فيما لا يطلبه المصريون، لم يطلب المصريون أن يعدل الدستور، أو أن تمتد فترة الرئاسة وأن نرتد ونعود إلى الماضي، وإلا ما قامت ثورة 25 يناير.. نحن نعلم أن الديمقراطية لم تكتمل لدينا، وإن كنا نعذر النظام في بعض الإجراءات، فإننى لا أعذر النظام إذا تراجع عن مساحة الديمقراطية الموجودة، هذا غير مقبول. هل ترى أن هناك تحجيما لمساحة الحرية في مصر؟ - من حق النظام الحاكم في ظل هذه الدوامات التي تتعرض لها مصر، ألا يكون هناك ما يعرقل مسيرته، ولكن هناك خلطا بين عرقلة المسيرة وبين الرأى الآخر، فالرأى الآخر يجب أن يقال حتى ولو كانت هناك محاولات لإسكاته، وكان على مجلس النواب أن يتبنى فكرة الرأى والرأى الآخر، ولكننا لم نر هذا تحت أي ظرف، بل بالعكس فالبرلمان يسارع أحيانًا بما لم يطلبه الرئيس، فمثلا مد فترة الرئاسة لست سنوات، هل انتهت كل مشكلات مصر لكى نفكر في مد فترة الرئاسة ؟! مسألة في منتهى الغرابة وغير مقبولة، لقد قمنا بما قمنا به في 2011، لننتهى من هذه القصة، وأن نمنع أن يأتى فرعون ويزيل كل إنجازات غيره، ليضع بدلا منها اسمه. كيف ترى حال الأحزاب في مصر حاليًا؟ -مشكلة الأحزاب موجودة منذ 1952، فثورة يوليو عندما قامت قضت تمامًا على فكرة الحياة الحزبية، وأصبح قيام الأحزاب مرادفًا لفكرة قلب نظام الحكم، وبالتالى لم يعد هناك أحزاب، ثم قام الرئيس السادات ببعض الحراك السياسي عن طريق تدشين بعض الأحزاب الهامشية. لقد تعلم قادة ثورة 1952 أن الحياة الحزبية فاسدة ولا تنفع، فانتقلت هذه الفكرة إلى الشعب المصرى الذي تم إقناعه بأن الحياة الحزبية فاسدة، وتهيئة المجال والظروف لفكرة "الرئيس البطل" وحده، فأصبح هناك الرئيس البطل جمال عبد الناصر، ثم الرئيس البطل محمد أنور السادات، وصارت هذه الفكرة ثابتة عند المصريين. ويرجع عدم إقبال الشعب على الأحزاب حاليا إلى أنه يراها "بلا قيمة"، وقد كنت رئيسًا تنفيذيًا لأحد الأحزاب القوية، ولكن أجهزة الدولة وكل الجهات، ظلت تضرب في الأحزاب إلا الأحزاب التي ترضى عنها، والتي تظهر في المناسبات فقط، وما زالت أغلبية القائمين على الحكم ترى أن الأحزاب معيقة للعمل، والنظام هو رأس الأغلبية، ورأس الأغلبية يستطيع أن يوقف هذه السياسة إذا أراد. ما وجهة نظرك في مطالب حظر الأحزاب الدينية؟ - أنا مع حظرها ومعاقبة أي حزب دينى يتم تأسيسه، فلا ينبغى الخلط بين الدين والسياسة، فالحزب يعنى سياسة، والفكر الدينى يعنى جمعية دينية والخلط بين الإثنين كارثة، وخطورة الأمر تكمن في أن السياسة بها رفض وقبول، والحزب الدينى يتحدث وفق الشرائع السماوية، والرفض يعنى في هذه الحالة الكفر، وليس من حق أي حزب أن يعلن أنى كافر، فالحياة السياسية ليست دينية فحسب. لماذا تأخرت عودة الفريق أحمد شفيق؟ - لا توجد أي موانع تعوق حضوره إلى مصر، وأنا مسئول تماما عن هذه الكلمة، فالأمر بيد "أحمد شفيق" وحده فقط، وهو لم يفصح لى، وقد تحدثنا مؤخرًا، وطلبت منه الحضور، فرد قائلًا: "سوف أحضر"، ولكنه لم يذكر متى سيعود، ولا لماذا لم يعد حتى الآن، وأنا كمحاميه لا أرى أي تخوف من عودته. هل الأنباء التي تحدثت عن اعتزامه الترشح للانتخابات الرئاسية صحيحة؟ - مجرد شائعات.. وأنا لا أتوقع أن يرشح الفريق نفسه للرئاسة، ولا أؤيد ذلك. لماذا؟ -الرجل اكتفى بما قدمه لمصر حتى الآن، وأرى أن من حقه أن يرتاح، بعد أن واجه ما لا يحتمله بشر، في فترة الإخوان. ما توقعاتك لإقبال المصريين على الانتخابات القادمة؟ - لن يكون هناك إقبال على الانتخابات القادمة، فللشعب المصرى طرق عديدة للاحتجاج؛ منها الاحتجاب والعزوف، والانتخابات القادمة سوف تكون عبارة عن "عزوف" ليقولوا من خلاله إننا موجودون، إلا إذا قام الرئيس السيسي بتقديم برنامج انتخابى يضع فيه كل ما يهم الناس، هذه هي الطريقة الوحيدة التي سوف تعيد النسبة السابقة للتصويت. كيف ترى العلاقة بين مجلس النواب والحكومة؟ -ما تقوله الحكومة يؤيده مجلس النواب وما يقوله مجلس النواب لا تؤيده الحكومة، فالحكومة تتعمد أن تأخذ طريقا عكس طريق المجلس، لتؤكد دائمًا أن المجلس لا يعنيها وأن رئيسها المباشر هو رئيس الجمهورية، وقد اعتادت مصر أن الرئيس له الكلمة العليا، وأن الحكومة عليها تنفيذ قرارات الرئيس، وأكبر دليل على ذلك أننا نجد رئيس وزراء ذهب وآخر حضر دون أن نعرف الأسباب، وكأننا ليس لنا الحق في المعرفة، وأننا نحتاج إلى وصى ليتخذ القرار نيابة عنا، فالوصاية التي فرضت علينا منذ عام 1952 يجب أن تنتهي. كيف تقيم أداء الحكومة من الناحية الاقتصادية؟ - هناك فشل حقيقى في التعامل مع الملف الاقتصادى، فالحكومة تتخذ قرارات كثيرة عنيفة جدًا في أوقات خاطئة تحتاج إلى أن تعالجها بقرارات أخرى، وتتعمد أن "تذبح أغنياء مصر"، فهى ترى أنه كلما افتقر الأغنياء فهذه صيغة أفضل للاقتصاد، وهذا فكر جمال عبد الناصر"المساواة في الفقر عدل"، فالحكومة تأخذ من الأغنياء كل ما تستطيع، ويجب أن نعلم أن من يعطى للفقراء هم الأغنياء وليس الحكومة، فعندما تتعامل مع الأغنياء بهذه الطريقة فالغنيُّ لن يقدم شيئًا للفقير، ومن يقوم بافتتاح مشروعات جديدة هم الأغنياء، ويستفيد منها الفقراء؛ فالدولة تقيم مشروعات طويلة الأجل تؤتى ثمارها بعد فترة كبيرة فماذا يفعل الجيل الحالى، فالحكومة إنجازها الاقتصادى غير جيد، والآثار السلبية لقراراتها سيئة جدا، لذا يجب تدارك هذا الأمر، كما أن المناخ الاستثمارى في مصر طارد، فمثلا ليس من المنطقى أن تقوم الحكومة بطرد الناس من أراضى الدولة لتعطيها لمستثمر، لاستغلالها لجلب المليارات. ويبدو أنها لا تشعر بحالة الغلاء بالبلاد والتي تستدعى تدخلها، أيا كانت المشروعات التي يتم إنجازها، فالمشروعات الكبيرة ليس هذا وقتها لأن "الناس مش مستحملة" قلة الأكل والشرب من أجل إنشاء مدينة جديدة، فيجب أن تتم المشروعات بعيدًا عن لقمة عيش المصريين. كيف ترى معالجة الحكومة لأزمة "جزيرة الوراق"؟ - الملكية الفردية يجب أن تكون مصونة.. فالقضية ليست البحث عن الأموال على حساب المصريين، فجزيرة الوراق مسكن الفقراء، والقيام بضربهم، وإعطاء أرضهم للأغنياء للحصول على بعض المبالغ المالية دون رضاهم يجعل منهم كارهين للحكومة وللدولة، فالتعدى على الحقوق مرفوض.. والشعب تعب. أين تيار التنوير؟ -اعتذر الكثيرون عن استكمال الطريق، ولكننا مازلنا نطرح آراءنا، أنا والمجموعة الموجودة معى، ويجب أن نعلم أن التنوير هو الرأى الآخر، فقد اعترض "تيار التنوير" على إنشاء العاصمة الإدارية في الوقت الحالى، كما اعترض على طريقة إخراج مصر لقرار جزيرتى تيران وصنافير. إذا طلبنا منك أن توجه رسالة للرئيس السيسي؟ -أقول: ياريس "أنا بحبك"، لكننا نحتاج إلى الرأى الآخر، ويجب أن تعيد الأمور إلى نصابها، ويجب أن تعلم أن من يعترض ليس بالضرورة خائنًا أو إخوانيًا.. و"السيسي" دمث الخلق ولا يبحث عن سلطة، لقد انتقل من موقع قائد جيوش مصر إلى الحياة المدنية، وهو رجل عسكري صارم، ولم يتغير منذ أن كان وزيرًا للدفاع وحتى بعدما أصبح رئيسًا للجمهورية.