يعتبر مرض الصدفية الجلدية (psoriasis) من الأمراض الجلدية المزمنة و التى تتمثل فى ظهور بقع جلدية حمراء سميكة و ملتهبة والتى عادة ما تغطى بقشور فضية اللون. يصيب مرض الإلتهاب المفصلى الصدفى (psoriatic arthritis) أقل من 5% من المرضى المصابين بالصدفية الجلدية. إنتشار المرض: يصيب مرض الإلتهاب المفصلى الصدفى جميع الأعمار و لكن عادة ما يصيب المرضى اللذين تتراوح أعمارهم بين العشرين والخمسين عاماً ويصيبالإناث و الذكور على السواء. تكون تحاليل العامل الوراثي (hla-b27) إيجابية في معظم المرضى. غالباً ما يصاب المرضى بالإلتهاب المفصلى بعد ظهور أعراض الصدفية الجلديةإلا إنه قد إلتهاب المفاصل إلتهاب الجلد في حوالي 15% من المرضى وفي 15% آخرين يصاحب تأثر المفاصل تأثر الجلد فى ذات الوقت. مسببات المرض: صدفية المفاصل هو مرض مناعي (ما هو المرض المناعي). يعتقد الباحثون أن مجموعة من العوامل الچينية و المناعية و البيئية تشترك معاً فى إحداث المرض. ♦ العوامل الچينية: حوالى 40% من مرضى الإلتهاب المفصلى الصدفى أو الصدفية الجلدية يكون أحد أقاربهم مصاب بنفس المرض مما يعنى أن أقارب مريض الإلتهاب المفصلى الصدفى عرضه للإصابة بنفس المرض خمسين مرة أكثر من غير الأقارب وكذلك إذا اصيب أحد التوأمان المتطابقان بالإلتهاب المفصلى الصدفى فإن التوأم الآخر عرضه بصورة كبيرة للإصابة بنفس المرض. من الملاحظ أنه كما تؤثر العوامل الچينية فى إحداث المرض فإنها أيضاً تتحكم فى شدة الإصابة بالمرض. ♦ العوامل المناعية: تم إكتشاف عدد من العوامل المناعية المختلة فى مرضى الإلتهاب المفصلى الصدفى ♦ العوامل البيئية: تشترك العدوى ببعض البكتيريا و الفيروسات فى إحداث المرض ويعتقد الخبراء وجود علاقة بين الإصابة بالعدوى البكتيرية العقدية و الإصابة بالإلتهاب المفصلى الصدفى و كذلك قد لوحظ أن هذا المرض يصيب مرضى نقص المناعة المكتسب (الإيدز) أكثر من غيرهم. أنماط المرض: يميل المرض للتأثير على مجموعات معينة من المفاصل و يتضمن المرض الأنماط الآتية: ♦ النمط الأول: إلتهاب مفصلى صدفى يصيب السلاميات القاصية لأصابع اليدين و القدمين (predominant dip involvement). و يصيب هذا النمط أقل من عشرين بالمائة من المرضى و قد يصاحب بإعتلال فقرات العمود الفقري. ♦ النمط الثاني: إلتهاب مفصلى الصدفى يؤثر على عدد أربعة فأقل من المفاصل (oligoarthritis) و التى لا يشترط تماثلها على جانبى الجسم مثل إصابة الركبة اليمنى دون اليسرى. ♦ النمط الثالث: إلتهاب مفصلى صدفى يتشابه مع الإلتهاب المفصلى الروماتويدى (polyarthritis) فى كونه يصيب عدد خمسة فأكثر من المفاصل و التى تتماثل على جانبى الجسم مثل إصابة الركبة اليمنى و اليسرى معاً. ♦ النمط الرابع: إلتهاب مفصلى صدفى عنيف يتسبب فى إحداث تدمير و تشوه بالمفاصل (arthritis mutilans) و الذى غالباً ما يؤدي إلى حدوث قصر في أصابع اليدين و القدمين. قد يحدث هذا النمط مع أى من الانواع الأخرى. ♦ النمط الخامس: إلتهاب مفصلى صدفى مصاحب بإعتلال فقرات العمود الفقري و يؤدى إلى إنحناء الظهرو إلتهاب المفصل الحرقفى العجزى (sacroiliac joint inflammation). و يعد النمط الثالث أكثر الأنواع شيوعاً يليه النمط الثاني. أعراض المرض: تشتمل أعراض المرض على الآتى: ♦ آلام بالمفاصل المذكورة أعلى (إنظر أنماط المرض) ♦ تيبس بالمفاصل المتأثرة بالإلتهاب و بالعمود الفقري (بخاصة أسفل الظهر) و الذى قد يعوق المريض أكثر من آلام المفاصل ذاتها. و يعانى خمسون بالمائة من المرضى من تيبس صباحى يستمر لأكثر من ثلاثين دقيقة عقب الإستيقاظ من النوم. كما قد يشعر المريض بالتيبس بعد الجلوس لفترات طويلة ، وغالباً ما يشعر المريض بأن كلاً من الألم و التيبس يتحسن مع الحركة. ♦ إلتهاب و تورم أماكن إرتباط الأوتار بالعظام (enthesitis) لاسيما إرتباط وتر عضلة الساق (السمانة) بخلفية عظمة الكعب و إرتباط وتر باطن القدم بأسفل عظمة الكعب و إرتباط أوتار الجذع بعظام الحوض ♦ إلتهاب و تورم الأغشية الزلالية المحيطة بالأوتار (tenosynovitis) لاسيما أوتار اليدين و الذراعين. ♦ إلتهاب و تورم بكامل أصابع اليدين أو القدمين و الذى يصيب حوالى نصف عدد المرضى مما قد يؤدى إلى ظهور الأصبع على شكل النقانق (السجق) (sausage digits). و قد يصاحب هذا الإلتهاب تدمير شديد للمفاصل. ♦ إلتهاب قزحية العين (uveitis) و الذى يؤدى إلى حدوث آلام و إحمرار بالعين. و قد يؤدى إلتهاب قزحية العين إلى ضعف و فقد حاسة البصر فى بعض الحالات إذا ما صار هذا الإلتهاب مزمن أو متكرر. ♦ طفح بالجلد يتمثل فى ظهور بقع جافة حمراء اللون عادة ما تغطى بقشور فضية اللون و ذات حواف مرتفعة. ♦ تغيرات بالأظافر على هيئة نقر و تغير باللون و تفتت وإنفصال الظفر. و تصيب هذه التغيرات ثمانين إلى تسعين بالمائة من مرضى الإلتهاب المفصلى الصدفى. و عادة ما توازى تغيرات الأظافر شدة إصابة الجلد و المفاصل. تشخيص المرض: يعتمد الطبيب فى تشخيصه للمرض على التاريخ المرضى و الفحص الإكلينيكى و الأشعة السينية و قد يتطلب الأمر إجراء بعض الإختبارات على الدم و السائل الزلالى للمفصل لإستبعاد بعض الأمراض الأخرى مثل الإلتهاب المفصلى الروماتويدى و مرض النقرس مثلاً إلا أن إصابة الجلد و الأظافر (إذا كانت موجودة) وكذلك النمط المميز لإلتهاب المفاصل الصدفي يمكن بلا شك من التمييز بين هذا المرض و الأنواع الأخرى من إلتهاب المفاصل. و قد يستدعى الأمر الإستعانة بأشعة الرنين المغناطيسى لإستبيان الإلتهاب فى المفصل و الأنسجة المحيطة به و الذى لا يتضح بالأشعة السينية. و نظراً لأن مريض الإلتهاب المفصلى الصدفىعرضه للإصابة بنقص كثافة العظام فإن الأمر قد يتطلب إجراء إختبار كثافة العظام أيضاً لتشخيص وجود نقص بكثافة العظام. علاج الصدفية الجلدية: يمكن علاج المرض الجلدي هنا بإستخدام العلاج الموضعى كالكريمات و المستحضرات و المعالجة الضوئية و فى بعض المرضى غير المستجيبى للعلاج الموضعىيتم الإستعانة بالعلاج الدوائي الذى يتم تعاطيه عن طريق الفم أو الحقن. و حيث أن الصدفية جلدية كانت أم مفصلية مرض مزمن كمرض السكر والضغط فإن المريض ينصح بعدم إيقاف العلاج أبداً لأي سبب بدون إستشارة الطبيب وبالإلتزام بالعلاج لفترة طويلة. علاج الإلتهاب المفصلى الصدفى: يمكن العلاج من تخفيف آلام و تورم المفاصل و كذلك باقى أعراض المرض. ♦ العلاج الطبيعى و التمارين: يساعد العلاج الطبيعى و التمارين و المعالجة الحرارية على تخفيف آلام و تيبس المفاصل. كما ينصح المريض بالإنتباه إلى وضع جلوسه و أن يحافظ على إستقامة قامته و أن يتجنب الجلوس لفترات طويلة مع إستخدام مرتبة مناسبة للحفاظ على إستقامة الظهر. و يجب على المريض الإلتزام بإراحة المفصل المتأثر بالإلتهاب فى فترات الإلتهاب أما فى حالة سكون المرض فيمكن للمريض أداء بعض التمارين لبسط الأنسجة حول المفصل ولتقوية العضلات مما يساعد على منع حدوث أي تشوهات. ♦ مضادات الإلتهاب الغير إستيرودية (nsaids): تساعد هذه المجموعة الدوائية على تهدئة الإلتهاب و تخفيف الآلام ، و يجب تناولها بصورة مستمرة و بالجرعة المناسبة و لعدة أسابيع للحصول على التأثيرالمطلوب.و فى حالة عدم إستجابة المريض قد ينصح الطبيب بزيادة الجرعة الدوائية تدريجياً أو إستبدال النوع الواحد بنوع آخر من نفس المجموعة الدوائية. ♦ الحقن المفصلى بالكورتيزون (cortisone injections): يساعد الحقن المفصلى بالكورتيزون على تثبيط الإلتهاب و تخفيف آلام المفصل و لا ينصح بتناول الكورتيزون عن طريق الفم في معظم الأحيان حيث أنه قد تؤدى إلى تفاقم الصدفية الجلدية. ♦ مضادات الروماتيزم المعدلة للمرض (dmards): تنتمى هذه العقاقير لمجموعة دوائية تعمل على السيطرة على المرض وتمنع حدوث المضاعفات.و تستغرق هذه العقاقير من عدة أسابيع إلى عدة أشهر للحصول على التأثير المطلوب وأهم هذه العقاقير: الميثوتريكسات (methotrexate): يعد الميثوتريكسات من الأدوية المضادة للروماتيزم المعدلة للمرض شديدة الفاعلية.و يساعد الميثوتريكسات على الإقلال من تكاثر خلايا الجلد كما أنه يحبط الجهاز المناعى و يساعد على تحسين إلتهاب المفاصل.و عادة ما يتم إستخدامه فى المرضى الذين يعانون من إلتهاب المفصل الطرفية أكثر من إستخدامه في مرضى إلتهاب العمود الفقري. و عادة ما يتم تعاطيه بصورة أسبوعية على هيئة حبوب أما إذا كانت هناك الحاجة لتعاطى جرعات أكبر فإنه يتم تعاطيه عن طريق الحقن تحت الجلد أو بالعضل. و ينصح بتعاطى حامض الفوليك أو الفولينيك مع الميثوتريكسات للإقلال من الأعراض الجانبية للميثوتريكسات. و تشتمل أهم الأعراض الجانبية للميثوتريكسات على إرتفاع إنزيمات الكبد. يحدث ذلك مؤقتاً غالباً بحيث يقوم الطبيب بتقليل الجرعة مؤقتاً وليس إيقاف تعاط العقار تماماً وأكثر المرضى عرضة لذلك هم الذين يتناولون المشروبات الكحولية أو من عندهم دهون بالكبد بسبب السمنة أو مرض السكر. الأعراض الجانبية الأخرى تشمل إلتهاب الرئة و تثبيط نخاع العظام مما قد يقلل عدد كرات الدم البيضاء خاصة. أما عن أعراضه الجانبية على الجهاز الهضمى كالشعور بالغثيان فيمكن السيطرة عليها بتناول بعض العقاقير الأخرى مثل حامض الفوليك و الفولينيك و الميتوكلوبراميد (البرمبران) و الدومبيريدون (الموتيليوم و الموتينورم). السلازوبيرين (salazopyrine): يعتبر السلفاسلازين من الأدوية المعدلة للمرض و الذى قد يفيد بشأن إلتهاب المفاصل و إصابة الجلد فى مرضى الإلتهاب المفصلى الصدفى. و يمكن الإستعانة بهذا الدواء فى المرضى الذين يعانون من الأعراض الجانبية لعقار الميثوتريكسات. و على الرغم من ذلك فإنه لا يستفيد منه جميع المرضى بخاصة المرضى في الشرق الأوسط بالقارنة للمرضى في أوروبا وأمريكا ، كما يحظر تعاطى هذا الدواء للمرضى الذين يعانون من الحساسية لعقار السلفا. الأرافا أو الأفارا (arava): يعتبر الأرافا من الأدوية المضادة المعدلة للمرض و الذى يحسن كلاً من الأعراض المفصلية و الجلدية للمرض لكنه قد يتسبب فى حدوث إسهال و إرتفاع بإنزيمات الكبد و لا يستفيد منه سوى أربعون بالمائه من المرضى. و قد ينصح الخبراء بهذا العقار للمرضى ذوى الإستجابة الغير مرضية للميثوتريكسات أو للمرضى الذين يعانون من أعراض جانبية للميثوتريكسات. سانديميون أو نيورال (sandimmun neoral): يقوم هذا العقار بتثبيط الجهاز المناعى و يستخدم فى علاج الحالات الشديدة من الصدفية الجلدية و الإلتهاب المفصلى الصدفى. و قد كان هذا العقار يستخدم فى الماضى قبل إكتشاف مثبطات عامل تي إن إف و على الرغم من ذلك فإنه ما يزال من الممكن إستخدامه فى بعض المرضى. و يستغرق العلاج بهذا العقار من ثلاثة إلى أربعة أشهر للحصول على التأثير المطلوب. و يعد إستخدام كلاً من السيكلوسبورين و الميثوتريكسات معاً أكثر فاعلية من إستخدام كلاً على حدة. و من أهم الأعراض الجانبية لهذا العقار حدوث قصور بوظائف الكلى و إرتفاع ضغط الدم. ♦ العلاجات البيولوجية (biological agents): أهم العلاجات البيولوجية المستخدمة هنا هي مجموعة مثبطات عامل تى إن إف (عامل نخر الورم) (anti-tnf agents): و تتضمن تلك المجموعة كلاً من العقاقير الآتيه: إنبريل (enbrel) و هيوميرا (humira) و ريميكاد (remicade). و تعمل هذه المجموعة الدوائية بصورة سريعة (غالباً فى خلال اسبوعين) للسيطرة على أعراض المرض و قد تستخدم على حدة أو تستخدم مع الأدوية للمرض التقليدية وبخاصة الميثوتريكسات. و نظراً لثمنها الباهظ نسبياً فإن إستخدامها يقتصر على المرضى الذين لا يبدون إستجابة مرضية أو يعانون من الأعراض الجانبية للأدوية المعدلة للمرض التقليدية عند إستخدامها بالجرعات الكافية للسيطرة على المرض. و تعطى هذه الادوية إما عن طريق الحقن تحت الجلد مثل الإنبريل (enbrel) و الهيوميرا (humira) أو عن طريق التسريب فى الوريد على مدى عدة ساعات مثل الريميكاد (remicade). و يجب عند إستخدام هذه المجموعة الدوائية إستثناء وجود بعض الأمراض المعدية مثل الإلتهاب الكبدى بى (hepatitis b) و سى (hepatitis c) و مرض الدرن (tuberculosis). و يجب التنبه لتجنب الإصابة بالعدوى أثناء إستخدامها حيث أنها من الأدوية المثبطة للمناعة. ♦ العلاج الجراحى: يساعد العلاج الجراحى المرضى الذين يعانون من تلف شديد و فقد لوظيفة أحد المفاصل و تمكن عملية إستبدال المفصل المصاب بآخر صناعى حتى يتمكن المريض من ممارسة حياته اليومية بصورة أكثر طبيعية.