بعد أن وصل تعداد موظفي الجهاز الإداري في مصر إلى أكثر من 6 ملايين موظف، خرجت الأمور عن السيطرة، عمالة زائدة ومرتبات مهدرة، والحل الوحيد يتمثل في غلق باب العمل والتعيين في الوظائف الحكومية، لتحقيق هدف "غربلة الجهاز الإداري" والهبوط به إلى أقل عدد، وهو ما ظهر في أزمة الإرشاد الزراعي التي تنذر باختفاء تلك المهنة من مصر، إذ تجاوز أغلبهم سن الخمسين. من جهته قال الدكتور سيد خليفة، رئيس قطاع الإرشاد الزراعي بوزارة الزراعة: خلال سنوات قليلة لن يكون هناك مرشد زراعي واحد في مصر بسبب الأعمار المرتفعة للعاملين في هذا القطاع، حيث تراجعت أعداد المرشدين في وقتنا الحالي إلى 1500 مرشد فقط يشرفون على 6 آلاف قرية في مصر. على الجانب الآخر، كشف الدكتور صفوت الحداد، نائب وزير الزراعة واستصلاح الأراضي، أن الوزارة بدأت تنفيذ مشروع إلكتروني تعوض فيه التكنولوجيا دور المرشد الزراعي، معلنًا أن التعيينات في الحكومة في الوقت الحالي أمر غير وارد والتفكير فيه غرق في الحلول العادية والسهلة. وأكمل: وزارة الزراعة بصدد افتتاح أكبر منظومة إلكترونية للإرشاد الزراعي تضم 922 جهاز كمبيوتر حديثا، و533 طابعة إلكترونية وألفي جهاز تابلت لخدمة الفلاحين من خلال كارت الفلاح الذكي الذي سيكون أحد مهامه الرئيسية دعم الفلاح بمعلومات إرشادية توفر له الوقت والجهد والمعلومة الدقيقة وتستدعي له فريقا من مركز البحوث الزراعية إذا كانت المشكلة تستدعي ذلك. وأشار إلى أن وزارة الزراعة طبعت حتى الآن 1.5 مليون كارت، وحاليا هناك فريق منكب على عمل تطبيق على الهواتف الذكية، يشمل كافة المعلومات الإرشادية التي يحتاجها الفلاح، وسيكون البرنامج شاملا ومتكاملا وخاصا بوزارة الزراعة وبياناتها المعتمدة فقط، حيث يوجد نحو 13 تطبيقا آخر تتبع شركات خاصة تروج لمنتجاتها من خلالها فقط. وأكد نائب وزير الزراعة للخدمات والمتابعة بأن المراكز الإرشادية والإدارات الزراعية في مصر ستضم أجهزة كمبيوتر إلى جانب توزيع أجهزة التابلت الخاصة بمشروع التعداد على الجمعيات الزراعية، لتقديم خدمات الكارت الذكي ومنها الخدمات الإرشادية المتكاملة بعد أن قاربت أعمار المرشدين الزراعيين في مصر من سن الستين. وتابع: كل ما على الفلاح فعله هو التوجه بنوع الإصابة التي لديه في الحقل إلى المركز الإرشادي المطور في القرية أو للإدارة الزراعية وشرح شكل الإصابة أو اصطحاب عينة معه، ويتم إدخال البيانات على الكارت الخاص به وتحمل له على الكارت كافة الأجوبة والتوصيات المعتمدة لتلك الإصابة النباتية بعد توصيفها جيدا، من خلال النظم الخبيرة وقواعد بيانات مركز البحوث الزراعية، إلى جانب ذلك ترشد المنظومة من خلال الكارت الذكي الفلاح إلى الجهات المعتمدة لبيع المبيدات والأسمدة منعا للغش التجاري. وأضاف: في حالة تكرار الشكوى من آفة أو مرض معين في النبات من أكثر من فلاح في قرية واحدة يتم تشكيل لجنة من مركز البحوث، حيث تسجل المنظومة إنذارا إلكترونيا بانتشار مرض معين في منطقة معينة وعليه تتوجه اللجنة المتخصصة إلى ذلك المكان لاستقصاء الأمر. وواصل: المشروع قارب على الانتهاء، وهناك اجتماعات مكثفة مع مسئولي البنك المركزي والبنك الزراعي المصري والشركة المسئولة عن منظومة الكارت الذكي لوضع اللمسات النهائية للمنظومة، وهناك أكثر من برنامج تدريبي خضع له العاملون الذين تم اختيارهم من الإدارات الزراعية لإدارة الوحدات الإلكترونية الموجودة في المحافظات، حيث تم إمداد كل إدارة ب3 فلاشات إنترنت للشركات الثلاث للعمل بها وفقا للشبكة الأقوى في كل منطقة. تجدر الإشارة هنا إلى أن القطاع الزراعي يشهد في الفترة الأخيرة توجها واسعا نحو الإرشاد الإلكتروني، حيث يعد عدد من رجال الأعمال والفنيين خلال الفترة الأخيرة عدة مشروعات لإطلاق قواعد بيانات شاملة للتوصيات الفنية للأسمدة والمبيدات والمخصبات الزراعية بعضها لم يخض بعد لإشراف أو مراجعة وزارة الزراعة. في ذات السياق، كشف مصدر داخل ديوان عام وزارة الزراعة، أن تعيين مجموعات جديدة من المرشدين الزراعيين أمر مستبعد تمامًا من الحكومة نظرا لتوجهات الدولة إلى تقليل عدد موظفيها، وهو ما يدلل عليه عدم حل أزمة عمال التشجير الذين ينتظرون التعيين منذ أكثر من 15 عامًا، لافتا النظر إلى أن بعض المسئولين عن الإرشاد الزراعي لم يفهموا بعد منظومة الإرشاد الجديدة ويصرون على مسألة التعيينات. وأكد المصدر ذاته أن ميزانية قطاع الإرشاد الزراعي في تراجع خلال السنوات السابقة وهو ما يؤشر إلى تراجعها أكثر من ذلك، حيث سجلت ميزانية القطاع عام 1995 نحو 47 مليون جنيه، وفى موازنة 2016-2017 بلغت 175 مليون جنيه، وهى ميزانية لا تكفي لعمل أي شيء. نقلًا عن العدد الورقي.