يرى خبير الشئون السياسية في صحيفة فرانكفورتر ألغماينه تسايتونغ الألمانية راينر هيرمان أن ليبيا هي مفتاح السيطرة على تدفق المهاجرين من أفريقيا، لكن تفكك ليبيا وعجز حكومة السراج يجعلها شريكًا لا يمكن الاعتماد عليه. كانت فكرة الحكومة الإيطالية جيدة، إذ حددت النقاط الصحيحة. وهكذا صوت البرلمان الإيطالي بالموافقة على مهمة للبحرية الإيطالية تتمثل في دعم خفر السواحل الليبي. وتنص الخطة أيضًا على إلزام المنظمات الإنسانية غير الحكومية التي تجوب البحر المتوسط بقواربها، بعدم التعاون مع المهربين. على من يمكن الاعتماد في ليبيا؟ تحملت إيطاليا عبء تدفق اللاجئين عبر البحر المتوسط في هذا الصيف وحدها تقريبًا، لكن خطتها لم تحقق الكثير، إذ لا يمكن الاعتماد على المشير الليبي خليفة حفتر. ففي الأسبوع الماضي قدم حفتر تعهدًا بالتعاون مع فايز السراج، رئيس حكومة الوفاق العاجز والمعترف به دوليًا. لكن على أرض الواقع، مارس ما كان يعنيه فعلًا، عندما رفض اتفاق حكومة السراج مع إيطاليا واصفًا إياه بالخرق للسيادة الليبية. بل ودعا إلى إغراق السفن الإيطالية التي تقترب من ليبيا. يريد المشير حفتر - القائد الأعلى "للجيش الوطني الليبي" الممسك بزمام الأمور في شرق ليبيا- عرقلة أي نجاح يمكن أن يحققه السراج. وهدفه هو السيطرة على ليبيا بأكملها بمساعدة مصر وروسيا. مصر من جانبها تريد توجيه ضربة للإسلاميين المتشددين، أما هدف روسيا فيكمن في الحصول على قاعدة ثانية في البحر الأبيض المتوسط بعد حصولها على الأولى في سوريا. كما أن الكرملين يريد عبر حفتر تحويل قضية اللاجئين إلى ورقة ضغط ضد إيطاليا، وبالتالي ضد الاتحاد الأوروبي. يمكن للحكومة الإيطالية أن تتحدث عن نجاح حاسم: إذ أنها قامت بمصادرة سفينة إنقاذ مهاجرين تابعة لمنظمة الإغاثة الألمانية "يوغند ريتيت" للاشتباه بأنها لا تنقذ المهاجرين في البحر، وإنما تتسلمهم بشكل مباشر من المهربين. هذه الخطوة أثارت غضب منظمات حقوقية مثل هيومن رايتس ووتش والعفو الدولية وغيرهما. وكانت على حق: فإنقاذ البشر ليس بجريمة. لكن ينبغي أن يُقال لها أيضًا بأن الاتجار بالبشر جريمة. الحكومات المنصبة من الخارج ليست حلًا سيستمر تدفق المهاجرين من القارة السمراء عبر ليبيا، طالما بقي جهاز الدولة في ليبيا معطلا، وهذه حقيقة واضحة وضوح الشمس. لكن الذي يثير الاستغراب أكثر هو أن المجتمع الدولي ما زال يجانب الواقع ويعتقد بإمكانية تنصيب تلك الحكومات من الخارج، لكنها تبقى عاجزة كحكومة السراج. إن تفكيك ليبيا وصل مرحلة متقدمة، فالمليشيات المحلية تمارس السلطة، والمدن تحارب بعضها البعض والاتجار بالبشر بات تجارة مربحة لبعض المليشيات. من يريد إعادة السلام إلى ليبيا، يجب أن ينتزع من المليشيات سلطتها، وهو أمر لا تقدر عليه في الوقت الراهن سوى القبائل الكبيرة، التي تتعاظم فيها المقاومة لسيطرة المليشيات. راينر هيرمان هذا المحتوى من موقع دوتش فيل اضغط هنا لعرض الموضوع بالكامل