شهد بطولات ضد الجيش الصهيوني.. وأهالي القبائل كانوا يصطادون جنود المحتل بمجرد نزولهم من الهليكوبتر تنمو في وديانه أشجار الزيتون والأعشاب.. وجيولوجي اكتشف فيه منجما للفحم أيام عبدالناصر دراسات علمية تؤكد احتواءه على الذهب وأهم منجم للحديد.. ورماله البيضاء تدخل في صناعة الزجاج والكريستال "وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم".. نص قرآني بليغ يمكن أن يلخص طبيعة نظر قطاع عريض من المصريين إلى «جبل الحلال»، الذي تحول في السنوات الأخيرة إلى "وكر للإرهابيين" وملجأ للخارجين على القانون، وأصبح مصدرًا من مصادر زعزعة الأمن في شمال سيناء على الحدود الشرقية، ليس كله شرا وهناك وجه آخر للجبل الذي تمكنت القوات المسلحة من تطهيره مؤخرًا ووجهت ضربات قوية للجماعات المتطرفة التي كانت تسكنه وتمارس من خلاله أعمالها الإجرامية ضد قوات الجيش والشرطة. جبل الحلال له تاريخ عظيم ولعب دورًا مهمًا ومحوريًا في مقاومة الاحتلال الإسرائيلي، وعلى أرضه سطر أهالي سيناء تاريخًا نضاليًا ضد جنود الكيان الصهيوني، وبين تلاله كنوز وموارد طبيعية لو أحسن استغلالها لأصبح الجبل مصدرا من مصادر الدخل القومي. وبالرغم من الصورة السلبية التي التصقت بالجبل وارتباط اسمه بالإرهاب منذ سنوات فإنه يحمل في طياته كنوزًا كغيره من الجبال والمناطق التي تقع في أرض الفيروز، ول"الحلال" وجه آخر مشرق غير ذلك الذي اكتسب منه شهرته "سيئة السمعة". موقع إستراتيجي استقى الجبل اسمه من "الأغنام" عند العرب فهي تعنى في لغتهم "الحلال"، ويرجع سر هذه التسمية إلى أن سفح الجبل في فصل الربيع، كما ذكر المؤرخون القبليون، كان مرتعًا للأغنام لكثرة الأعشاب التي كانت تكسوه بفعل كثرة الأمطار، ولكن الآن الأمر اختلف ولم تعد الأمطار كسابق عهدها، وبالتالى قل حجم اللون الأخضر الذي كان يزين سفح "الحلال" وغلبت عليه صفرة الصحراء، ويُعد هذا الجبل الذي يبعد عن مدينة العريش نحو 60 كم ويمتد لنحو 60 كم من الشرق إلى الغرب بشمال سيناء، موقعًا استراتيجيًا مهمًا، فضلًا عن اعتباره قيمة تكتيكية ذات أهمية لتأمين حدود مصر الشرقية، وهو يقع ضمن المنطقة (ج) وفقًا لاتفاقية كامب ديفيد. سكان وحياة وبالرغم من كل ما يشهده الجبل من أحداث فإنه لا يخلو من السكان بل يضم بين صخوره القاسية حياة لقبائل البدو التي تسكنه وتحفظ مدقاته وكهوفه عن ظهر قلب، فتسكن في غربي الجبل قبيلة "الترابين"، بينما تسكن في الجهة الشرقية للجبل قبيلة "التاييهة" وهى من بطون قبائل بنى هلال، وهى قبائل تعيش حياة بدائية ينقصها البنية التحتية، وتغيب عنها المياه والتعليم والكهرباء، ولقد كان للقبائل التي تسكن هذا الجبل باع طويل في مقاومة العدو الإسرائيلي في الماضى، حيث تم استهداف الإسرائيليين في قلب جبل الحلال على يد المقاومة السيناوية التي كان يقوم أفرادها بقنص الجنود الإسرائيليين بمجرد قفزهم من الطائرات الهليكوبتر. موارد طبيعية وكما أن الجبل لا يخلو من الثروة البشرية، فهو أيضًا يحتوى على عدد من الموارد الطبيعية والمعادن المهمة، وتشير بعض الدراسات إلى وجود عروق من الذهب البسيط والخفيف بإحدى مناطق الجبل، كما أنه يمكن استخراج أجود المنتجات الخاصة بمواد البناء من الجبل، ويتوافر به الحجر الجيري والطفلة التي تمتاز بارتفاع نسبة الألومينا بها، ويحوى "الحلال" أيضًا أحد أهم مناجم الحديد في مصر، فضلًا عن كونه أحد أهم المصادر التي تضم خام الرمال البيضاء، التي تتميز بنسبة عالية من النقاء وتصل نسبة السيليكا فيها نحو 99%، وهذه الرمال البيضاء تدخل في صناعة الزجاج والكريستال، كما أن الجبل ذاته يتكون من صخور نارية ورخام، أما وديانه فتنمو بها أشجار الزيتون وأعشاب أخرى عدة ذات فائدة ونفع، كما أن الجبل ينتشر به أشجار العرعر الفينيقي وهو نبات من النباتات البرية، هذا بخلاف منجم الفحم الذي اكتشفه الراحل الجيولوجى درويش الفار في عهد الرئيس جمال عبد الناصر ونال إثر اكتشافه هذا جائزة الدولة التشجيعية في العلوم الجيولوجية عام 1964، وهو منجم فحم المغارة في وادى الصفا بجبل الحلال الذي يبلغ الاحتياطي الخام به 52 مليون طن. تنمية "الحلال" تحتضن أرض الفيروز كنوزًا، وجبل الحلال أحدها، فبالإضافة إلى الموارد الطبيعية التي يحويها الجبل والتي تجعله وجهة للاستثمار والمستثمرين، فإنه هو ذاته يمكن استغلاله في السياحة الجبلية، فهو يُعتبر من أعلى القمم بالنسبة لشمال ووسط سيناء، حيث يبلغ ارتفاعه نحو 2000 متر عن سطح البحر، وبالتالى يمكن استغلاله في سياحة تسلق الجبال أو بتنظيم رحلات سياحية إلى الجبل نفسه، ويمكن استغلال إمكانات سكانه البسيطة والترويج لمنتجاتهم اليدوية. وعن الجبل وإمكانية تحوله إلى نواة لتنمية سيناء بأكملها، أشار اللواء أحمد رجائى عطية، بطل الصاعقة ومؤسس وحدة مكافحة الإرهاب 777، إلى أن الجبل تم تطهيره على يد القوات المسلحة من الإرهاب الغاشم، ولكن الحفاظ على هذا التطهير يستدعى ضرورة التعجيل بتنمية جبل الحلال وسيناء بأكملها، مؤكدًا أن مثلث جبل الحلال وضلفة والمغارة به خيرات وثروات ومعادن كثيرة، وأولى خطوات التنمية في اعتقاده تتركز في التنمية البشرية لسكان الجبل وسيناء وإشراك البدو في العمل الإدارى المحلى مع الاستغلال الأمثل لهذه القوة البشرية لكى تخدم قطاع السياحة ولإنشاء مدن دفاعية منتجة للصناعات البسيطة. وأضاف: "التنمية يمكن أن تتحقق بإقامة الصناعات المكملة لكل المعادن الموجودة بسيناء وبطبيعة الحال في جبل الحلال، والتركيز على الأشجار المنتجة للزيوت "الذهب النباتى" للدخول في تجارتها العالمية كأشجار الزيتون المنتشرة في "الحلال"، وهذه الأشجار لا تقل أهميتها اقتصاديا عن إنتاج البترول". وقدم رجائى في كتيب له بعنوان "مصر أولًا" اقتراحات بإقامة ساتر ترابى ذي بسطة عريضة في حدود 100م على حافة الحدود يتبعها خليج مائى متقطع يُغذى من البحر الأحمر والأبيض ومياه وادى العريش، واستحداث مدن بين رأس النقب والكنتلا وبين الكنتلا والقسيمة والقسيمة رفح، على أن تكون هذه المنطقة وهى بطول نحو 270 كم، ومن بينها جبل الحلال، مخصصة لإنتاج الدواجن والأسماك وزراعة النخيل.