يستغل حزب البديل من أجل ألمانيا قضية اللاجئين من أجل حصد المزيد من الأصوات في الانتخابات المقبلة، لكن هذا الحزب يشهد ربيعًا في المقاطعات التي يقطن فيها عدد أقل من طالبي اللجوء. فما السبب؟ يشهد حزب "البديل من أجل ألمانيا" أفضل أيامه، فبعد أن حصل على أكثر من 20 بالمائة في الانتخابات المحلية في عام 2016، انخفضت هذه الأصوات لنحو سبعة إلى ثمانية بالمائة في استطلاعات الرأي قبل الانتخابات البرلمانية في ألمانيا في الرابع والعشرين من سبتمبر المقبل. وأظهرت بعض الدراسات أن هذا الحزب يصبح حزبًا ذو قضية واحدة بشكل متزايد، والتي هيالتعبير عن الغضب تجاه موقف ألمانيا في الترحيب باللاجئين. لهذا قد يعتقد المرء أن الدعم لهذا الحزب سيكونفي المناطق التي استقبلت العدد الأكبر من اللاجئين. لكن هذا ليس الواقع. إذ يتم توزيع اللاجئين على الولايات الستة عشر بحسب الدخل وعدد السكان. ولهذا السبب فالولايات الأفقر والأقل سكانًا تستقبل عددًا أقل من طالبي اللجوء. لكن حزب البديل يستمر في التقدم في العديد من المناطق في شرق ألمانيا. هذا ينطبق تمامًا على ولاية مكلنبورغ فوربومرن في شمال شرق ألمانيا. فهذه الولاية التي يبلغ عدد قاطنيها 1,6 مليون نسمة، استقبلت بالنسبة لعدد سكانها أقل عدد من طالبي اللجوء في البلاد. وفي آخر استطلاعات للرأي، نشرت في 23 يوليو، ظهر أن 20.5 بالمائة من السكان قالوا إنهم يؤيدون حزب البديل.هذه النسبة كانت أقل بقليل عن نسبة الأصوات التي حصل عليها الحزب اليميني الشعبوي في الانتخابات المحلية لهذه المقاطعة في 4 سبتمبر عام 2016، والتي بلغت 20.8 في المائة. وللمزيد من التوضيح، فإن ولاية مكلنبورغ فوربومرن هي الولاية الشرقية الوحيدة التي ازداد الدعم فيها لحزب البديل منذ بداية العام الجاري، فما هو السبب؟ انغلاق تجاه طالبي اللجوء أولريكا زيمان-كاتس، التي تترأس مجلس اللاجئين في ولاية مكلنبورغ فوربومرن، تقول حول رأيها عن سبب حصول حزب مناهض للجوء على نسبة عالية من الأصوات، "من الناحية النفسية، التفسير سهل جدًا" وتضيف "البشر يخافون من الأشياء التي لا يعرفونها، وما لا يعرفه الناس هنا هم اللاجئون". وتكمل، أنه في المناطق الريفية في شمال شرقي ألمانيا، الناس ليس لديهم تجربة شخصية مع طالبي اللجوء. وبيوت اللاجئين هي كجزر معزولة بتواصل قليل أو معدوم مع العالم الخارجي، كما أن طالبي اللجوء الذين يُرسلون إلى هناك يميلون إلى المغادرة إلى المدن. ففي منطقة تعاني من بطالة تبلغ نسبتها ثلاثة أضعاف المعدل الاتحادي، يرى كثير من الناس أن اللاجئين يتلقون معاملة تفضيلية. صوت زيمان- كاتس يصبح عاطفيًا وهي تقرأ رسائل البريد الإلكتروني "المليئة بالعنصرية" والتي تتلقاها منظمتها على الدوام. أحد الأشخاص يشكو أنه يكنس الرصيف أمام باب بيته، بينما يمضي طالبو اللجوء يومهم "بهاتف نقال في يدهم اليسرى، وريد بول (مشروب للطاقة) في يدهم اليمنى". وآخر كتب: "شكرًا ألمانيا. نريد قوانين جديدة والمزيد من عمليات الترحيل".زيمان- كاتس ليس لديها شك أن قوة حزب البديل في المقاطعة يعود إلى معاداته للأجانب، ولطالبي اللجوء بشكل خاص. كما أنها لا ترى أي حل لكسر الحلقة المفرغة من عدم التآلف التي تولد الخوف والازدراء.وتتابع "لا يمكننا فعل شيء، فاللاجئون لا يريدون أن يبقوا في مكان ليس مرحبًا بهم فيه، هذا شيء طبيعي... إذا مشيت مع مجموعة من اللاجئين أمام المنزل (من إحدى إيميلات الكرة التي تقرؤوها)، فإنه ستغلق جميع النوافذ". استياء من اللاجئين بسبب ثلاجة! عندما سألنا رئيسة بلدية مدينة "باسيفالك" ساندرا ناختفايه وهي سياسية يسارية مستقلة، عما يدفع الناس للتصويت لحزب البديل، أجابت أن هناك قائمة من الاستياءات. كمثل "الحقيقة، أنني أشعر أنني مستاءة مما لدينا هنا". "أنني لا أملك شيئًا ولا أحد يهتم، في أن اللاجئين يتلقون معاملة تفضيلية. هم يحصلون على ثلاجة جديدة وبيت جديد بينما أنا لا". مثل هذا الشعور بالإحباط، يدفع كثيرين في الولاية للتصويت لصالح حزب البديل. غير أن سياسيين من حزب البديل في مكلنبورغ فوربومرن نفوا أن يكون حزبهم ذو قضية واحدة. لكن مسألة اللاجئين هي أول ما يذكرون، عندما نسألهم عن أسباب نجاح حزبهم. فهم بدوا مدركين تمامًا لحقيقة أن غياب طالبي اللجوء في المنطقة لا يهم، بل يجعل من الأسهل الحصول على الدعم. ويقول عضو البرلماني المحلي يورغن شتروشاين، " الناس خائفة، فهم لا يريدون أن يغرقوا باللاجئين" ويضيف: "عندما يتعلق الأمر بسياسات اللجوء، فيجب القول إن ميركل ( أي اتهام المستشارة ميركل بسبب سياسة اللجوء) كانت الدعم الأكبر في الانتخابات". وعند السؤال عن سبب خوف الناس من القليل من الأجانب الذين يحيطون بهم، فإن البرلماني إنريكو كومنغ قال إن التصويت في العام الماضي ربما كان "احترازيًا". ومن المفارقات أنه وفقًا لتقرير أصدرته في العام الماضي مفوضة الحكومة الاتحادية لشئون ألمانياالشرقية إيريس غلايكه، فإن سكان مكلنبورغ فوربومرن لا يضرون بقلقهم إلا أنفسهم. فشمال شرق ألمانيا يتميز بساحل بحر البلطيق، وبحيرة ضخمة، بالإضافة إلى بعض من أجمل المناظر في ألمانيا، ولكن وفقًا للتقرير، فإن تلك المنطقة تحتاج إلى جذب المهاجرين لمواجهة أوجه القصور الديموغرافية والنجاح في المستقبل. مشكلات مع السياسة العام هو عام انتخابي، ويبدو أن السياسيين من الأحزاب الرئيسة حذرين من إيقاف الناخبين المحتملين في شرق ألمانيا، وذلك من خلال الاعتراف بالجوانب القبيحة لمواقفهم المحلية. وفي وقت سابق من هذا العام قدمت غلايكه دراسة أخرى، بتكليف من مكتبها، فوجدت أن الألمان في شرق البلاد كانوا عرضة بشكل غير متناسب للتطرف اليميني وأن القضية كانت أكثر صلة بالعقلية أكثر من العوامل الاجتماعية والاقتصادية. لكن غلايكه انتقدت يوم الخميس هذه الدراسة، التي تتعرض لنقد شديد في شرق ألمانيا، مشيرة إلى مشكلات منهجية. وردًا على طلب من DW بشأن التعليق على شعبية حزب البديل في مكلنبورغ فوربومرن، قال مكتبها إن ذلك ليس ممكنًا. بعد انتخابات السنة الماضية، اعتبر رئيس الحزب المسيحي الديمقراطي المحافظ في مكلنبورغ فوربويرن، لورينتس كافيير، أن الأداء الضعيف لحزبه يعود إلى الاستياء العاطفي من سياسة ميركل تجاه اللاجئين. وقال "كان هناك قضية واحدة فقط، كانت وماتزال قضية اللاجئين". ولكنه لم يرد على طلب DW حول الحديث عن شعبية حزب البديل في مقاطعته. وعلى العكس من ذلك، فإن أحد السياسيين الذين يتحدثون الآن عن اللاجئين هو مرشح الحزب الاشتراكي لمنصب المستشارية مارتن شولتز، الذي أثار موضوع احتمال قدوم موجة ثانية من طالبي اللجوء. ولا تؤيد زيمان- كاتس الحركة الأخيرة للحزب الاشتراكي في حملته الانتخابية. وتقول المحامية في شئون اللجوء "أعتقد أنه من الإشكالية أن تصبح هذه القضية مسألة انتخابية" وتضيف "كان هناك دائمًا توافق لإبقاء هذا الأمر خارج الحملات الانتخابية، والآن، أعاد السيد شولتز الموضوع إلى الواجهة، وأعتقد أن هذا خطأ فادح". جيس جيفرسون/ محيي الدين حسين هذا المحتوى من موقع دوتش فيل اضغط هنا لعرض الموضوع بالكامل