يطرق اللاجئون باب سوق العمل بغرض الاندماج في المجتمع الألماني وبغية تحقيق استقلالية مادية تمكنهم من التخلص من صفة لاجئ إلى صفة مقيم. فما سبلهم للحصول على فرصة شغل؟ وما العراقيل التي تقف حجر عثرة في طريقهم في قلب ضاحية بادجودسبورج بمدينة بون تدب حركة ونشاط مشهود لخدمة زبائن من مختلف الجنسيات يرتادون مطعمًا شاميًا للاستمتاع بنكهة المكان، في جلسة عربية مميزة، كل قطعة من ديكور المطعم تجعل زائره يسعد بلحظات تأمل لثريات نحاسية ورسوم توحي باللمسة الثقافية العربية، خاصة أنها مصحوبة بإيقاعات موسيقية شرقية وأغاني فيروز. صاحب المطعم شاب سوري قدم لاجئًا منذ عامين إلى ألمانيا، لتلتحق به زوجته وولداه بعد عام من طلب لم شمل العائلة، استطاع في ظرف يعد قياسيًا أن يحقق نجاحًا بارزًا في سوق العمل، بعد أن فتح، مطعمه ونجح في تشغيل 12 شابا جلهم من اللاجئين السورين الجدد، ومنهم حتى من يحمل شهادات جامعية. في لقاء مع DW عربية شرح زياد البالغ من العمر 34 سنة أن مهنته السابقة في سوريا كانت مختلفة تمامًا عن مجال إدارة مطعم، حيث كان يدير شركة لتأجير السيارات. وقال: "منذ أول يوم وصلت فيه لألمانيا كان شغلي الشاغل أن أجد عملا لأنني كنت غير متقبل للعيش على المعونات الاجتماعية"، وعن دوافع نجاحه بين أنها تكمن في عدم الاستسلام للمعوقات بما فيها حاجز اللغة وقدم مثالًا عن ذلك باغتنامه فرصة تعريب دروس تعلم السياقة ليحصل على رخصة قيادة التي يرى أنها كانت ضرورية جدا لبداية تحركه وعمله. وعن أكبر التحديات التي واجهت صاحب المطعم قال زياد "تكبدت خسائر كبيرة وكثيرا ما كنت ضحية الإمضاءات على العقود دون الفهم الجيد لها وما تحتويه في ثناياها من التزامات ومسؤوليات، ما اضطرني للاستعانة بمحام. ولدى سؤاله عن أحقية دراسة اللغة الألمانية في سجل اهتماماته قال زياد "اللغة ممارسة، وأنا دائما في تعلم من خلال الاحتكاك بالألمان في عملي"، في النهاية نصح زياد القادمين إلى ألمانيا"، لازم يشعر بالانتماء وأنه في بلده لأن هذا العامل مهم في تذليل العقبات التي تعترض طريقه للعمل". اطلعت DW على دراسة صدرت عن معهد أبحاث سوق العمل والمهن التابع "للوكالة الاتحادية للعمل" في شهر يوليو الماضي تناولت وضع اللاجئين في سوق العمل وحسب الدراسة بلغ عدد العاطلين عن العمل في ألمانيا في أبريل من العام الجاري نحو 4.5 ملايين شخص، من بينهم أكثر بقليل من نصف مليون لاجئ أي نحو 12% من مجموع العاطلين عن العمل. وحسب الدراسة المشار إليها فقد استطاع نحو 51 ألف لاجئ من أكبر 8 دول مصدرة للاجئين إلى ألمانيا وهي (سوريا، أفغانستان، إريتريا، إيران، العراق، باكستان، الصومال ونيجيريا) الحصول على فرصة عمل، وبالتالي الاستغناء عن المساعدة الاجتماعية، ومن بين الرقم السابق هناك 41 ألفًا نجحوا في شق طريقهم للمرة الأولى إلى سوق العمل. أريد مساعدة يعتبر كثير من اللاجئين منحة الإعانة الاجتماعية راتبًا مستمرًا لا يجب أن ينقطع، ويركز اهتمامه في إيجاد عمل دون فقدان هذه المعونة وبسبب هذا الاعتقاد يسلك اللاجئ طريقًا يعرّض فرصة بقائه في ألمانيا إلى الخطر، من بين هؤلاء التقت DW عربية اللاجئ "نبيل" وهو اسم مستعار، الذي كشف عن أسباب عمله دون تصريح ( بما يعرف بالعمل بالأسود) بالقول: "لا أستطيع الانتظار أكثر، لدي حرفة جيدة ومكسبة"، ولدى سؤاله عن سبب اختياره طريق العمل غير المصرح به لممارسة مهنته المحببة قال: "عملية حسابية بسيطة جعلتني أدرك أنني لن أكسب شيئا لو خصم مني منحة الراتب من مكتب العمل في حالة العمل المصرح به، أما العمل في الأسود زيادة وليس نقصانًا". وقوفا عند كلمة "الراتب" وللتوضيح يقصد محدثَنا الإعانة الاجتماعية، والتي يعتبرها راتبا ويريد أن يضاعفه بحسابات على قدر فهمه. العمل في "الأسود" لا يملك بعض اللاجئين تصاريح العمل، فيختارون العمل غير القانوني "العمل في الأسود" كما يسمى، وهو العمل الذي لا تستوفى عنه منه ضرائب لأن كلا من العامل ورب العمل لم يصرحا به. بهذا الشأن شرحت المحامية نهلة عثمان المختصة بقضايا اللاجئين والمهاجرين ل DW عربية أن العمل غير المقنن أو الأسود كما يشاع يعتبره القاضي والمشرع الألماني جناية في بعض الحالات مما يستدعي حكمًا قضائيًا بسحب إقامة اللاجئ أو عدم تجديدها، كما يمكن للقاضي أن يحكم بدل ذلك بغرامة مالية تتراوح بين 2000 و500000 يورو يسددها كل من العامل ورب العمل المخالفين للقانون. وأشار محدث DW عربية زيجمار فالبجيشت من مكتب إرشاد وتوجيه اللاجئين بهانوفر، موضحًا أن نسبة كبيرة من اللاجئين تختار العمل بشكل غير مصرح به، حيث لا يربط رب العمل والعامل أي عقد قانوني وملزم للطرفين، وبالتالي يحدث التملص من دفع الضرائب، الأمر الذي يعاقب عليه القانون الألماني بشدة، وكشف زيجمار عن الأسباب الدافعة لدخول سوق العمل الأسود التي من بينها التأخر في تعلم اللغة إما بسبب طول انتظار تخليص الإجراءات الإدارية أو لافتقادهم تصاريح العمل، ويستقطب العمل غير القانوني فئة الأميين من اللاجئين الذين لا يحسنون الكتابة ولا القراءة، كما يوجد عدد معتبر من اللاجئين الذين لا يملكون حق العمل بسبب نوع إقامتهم. طبيب في الانتظار من اللاجئين من حقق هدفه بالحصول على شغل وفيهم من يصارع ويكافح من أجل تحقيق ذلك، حذيفة البالغ من العمر 28 عامًا مثل حالة أخرى، وقد تحدث إلى DW كاشفًا أنه من سوريا وخريج كلية الطب العام في أوكرانيا، وقد قدم لاجئا إلى ألمانيا منذ سنتين ومازال يتحدى عامل الزمن للوصول إلى هدفه بمزاولة مهنة الطب. يقول ابن منطقة دير الزور: أكثر شيء جعل إرادتي تتآكل من الداخل هو الانتظار وتضييع الوقت بسبب معاملات إدارية "بيروقراطية"، وأضاف متحسرًا: ضاعت من وقتي أربعة شهور حتى حصلت على الإقامة وضاعت ستة أخرى في انتظار الحصول على سكن، ودامت فترة انتظار كورس اللغة ستة شهور". صعوبات دخول سوق العمل من الصعوبات والعراقيل التي تواجه اللاجئين في إيجاد عمل ما هو نابع من اللاجئ ذاته،عندما يرفض فكرة إجراء تدريب مهني فقط بسبب طول المدة التي يتطلبها هذا الأخير. حسب محدثنا فالبيجشت المضطلع بشئون اللاجئين فإن هناك عزوفًا عن الإقبال على التدريب المهني في أوساط اللاجئين، وحسب وصفه "التدريب المهني يضمن لهم حق العمل ويتيح الفرص ويمنحهم راتبًا محترمًا كما يحميهم من المعاملات التعسفية في حق العامل". وأشار الخبير الألماني إلى أن معظم أرباب العمل يعتبرون الفهم الجيد مع القدرة على التواصل شرطًا أساسيًا لتشغيل اللاجئ، وهذا ما يتطلب وقتًا طويلا خاصة في حالات اللاجئين الأميين. لكن أصحاب الشهادات تؤخره مترجمة وثائقهم وتصديقها ومعادلة شهاداتهم في ألمانيا وكثير منهم لا يملك هذه المستمسكات؛ لأنه فقدها بسبب الحرب في بلده الأم، ولم تفت محدثنا الإشارة إلى أن فرص المهن المتوفرة قلما تصل إلى اللاجئ وتذهب إلى معارف ومقربين من الأشخاص الذين يصلون إلى المعلومة بشكل أسرع. العمل بألمانيا! ينصح المرشد زيجمار اللاجئين بطرق أبواب العمل التطوعي، ويؤكد أنه أضمن طريق لإيجاد شغل في سوق العمل الألمانية، ضف إلى أنه أسرع طريق لتحقيق الاندماج وتعلم اللغة الألمانية، وفيه فرصة كبيرة تتيح للاجئ التعرف على القوانين ونظام العمل في البلد المستقبل له، كما أنه فرصة جوهرية ليعرض اللاجئ قدراته وكفاءته المهنية. وحسب تقرير نشرته صحيفة تسايت الألمانية مؤخرًا بالاستناد إلى معلومات واردة من مكتب العمل في نورنبيرج فإن الوقت مناسب جدًا للحصول على فرصة تدريب مهني، لاسيما أن هناك مجالات تفتقر إلى متقدمين بطلبات للحصول على تدريب مهني. هذا المحتوى من موقع دوتش فيل اضغط هنا لعرض الموضوع بالكامل