أكد أحمد أبو الغيط، الأمين العام لجامعة الدول العربية، أن التحديات الاقتصادية والاجتماعية لها مكان الصدارة على أجندة الاهتمامات العربية. وقال «أبوالغيط» خلال كلمته بالجلسة الافتتاحية للاجتماع الوزاري للمجلس الاقتصادي والاجتماعي التحضيري لمجلس جامعة الدول العربية على مستوى القمة العادية (28) بالمملكة الأردنية الهاشمية، إن المواطن العربي بشكلٍ عام ما زال يشعر بانعدام الأمن الاقتصادي وثقته في المستقبل ضعيفة. وأوضح أن المواطن العربى يشعر بضغط الأزمات الاقتصادية يتعاظم انعكاسًا للتباطؤ على صعيد الاقتصاد العالمي، ولانخفاض أسعار النفط الذي لن تكون آثاره وتبعاته قاصرة على الدول المُصدرة للنفط وحدها، وإنما ستمتد لأغلب الدول العربية. وأضاف: "الحقُ أن الحكومات العربية جميعًا وضعت التنمية الاقتصادية هدفًا أساسيًا لها، وغاية منشودة لعملها وهناك خطط جسورة وطموحة تُخاطب المستقبل، وتستهدف تغيير الهياكل الاقتصادية للدول العربية، وإصلاحها، والانتقال بها من مرحلة الركود والنمو البطيء إلى زيادة الإنتاجية والاقتصاد الموجه للتصدير ذي القيمة المُضافة العالية، فضلًا عن السعي المحمود لتنويع مصادر الثروة واستنفار الطاقات الكامنة في المُجتمعات، وبخاصة في شريحة الشباب". ونوه إلى أن الخطط والتوجهات التي اتخذتها الحكومات العربية تحمل بين طياتها أملًا حقيقيًا للمواطن العربي، ذلك أنها تضع الاقتصادات العربية على أول الطريق السليم، طريق الإصلاح الشامل الذي يواجه –بجرأة وثقة- جوهر الاختلالات القائمة منذ عقود في البنية الاقتصادية للدول العربية، وأخطرها على الإطلاق القطاع العام المُتضخم ضعيف الإنتاجية، والعجز عن جذب الاستثمارات الأجنبية، وتفشي النزعة الاستهلاكية، وضعف منظومة الرعاية الاجتماعية للفئات الأضعف والأكثر فقرًا. وأستطرد: بُلدان العالم العربي تجد نفسها في سباق مع الزمن فلا يغيبُ عنّا أن مُعدلات النمو السكاني في المنطقة كانت من بين الأعلى عالميًا خلال الخمسين عامًا الأخيرة. وأشار إلى أنه من الأخطر أن دول المنطقة العربية تمر بطفرة ديموغرافية تجعلها الأكثر شبابًا مُقارنة بالمجتمعات الأخرى، فثُلث المواطنين العرب تقع أعمارهم بين 15 و29، وهو ما يُشكل كتلةً ضخمة من السُكان يتجاوز حجمها ال 100 مليون إنسان، وهي ليست مجرد كتلة ساكنة أو راكدة، بل هي الأوثق اتصالًا بالعالم، والأكثر تعليمًا، والأشد تطلعًا للمستقبل. وقال: "لا تحتاج الحكومات العربية لمُلاحقة هذا النمو السُكاني فحسب، وإنما مطلوبٌ منها أيضًا التجاوب المُستمر مع التطلعات المتزايدة للشباب". وركز على أن النجاحات التي تحققت على مدار العقود الماضية في تحسين مؤشرات التنمية الإنسانية للسُكان ضاعفت من قدر تطلعات الناس وطموحاتهم والتقدم في مجال تقنية الاتصال جعل الشباب أكثر وعيًا بما يدور في العالم، ومن ثمّ أكثر رغبة في الحصول على المزيد من الفُرص من أجل الترقي وتحقيق الذات. وشدد على أن هؤلاء الشباب هم أملُ هذه المنطقة، وطوق نجاتها، مؤكدًا أن الاستثمار فيهم وإتاحة الفرص أمامهم يمُثلان التحدي الأكبر أمامنا. وأضاف: "ولا أبالغ إن قُلتُ إننا في حاجة إلى نموذج تنموي جديد يكون على مستوى توقعات الشباب، وبقدر تطلعات الناس، نحتاج إلى منظومة اقتصادية تقود إلى توليد الثروة وتحفيز الابتكار وتفجير ينابيع الابداع والمغامرة". وركز على أن الشباب العربي ليس خاملًا أو مُستكينًا، بل هو قادرٌ على الإبداع والعمل المُنتج شريطة توفير البيئة الاقتصادية السليمة القائمة على المنافسة وليس الاحتكار، كما يحتاج للبيئة التي تُكافئ الإنجاز والإبداع وليس التواكل والاعتمادية، إن تزويد هؤلاء الشباب بالتعليم الجيد والمهارات اللازمة للتعامل مع اقتصاد المعرفة، يقع في القلب من مهام الحكومات العربية. وأشار إلى أنه بالرغم من بعض الإنجازات في مجال إتاحة الفُرص التعليمية، خاصة في مراحل التعليم الأساسي، فإن فجوة كبيرة ما زالت تفصل بين المنطقة العربية والمعايير العالمية فيما يتعلق بجودة التعليم، وثمة فجوة مماثلة بين ما يكتسبه الشباب من مهارات ومعارف، وبين ما تحتاجه سوق العمل والنتيجة أن المجتمعات العربية تُعاني من بطالة الشباب بصورة ينبغي أن تُشكل مصدر قلق لنا جميعًا. وكشف عن أن 29% من الشباب العربي لا يجدون وظائف، وتُشير تقديرات الأممالمتحدة إلى أن بُلدان المنطقة تحتاج إلى خلق نحو 60 مليون وظيفة خلال العقد القادم لكي تستوعب الداخلين الجُدد إلى سوق العمل إنه تحدٍ هائل، ولا بديل أمامنا لمواجهته سوى التحرك بجدية على طريق الإصلاح وخلق النموذج التنموي الجديد الذي نصبو إليه، وإن طريق الإصلاح صعبٌ وينطوي على معاناة، ويتطلب صبرًا إلا أنه يظل الطريق الأقصر والسبيل الأنجع للوصول بمجتمعاتنا إلى بر الأمان الاقتصادي والاستقرار الاجتماعي.