مرضى تيبس الفقرات «أموات بأمر الدولة».. نقص العلاج البيولوجي يعيق حلم الشفاء.. أطباء الروماتيزم: الحقن غير متوفرة والمرض يصيب شخصا من بين 100.. ونوران أسامة: العلاج على نفقة الدولة لمدة 3 شهور فقط

تيبس الفقرات مرض يصيب شخص من بين كل 100 شخص وفقا للنسب العالمية، يصيب الرجال أكثر من السيدات، يحول الشباب في عمر الزهور إلى أفراد غير منتجين لا حول لهم ولا قوة، ويؤدي في النهاية إلى عدم الحركة وربما المضاعفات تصل للوفاة.
تيبس الفقرات
"ف.م" شاب في الثلاثينات من عمره، شعر بآلام شديدة في الظهر والمفاصل ذهب إلى الأطباء للكشف إلا أنهم بصعوبة اكتشفوا إصابته بمرض تيبس الفقرات، ونصحه الأطباء بالذهاب إلى مستشفى قصر العيني للعلاج، لأن علاج المرض ليس متوفر في كل المستشفيات وسرعان ما ذهب وبدا في الإجراءات ووصف له الأطباء العلاج البيولوجي له، وأجروا له تقرير لجنة ثلاثية لتقديمه في المجالس الطبية المتخصصة لاستصدار قرار علاج على نفقة الدولة.
كعب داير
بعد تقديم الأوراق ظل «كعب داير» على اللجنة الطبية للروماتيزم وأمراض المفاصل تطلب منه فحوصات وتحاليل كثيرة اضطر لإجرائها على نفقته الخاصة بمراكز تحاليل خاصة رغم غلو ثمنها لعدم وجودها داخل المستشفيات الجامعية أو مستشفيات وزارة الصحة، ظلت مدة دوامة التحاليل فترة 3 شهور إلى أن انقضت وصدر له قرار نفقة الدولة لمدة 3 شهور لصرف الحقن،وعندما عاد إلى قصر العيني لصرف العلاج البيولوجي وهو عبارة عن حقن enbrel كانت الإجابة أن العقار غير متوفر حاليا، وعليه البحث عن أي مستشفى أخرى توفره وتحويل قرار نفقة الدولة عليها وظل يبحث عنها إلا أنها غير متوفرة.
وأكد المرضى الموجودين داخل مستشفى قصر العيني أنهم يضطرون لشراء الحقن من الخارج وتكلفتها تصل إلى 6 آلاف جنيه للعبوة، بينما غير القادرين ينتظرون توفيرها بالمستشفي الجامعي.
العلاج الفعال
وأكد أطباء الروماتيزم أن العلاج الفعال لهؤلاء المرضى هو العلاج البيولوجي، إلا أنه غالي التكلفة لا يمكن للمريض القادر أن يشتريه خاصة وأنه يحتاج للعلاج به عدة سنوات وربما مدي الحياة وتبلغ تكلفة العلاج شهريا 9 آلاف جنيه.
حقن الإنبريل
الإنبريل هي الحقن الأشهر لهؤلاء المرضي والأقل تكلفة مقارنة بأنواع الحقن الأخرى ضمن العلاج البيولوجي يتم وصفها خلال قرارات العلاج على نفقة الدولة، إلا أنها غير متوفرة في المستشفيات بعد رفع سعرها في السوق الحر، وهو ما أكده أطباء الروماتيزم، لم تعد توردها الشركات للمستشفيات ويضطر المريض لشرائها من الخارج على نفقته ولكن لا يصمد كثيرا في الشراء مع ارتفاع التكلفة وطول مدة العلاج.
الدكتور عبد الشافي حسيب، أستاذ الروماتيزم بطب الأزهر، قال ل"فيتو "، إن مرض تيبس الفقرات مناعي يصيب كل فقرات الجسم والنسب المرتفعة في الإصابات لدى الشباب في العشرينات والثلاثينات، ويحدث نتيجة خلل في الجهاز المناعي ينتج عنه ألم في الحوض ثم يؤثر على الفقرات القطنية ثم الفقرات الصدرية ثم الفقرات العنقية ومفاصل الأطراف والفخدين.
صعوبة التشخيص
وأكد صعوبة تشخيص المرض في البداية من الأطباء خاصة غير المتخصصين في الروماتيزم، ويتم وضع معايير لتشخيص المرض من خلال التاريخ المرضي، والكشف وإجراء اختبارات معينة واشعة الرنين المغناطيسي، واذا تم اكتشاف المرض مبكرا يحقق العلاج نسب شفاء ونتائج جيدة.
العلاج
والعلاج يكون عبارة عن اعطاء المريض مسكنات الالم ومضادات الالتهاب وبعض الادوية المثبطة للمناعة والعلاج الطبيعي، وإذا تأخر اكتشاف المرض نتيجة إهمال المريض أو عدم دقة الطبيب في التشخيص، تبدأ مشكلات صعوبة العلاج، مؤكدا أنه إذا تمكن المرض من الجسم لا يخرج منه نهائيا.
وأشار إلى أنه كثيرا ما يصعب على الأطباء تشخيص المرض وكتابة علاج مختلف مما يسبب تأخر الحالة، ومع تقدم المرض يحدث انحناء في الظهر وتحدب بالفقرات الصدرية أو انحناء جانبي وتيبس في الفقرات العنقية وصعوبة حركة الرقبة.
العلاج البيولوجي
ويبدا المريض في تناول العلاج البيولوجي في الحالات التي لا تستجيب للعلاجات التقليدية ويحسن الحالة بنسبة ما حيث يكون عبارة عن مضادات الإلتهاب لعلاج عوامل الالتهاب التي تفرزها الخلايا المناعية وتسبب التيبس، مؤكدا أن متوسط التكلفة حسب نوع العلاج يتراوح من 40 إلى 60 ألف جنيه، وهى عبارة عن حقن تؤخذ تحت الجلد مستوردة من الخارج، وتوفر من خلال العلاج على نفقة الدولة، ولكن ليس بالقيمة بأكملها حيث يحصل المريض على العلاج عدة شهور تصل إلى سنة لكي يتحسن حالته ثم يعود للعلاج التقليدي.
دراسات أوروبية
وأشار إلى أن الدراسات التي أجريت على المرض في أوروبا تؤكد إمكانية شفاء المريض على مدار 5 سنوات من العلاج البيولوجي، ولكن في مصر لا يوجد الإمكانيات لذلك، مؤكدا أن المرض يصيب شخص من بين كل 100 شخص وما بين كل 10 مرضى نجد سيدة و9 رجال لأنه يصيب الرجال بالأكثر ويرجع ذلك لعوامل هرمونية.
العامل الوراثي
الدكتورة نوران أسامة، أستاذ الروماتيزم بكلية الطب جامعة عين شمس، ترى أن أسباب الإصابة بمرض تيبس الفقرات يرجع إلى العامل الوراثي ثم يتعرض لعوامل بيئية مشيرة إلى أنه يظهر في الرجال أكثر من السيدات.
أضافت ل"فيتو" أن علاج المرض يكون أحيانا من خلال العلاج الطبيعي المائي وغير المتوفر سوي في كليات العلاج الطبيعي ومركز القوات المسلحة بالعجوزة فقط.
ارتفاع تكلفة العلاج
أشارت إلى أن المشكلات الني تواجه المرضى في العلاج ارتفاع التكلفة ويحصل المريض على مسكنات لمدة أسوعين بكميات كبيرة وإذا لم تحقق نتيجة فعالة، فلا محالة من الحصول على العلاج البيولوجي موضحة أن مضاعفات المرض تصيب مفاصل الكتف والحوض والركب وتؤثر على العين ولا يتحرك نهائيا ولا يستطيع التنفس ولا يمكنه النوم ومشكلات في الأوعية الدموية ويوجد احتمالية إصابتهم بتصلب الشرايين والتعرض للجلطات ويصبح فرد غير فعال ويتعرض لأزمات نفسية.
أضافت أن أهم العلاجات البيولوجية للمرضي نوعين من الحقن منها الإنبريل enbrel ارتفع سعرها من 6 إلى 9 آلاف جنيه للعبوة تضم 4 حقن وهي الأقل في التكلفة مقارنة بأنواع الحقن الأخرى التي ارتفع سعرها من 8 إلى 12 ألف جنيه، بخلاف الأدوية التي يحصل عليها المريض لعلاج المضاعفات المرض والأمراض المصاحبة،وتكلفتها مرتفعة لا يقدر عليها المريض القادر ماديا.
علاج حكومي
وذكرت أن وزارة الصحة من خلال العلاج على نفقة الدولة توفر الحقن للمرضي ولكن بكميات قليلة، فضلا عن روتين صدور القرار وما وصفته ب"لفة " المريض والفحوصات والتحاليل المطلوبة منه والعرض على اللجان ويحصل على قرار علاج لمدة 3 شهور ثم تجدد ل3 شهور آخرين بعد إعادة التحاليل والعرض على اللجنة الطبية من جديد إلا أن تلك المدة لا تكفي علاج المريض ولا يشفي من خلال علاج 6 شهور ويحتاج على الأقل عامين.
اشارت إلى أن العلاج غير متوفر لديهم بقسم الروماتيزم بكلية الطب بجامعة عين شمس وحاليا في أغلب المستشفيات التي توفره عكفت الشركات الموردة عن التوريد العلاج مع ارتفاع التكاليف لأن الشركة افضل لها دفع غرامة عدم توريد المناقصة بدلا من التوريد بخسارة عليهم.
التكلفة
وعن تكلفة العلاج، قالت نوران أسامة إن متوسط سعر العلاج 9 آلاف جنيه لمدة 12 شهر ثم يتم تخفيف الجرعات للمريض لخفض التكلفة عند بدء تحسن المريض، مشيرة إلى أن نسبة الشفاء من المرض نهائيا تصل إلى 10% فقط في بعض الحالات ولكن الغالبية العظمى تحتاج لعلاج مدى الحياة ويحدث لها تحسن طفيف.
جراحة عاجلة
بدوره، قال الدكتور خالد تحسين الحديدي، أستاذ الروماتيزم بجامعة القاهرة، وعضو الجمعية المصرية لأمراض المفاصل والروماتيزم، إن تيبس الفقرات ضمن مجموعة أمراض الروماتيزم يؤثر على العمود الفقري والحوض والمفاصل الطرفية منها اليد والقدم والكاحل والعين حيث يسبب التهاب في القزحية وأمراض جلدية كالصدفية والتهابات القولون التقرحية، مشيرا إلى أنه قديما كان يصيب الرجال بالأكثر والأن يصيب السيدات أيضا نتيجة خلل في جهاز المناعة ويبدأ في سن مبكر في العشرينات ومن أكثر الأمراض صعبة التشخيص لتشابه أعراضه مع أمراض أخرى منها الإنزلاق الغضروفي وآلام الظهر لذا يشخص لدى المرضي متأخرا والحصول على مضادات الالتهاب لا يفيد المرضى إلا قليلا.
وأشار إلى أن بعض الأطباء يصفون للمرضي إجراء جراحة للعلاج دون فائدة ثم يكتشف بعد ذلك أنه مصاب بتيبس الفقرات، موضحًا أن العلاج البيولوجي يعطي نتائج جيدة ولكن مكلف للغاية وله مضاعفات منها تنشيط مرض الدرن لذلك قبل وصفه للمريض يجب إجراء تحليل الدرن وأنواع أخرى لتأكد الطبيب من استفادة المريض من العلاج وعدم تسبب مضاعفات له والأمراض التي تمنع استخدامه غير موجودة.
وأكد أنه يصرف على نفقة الدولة بشروط وقيود لمنع إساءة استخدامه والتأكد من استيفاء المريض لشروطه، مشيرا إلى أن له أنواع منها حقن تحت الجلد وحقن تذوب في المحلول.