لا يوجد قانون يعاقب على اغتصاب الأطفال.. وغالبية الجرائم تصنف «هتك عرض»!! ما بين الحديث عن القوانين التي يرى أنها أصبحت في أمس الحاجة لإعادة النظر، والقوانين التي أصبح سيناريو التعديل فيها لا يصلح معها، دار الحوار مع المستشار رفعت السيد، رئيس محكمة استئناف القاهرة الأسبق، الذي شدد على ضرورة اتجاه السلطة التشريعية لإيجاد بدائل حقيقية للقوانين التي مر عليها سنوات طويلة، مثل قانون العقوبات، الذي قارب على أن يتم 80 عامًا. المستشار "السيد" تحدث أيضًا عن التغييرات التي طرأت على شكل الجريمة في مصر، كما ألقى الضوء على المجتمع المصرى والتغيرات التي طرأت عليه هو الآخر، سواء فيما يتعلق بالجانب الأخلاقى أو السياسي، حيث أوضح أنه بعد ثورتين تغيرت تركيبة المجتمع المصرى للأسوأ من الناحية الأخلاقية، وللأفضل من الناحية السياسية.. فإلى نص الحوار: بداية.. من وجهة نظرك هل يحتاج قانون العقوبات في مصر لإدخال تعديلات لتغليظ العقوبات في ظل الانفلات الأخلاقى الذي تشهده مصر حاليا؟ قانون العقوبات تم إعداده وإقراره عام 1937، ما يعنى أنه أتمّ 80 عاما، المجتمع الذي كانت تعيش فيه مصر وقت إنشاء القانون غير المجتمع الذي نعيشه الآن فظهرت جرائم جديدة تستوجب تغيير القانون بأكمله، وعدم الاكتفاء بالتعديلات التي تدخل عليه؛ لأنه أدخلت عشرات التعديلات لكنها لم تف بالأغراض المطلوبة منها لتحقيق الردع العام، كما أنه لم يكن يتضمن عقوبات للجرائم المستحدثة التي ظهرت في المجتمع وانتشرت، وأصبح معها القانون عقيمًا لا يحقق الغرض الذي أوجد من أجله، كما أرى أنه لابد من إيجاد تشريعات جديدة تنطوى جميعها تحت قانون العقوبات، وبالتالى يتعين إنشاء قانون جديد يحدد كل الجرائم وعقوباتها ليسهل على القاضى والمدافع عن المتهم المهمة، ويحقق الردع العام. إذن.. ترفض إدخال تعديلات على القانون الحالى؟ القانون لابد أن يتسق مع بعضه البعض، وأرى أنه الأيسر على المشرع إعداد قانون جديد شامل يضم داخله عقوبات لجميع الجرائم. ما تصنيف الجرائم.. وهل تختلف العقوبة؟ تصنف الجرائم إلى جنح وجنايات، الجنح عقوبتها من يوم إلى 3 سنوات، والجنايات تبدأ بالسجن المشدد حتى الإعدام، فتصنيف الجنحة تسمى حبسًا أما الجناية تسمى السجن، وكل منهما له مكان تقضى فيه العقوبة، فالسرقة تنطوى على جنحة، أما إذا اقترنت بالإكراه تصبح جناية، وتصنف بالسجن وعقوبتها تصل حتى السجن المشدد 15 عامًا. ما عقوبة الجرائم الحديثة مثل جرائم اغتصاب الأطفال؟ "اغتصاب الأطفال" حالات شاذة فهى ليست بالجريمة الكاملة مثل اغتصاب أنثى التي تصل العقوبة فيها إلى الإعدام، وأغفل القانون اغتصاب الطفل ولم يضع له عقوبة، واكتفى بقيد الوصف بهتك عرض أو فعل فاضح مقترنا بخطف وهنا تصل العقوبة إلى السجن المشدد، أما إذا كانت الجريمة لم تقترن بخطف تصبح "هتك عرض". وأريد الإشارة هنا إلى أنه كان يتعين على المشرع إعادة صياغة النص في وقائع التحرش الجنسى، وإضافة نص صريح يتضمن الاغتصاب في جميع الأعمار، كما أنه يعتبر مرتكب تلك الجريمة بالمريض النفسي، وهنا نجد ثغرات كثيرة في القانون لا تحقق الردع العام في تلك الحالات المرضية الشاذة، فمتعاطى المخدرات مثلا غير من يتاجر فيها. هل قانون الإجراءات الجنائية بحاجة إلى تعديلات أم صياغة مشروع قانون جديد ؟ قانون الإجراءات الجنائية صدر عام 1950، وأجريت عليه أيضًا تعديلات جديدة لا تتماشى مع مستحدثات ومستجدات العصر، فلا بد من تشريع قانون جديد كلى للإجراءات الجنائية يتماشى مع الظرف الحالى الذي فيه المجتمع، فنجد نصوصًا كثيرة لا تتماشى مع النصوص الحالية، فالقانون يتضمن الحبس الاحتياطي على سبيل المثال إذا قضى المتهم عامين، فبذلك يكون قيد الحبس الاحتياطي دون جريمة أو عقاب، وأقترح أنه لابد من أخذ رأى الشرطة في حالة أن المتهم تعثر إثبات ارتكابه الجريمة حتى لا يكون هناك أبرياء داخل السجون. هل عقوبة الخطف والبلطجة تتماشى مع حجم الجريمة؟ انتشرت في الآونة الأخيرة جرائم الاختطاف والبلطجة وطلب الفدية من أهل المختطف، وأصبح القانون عاجزًا عن تكييف تلك الجريمة الهمجية، فعقوبة الخطف تصل إلى السجن المشدد لكنها لا تحقق الردع العام. برأيك.. هل التفرع في القوانين مثل قانون الإرهاب أفضل أن يتم التعامل مع كل الأمور المتشابكة بقانون واحد؟ قانون الإرهاب موجود بالفعل في قانون العقوبات، كما أن ما استحدث من قانون جديد للإرهاب لم يف بالغرض المطلوب، فاستحداث قانون للإرهاب وغيره للتظاهر وغيره للسلاح، كل تلك القوانين لابد أن توضع جميعها في قانون واحد هو "قانون العقوبات"، حتى لا يتم التشتيت، فقانون العقوبات يعرف بالجريمة والعقوبة، ومن غير المعقول أن نتفرع في القوانين ونضع عشرات القوانين دون الحاجة، وتصبح تلك القوانين مطاطة ولا تفى بالغرض المطلوب. هل قانون الإرهاب بديل عن قانون الطوارئ ؟ بالفعل قانون الإرهاب الجديد يمكن القول إنه بديل عن تطبيق أحكام قانون الطوارئ، والآثار المترتبة عليه في ضوء الشرعية الدستورية والقانونية، وذلك على سبيل الجزم في تحديد الجرائم الإرهابية. وهو ما لا يدع مجالا للشك من أن إصدار هذا القانون سوف يقوم بمواجهة الجماعات التكفيرية ومكافحة الجرائم الإرهابية وتعقب مرتكبيها وأيضًا العقوبات الرادعة لكل من شارك أو ارتكب أعمالا إرهابية، وأن إجراءات التقاضى المنصوص عليها في القانون هي باقى الإجراءات الباقية في الجرائم الإرهابية، ويحمل القانون كذلك تشكيل دوائر جنائية للنظر في القضايا الإرهابية، كما أنه منح الجهات والأجهزة الأمنية فرصة كافية لإجهاض محاولات الجماعات الإرهابية في القيام بأعمال تخريبية، وذلك من خلال القيام بالتحفظ على المشتبه بهم وتوقيع العقوبات الرادعة عليهم، ومنح الحصانة الكاملة لسلطات الضبط القضائى في مقاومة الإرهابيين، ولا شك أن ممارسة السلطات هذا الحق من قبل أجهزة الأمن دون تخوف سيكون له أثر إيجابى في منع حدوث الجريمة، ولكن أكرر أن جميع القوانين يجب أن تندرج تحت قانون العقوبات ليشمل جميع الجرائم حتى تتسق مع بعضها البعض دون أن يكون هناك انحراف في المعيار القانونى. من واقع متابعتك الأمور.. هل وعى الشعب اختلف في التعامل مع الجريمة بعد الثورة ؟ نعم هناك أمور لا نختلف عليها، فالشعب المصرى اختلف كثيرًا بعد ثورة يناير لكن اختلف إلى الأسوأ على المستوى الأخلاقى، فأخلاقيًا نجده يقدم على ارتكاب الجرائم وخرق القانون، واختلطت عنده المفاهيم، وأصبح معتادًا على ممارسة الجريمة واستحداثها دون النظر للجرم أو العقوبة، وعدم الانصياع لأوامر الدولة وظهور الإرهابيين الذين يحاولون زعزعة الاستقرار، فضلا عن جرائم التجسس وغيرها من الجرائم الأخلاقية مثل الاغتصاب والخطف والقتل والبلطجة، ومن كل ذلك نستطيع أن نقول إن الشعب بعد الثورة تحول أخلاقيًا للأسوأ.