أبناء مصر لا يعرفون الهزيمة ووقت الشدة تجد الشعب المصري كله جيش باختلاف طوائفه ولا يقتصر الدفاع على الجندي والضابط فقط، وهناك ابطال لم يكن لهم الحق في التجنيد ولكنهم فضلوا الموت على الهزيمة. ويأتى ضمن هؤلاء الأبطال، المقاتل البطل محمد طه يعقوب صاحب أشهر علامة نصر في التاريخ، وأحد أبطال حرب العاشر من رمضان، السادس من أكتوبر 1973 البواسل. يقول يعقوب: "كنت أعمل مدرسا عقب تخرجي من الجامعة ولدي تأجيل من التجنيد بسبب أسباب عائلية ولكن عندما حدثت هزيمة 67 لم أستطع مواصلة حياتي مثل غيري من آلاف الشباب وقتها وكان لدينا إصرار على نيل شرف الالتحاق بصفوف الجيش للمساهمة في تحرير الأرض". وأضاف يعقوب: "توجهت إلى مكتب التجنيد ورفض في البداية وكررت المحاولة أكثر من مرة ثم وافقوا لي لأن هذه الفترة فتحوا التجنيد لأصحاب المؤهلات العليا للاستفادة منهم في تشغيل الأسلحة الجديدة والمتطورة التي دخلت القوات المسلحة استعدادا لحرب التحرير". وأوضح يعقوب أنه تحقق حلمه فأصبح مجندا مقاتل بسلاح المشاة ميكانيكا بأحد كتائب الجيش الثالث الميدنى وكان شرفا لا يضاهيه شرف فلن يهنئ لي بالا حتى أخذ بثأر بلادي فأنا أحد أبناء بور سعيد وشاهدت وانا صغيرا العدوان الثلاثي على مصر وكيف تم تهجيرنا من منازلنا وتركنا ورائنا كل الذكريات الجميلة وعشت مرارة فقد أصدقاء وأهلا بسبب الحرب ولكن هذه المرة أنا قادر على الدفاع والقتال والثأر. ويضيف يعقوب: "كنا على استعداد كامل هذه المرة ونتحمل التدريب الشاق حتى ساعة الصفر فيومها لم نتوقع قيام الحرب بالرغم من التدريبات الشاقة التي نقوم بها على أرض مشابهة لمسرح العمليات بسيناء وكنت أحلم أنا وزملائي بليلة العبور لدرجة أنه في ليلة 5 أكتوبر عندما أبلغونا بالاستعداد لم يبلغونا بأنه يوم العبور اعتقدنا أنه مشروع حرب، ولكن عندما سمعنا أزيز الطائرات المصرية تحلق في السماء فوق رءوسنا متجه إلى سيناء ورأيناها تقوم بضرب الأبراج الإسرائيلية الموجودة خلف القناة والساتر الترابي تلاشي من ذاكرتنا منظر رؤيتنا الإسرائيليين يسبحون في القناة ويظهرون أمامنا وكأنها بلادهم وكنا ننتظر الأوامر من أجل إخراجهم من أرضنا الطاهرة التي نفنى حياتنا من أجل عزتها وكرامتها لأن عقيدتنا هي النصر أو الشهادة وكانت سعادتنا أنا وزملائي لا توصف بالعبور". وأشار يعقوب أن مهمته في الحرب كانت احتلال منطقة عيون موسى والقضاء على العدو بمنطقة "جبل المر"، متابعا: "وفي الساعة الثانية والنصف قمنا بعبور قناة السويس بأسلحتنا الخاصة وبدون أي معدات ثقيلة من مركبات سواء دبابات أو عربات قبل إقامة الكباري وإزالة الساتر الترابي، وكانت قوة الكتيبة 22 مقاتلا برتب مختلفة وعقب العبور فوجئنا بانتشار 22 دبابة إسرائيلية وكلفنا القائد بإطلاق الرصاص في الهواء حتى لا يعرف العدو تسليحنا". وتابع:"وانتشرنا في كل أنحاء جبل المر وأخذنا نناورهم ونحن نحيط بهم من الخلف حتى لا يعتقدوا أن عددنا قليل، خاصة وأن معداتهم كثيرة وكنا نطلق الرصاص من أسلحتنا الخاصة في الهواء مع ترديد الله أكبر من كل اتجاه مما أصاب العدو برعب وفور انتهاء الذخيرة صدرت لنا أوامر أخرى بحمل " الطوب" لإيهام العدو بأنها قنابل، وكانت فعلا ارادة الله وعونه في تحقيق النصر أن يقذف الرعب في صدور العدو حيث خرج أفراد الدبابات الإسرائيلية رافعين رايات الاستسلام وأسرنا يومها العشرات منهم، وسيطرنا على المنطقة التي كانت أكثر عرضة للقذف الإسرائيلى فنحن شعبا لا يعرف الهزيمة وحققنا من الهزيمة أروع انتصار يذكره التاريخ وهو حرب العاشر من رمضان السادس من أكتوبر 73".