فتاة عشرينية.. قد تكون صغيرة في العمر ولكن تفكيرها يفوق سنوات عمرها بمراحل، قررت في العمر الذي تركض فيه الفتيات خلف فراشات الحب والمراهقة أن تسلك طريقًا مختلفًا، وأن تطارد أحلام صغيرة نبتت في قلبها الذي يحوى حبًا وخيرًا، وعقلها الذي يملك فكرًا يهدف تنمية بلدها. كانت الشرارة الأولى مع ثورة 25 يناير، حيث تولد الأمل بداخلها دافعًا إياها أن تختار السياسة ليكون مجالًا لدراستها وتنمية المجتمع طريقًا لها.. إنها ندى طارق ذات ال 22 ربيعًا التي قررت أن تكافح من أجل حلمها باستكمال دراستها العليا للعلوم السياسية في بلد الحب والنور.. باريس.. حيث جامعة Science Po Paris التي تخرج فيها عدد من أبرز الساسة في فرنسا على رأسهم الرئيس الفرنسي جاك شيراك، والتي تُعد رقم 4 على مستوى العالم ونسبة القبول بها ضعيفة، حتى وإن كان توفير نفقات الدراسة أمرًا أصبح عائقًا لم تتمكن ندى من إيجاد حلول لها إلا أنها قررت أن تلجأ لمواقع التواصل الاجتماعي لتكون أملها الأخير في سبيل تحقيق حلمها. البداية شاء قدر "ندى".. تلك الطفلة التي اعتادت على استنشاق عبير الحرية واكتسبت صفات العناد والإصرار من بحر ميامي بالإسكندرية وأمواجه التي تصارع من أجل الوصول إلى الشاطئ، أن يتغلغل نسيم الثورة بداخلها منذ الخامسة عشرة.. وأن يتسنى لها فهم أمور لم يكن متاحًا لغيرها أن يفهمها، وأن تتسلل إليها رغبة في تقديم شيء لبلادها فنظمت حملة تنظيف وكانت – الصغيرة- حينها مسئولة عن حملة مكونة من 150 شخصًا، ونظرًا لعشقها لمجال السياسة فكان طبيعيًا أن تلتحق بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية وأن تلاحق حلمها بالسفر للدراسة في القاهرة بعيدًا عن أسرتها ومنزلها، واختارت القسم الفرنسي نظرًا لطبيعة تعليمها المدرسي، وما درسته في كليتها كان بمثابة دبلومة مزدوجة Double diplôme وبمجرد تخرجها في الكلية في هذا العام الجارى كانت شهادتها بمثابة شهادة من جامعة السوربون الفرنسية، فلقد درست معظم المواد التي يتم دراستها في هذه الجامعة الفرنسية العريقة التي تخرج فيها شخصيات من أعظم من أنجبت مصر. التنمية المجتمعية وكما أن الثورة كانت سببًا في سلوكها عالم السياسة فإنها أيضًا كانت سببًا في اتجاه ندى إلى التنمية المجتمعية، ذلك المجال الذي وضعته نصب أعينها ليكون مستقبلها، كما أنه كان سببًا في تعدد شبكة علاقاتها، خاصة أنها عملت كثيرًا في إطاره، فقد كانت متطوعة في مدرسة لتعليم الأطفال اللاجئين الأفارقة، ومشروع دمج السوريين مع المصريين في التعليم المدرسي، وعملت في برنامج "مواطنون فاعلون" التابع للمجلس الثقافي البريطاني ومؤسسة فاضليا، حيث عملت على تدريب العديد من الطلاب من خلال هذه المؤسسة، كما مثلت ندى مصر والشرق الأوسط في تدريب في بلغاريا تابع لمؤسسة Economics Studies، وقدمت مشروع تعزيز جودة التعليم للفتيات في المنيا وعدد من المحافظات الأخرى، وكانت ضمن حملة 16 يوما لمكافحة العنف ضد المرأة، وعملت في مؤسسة ثينك تانك على كتابة أوراق سياسات عامة لحل مشكلة نقص أكياس الدم في مصر. استكمال الحلم بعد سنوات من دراسة السياسة في القاهرة والعمل في التنمية المجتمعية، وفى سنة التخرج قررت ندى ألا يتوقف طموحها عند هذا الحد، وراسلت جامعة Science Po Paris لاستكمال الدراسات العليا بها "أنا قدمت في الجامعة من السنة اللى فاتت واتقبلت من شهر مارس بس للأسف تكاليف الدراسة كتير بتوصل ل 27.200 ألف يورو.. ومساعدة أهلي ليا مش كفاية"، لذا فقد حاولت التقديم في منح كثيرة للتمويل ولكن لم يكن النجاح حليفها"، قدمت في منحة اتصالات وقدمت في منحة بتعتمد على التصويت لكن في المنح عامة بيبحثوا على الأفضل في كل حاجة والأعلى في التقديرات وإنه يكون شخص عنده إنجازات ودي مشكلة لأنى مش طبيعي أحقق إنجازات وتبقي تقديراتي عالية". لجأت ندى إلى فيس بوك لنشر قصتها وناشدت كل أصدقائها ومعارفها في مساندتها في التصويت لها عبر عدة مواقع توفر التمويل وفى مواقع خاصة بالمنح وتفاجئت برد فعل أقوى مما توقعت، فالأعداد التي ساندتها ودعمتها حتى على المستوى المعنوي كانت أكبر ممن تعرفهم حقًا، ولكن في الأخير لم تتمكن من النجاح في الحصول على أي منحة وأملها الوحيد لا يزال معقودًا على بعض المواقع التي توفر بعض التمويل من خلال التصويت. حلول لتحقيق الحلم وبعدما أصبح من الصعب التأكد من الحصول على منح لمساندتها في تحقيق حلمها في ظل اقتراب وقت سفرها دون نجاحها في توفير مصدر للإنفاق وتغطية تكاليف الدراسة، لم يكن أمام ندى سوى مجموعة محدودة من الاحتمالات لم يكن التفريط في حلمها أحدهم "راسلت الجامعة إنى أقسط المصاريف على 8 أقساط وقررت لو ما قدرتش ألاقى أي منحة تساعدنى إنى أوفر نفقاتى هشتغل هناك وأنا بدرس وأحاول أوفر كل شىء حتى في الأكل والسكن" فحلمها أن تعمل بمجال تنمية المجتمع الذي يصعب الحصول على ماجستير فيه من مصر جدير في نظرها بأن تتحدى الصعاب من أجله" كتير من الناس شايفني مش طبيعية وإنى المفروض أمشى في المسار الطبيعي لأى بنت واللى آخره الزواج.. أصدقائى بيساعدونى ووالدتى بتشجعني وأنا رغم كل شىء مكملة". المستقبل "أنا رايحة فرنسا سنتين وراجعة تانى وربنا يكون في عونى إنى ألاقى أي دعم من أي جهة تساعدنى على تكاليف الدراسة.. هرجع مصر بعد ما هدرس مواد ليها علاقة بالشرق الأوسط".. هكذا أكدت ندى التي أرادت أن تعمق معرفتها في مجال التنمية الدولية والمجتمعية لتعود إلى بلادها لتكون خلال سنوات قليلة مسئولة عن منظمة غير حكومية NGO في مصر تقدم مشروعات عدة لتنمية المجتمع.