إن الأزمة الأيديولوجية التي تمثل مصدر قلق كبير للجمهورية الإسلامية ليست بالأمر الجديد، فقد كانت شرعية الحكومة الإسلامية محل تساؤلات منذ أن اعتلى آية الله خامنئي السلطة عام 1989، لا سيما وأنه افتقد مؤهلات دينية راسخة داخل مجتمع الملالي. كما أن الشرعية الديمقراطية للجمهورية الإسلامية كانت محل نزاع هي الأخرى في أعقاب ثورة 1979، لكنها ازدادت سوءًا منذ قمع الحكومة للمتظاهرين عقب الانتخابات في عام 2009. وسوف تستمر أزمة الشرعية الديمقراطية والإسلامية خلال الانتخابات الرئاسية المقبلة، ويمكن أن تزداد حدة الأوضاع عقب الانتخابات. لقد اضطر آية الله خامنئي إلى اللجوء إلى العديد من آليات القمع والإكراه من أجل ممارسة سلطاته، وهناك أربع أدوات رئيسية مكنته من تنظيم أمور الدولة بشكل إجمالي، وهي القوات المسلحة وجهاز الاستخبارات والسلطة القضائية ووسائل الإعلام الرسمية، ويمكن التلاعب بجميع المؤسسات والانتخابات الديمقراطية، وإضعافها من خلال استخدام هذه الأدوات الأربع. ومع ذلك، فإن اعتماد خامنئي المفرط على هذه القوات القمعية لم يقف حائلاً أمام زيادة هشاشته السياسية، ومن ثم، فإن الاستخدام السافر للقوة وغلق جميع القنوات الديمقراطية قد يؤدي إلى نتائج كارثية في النهاية، ومن بين الأخطاء الجوهرية فشله في الحفاظ على علاقات جيدة مع النخبة التقليدية في الجمهورية الإسلامية ومن كانوا قوام الجيل الثوري، مما يعني أن اتخاذ قرارات قوية بدون إجماع وعدم كون خامنئي السلطة النهائية داخل النخبة الحاكمة سوف يزيد وضعه تعقيداً. وخلال الشهرين المقبلين اللذين يسبقان الانتخابات، سيحتاج خامنئي إلى تحميس الجمهور للمشاركة في الانتخابات، مع العمل في الوقت ذاته على الإبقاء على المنافسة بين المرشحين محدودة وتحت السيطرة، وقد يقدم الإصلاحيون عدداً من المرشحين، لكن لا يرجح أن يمتلك أي منهم الدعم الشعبي الذي يمتلكه خاتمي. ومن الممكن أيضاً أن ينتقل معسكر أحمدي نجاد إلى تقديم مرشحين أقل شهرة، وقد أعلن أكثر من عشرة أفراد ينتمون إلى مختلف الفصائل المحافظة عن ترشحهم، ويرجح أن يؤدي ازدياد عدد المرشحين إلى حشد مشاركة جماهيرية أوسع، وبالنسبة لخامنئي، فإن معدل المشاركة يعد بنفس أهمية الشخص الذي ينتخبه الجمهور، لأنه سوف يفسر ذلك على أنه دعم لسياساته وشرعيته داخل الجمهورية الإسلامية. والمفارقة أنه حتى في حالة فوز رئيس من اختياره بأصوات أقل من الرؤساء السابقين، فإن ذلك سيكون مفيداً لخامنئي بسبب رغبته في أن يكون الرئيس موالياً له ودون قاعدة اجتماعية قوية تحفزه على متابعة أجندته الخاصة، كما كان عليه الحال أثناء رئاسة خاتمي أو أحمدي نجاد. نقلاً عن معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى.