ارتكبت جماعة التكفير والهجرة عددا من العمليات الإرهابية كان أبرزها اغتيال الشيخ محمد حسين الذهبى وزير الأوقاف الأسبق، بالإضافة إلى العمليات الأخرى التي تزامنت معها بهدف الضغط على السلطة مثل تفجير سينما سفنكس ومعهد الموسيقى العربية ومحاولة اغتيال مديره. الباحث في الإسلام السياسي ماهر فرغلي، قال إن الجماعة ارتكبت عددا من العمليات الإرهابية لكن العمل الأبرز هو اغتيال الشيخ الذهبي، مشيرا إلى أن الجماعة كانت تواجه بعض المشكلات الداخلية؛ نظرا لاتساعها وتمددها في الداخل والخارج، خاصة أن شكرى مصطفى، زعيم العصابة، لم يكن يتحمل الخروج عنه، ويعتبر كل خارج عن جماعته مرتدا عن الإسلام يجب قتله، ولحدوث بعض أحداث العنف داخل الجماعة واستهدافهم للمنشقين عنهم، بدأت هذه الحوادث تلفت نظر جهات الأمن؛ ليكتشفوا أن وراء هذه الحالات من الاعتداء تنظيما دينيا كبيرا، يمكن في أي لحظة أن يتحول بالعنف تجاه النظام، عندها ومع تكشف بعض أسرار التنظيم من المعتدى عليهم من المنشقين- بدأت حملة اعتقالات لأفراد الجماعة. لم يجد شكرى مصطفى بدا أمام هذه الضربات البوليسية إلا الرد متمثلا في عملية اختطاف يساوم بها النظام على الإفراج عن المعتقلين، فكان اختطاف وقتل الشيخ الذهبي، وتم تحديده بناء على عدة أسباب منها أن الشيخ الذهبى الذي كان يبلغ من العمر 61 عامًا كان عالمًا كبيرا ووزيرا سابقا له وزنه في المجتمع ولدى الحكومة بالإضافة إلى حجمه الدعوى والفكرى الكبير الذي جعله يؤلف كتابا يرد به على أفكار الجماعة فكرة فكرة، وعدم اكتفاء الشيخ برفض أفكارها، بل أعلن موقفا مناهضا له، كما أن الشيخ الذهبى كان صيدا سهلا حيث لم تتواجد عليه حراسة لحمايته وللحصول أيضا على عدد من المكاسب كالإعلان عن وجود الجماعة، والمطالبة بفدية مالية. ويروى مختار نوح في كتابة "موسوعة الحركات الإسلامية المسلحة.. خمسون عاما من الدم" تفاصيل عملية اختطاف وقتل الشيخ الذهبى قائلا:" في يوم الأحد 3 يوليو 1977 الساعة الثانية صباحا دق جرس باب فيلا الشيخ محمد حسين الذهبى بمنطقة حلوان فهرع نجله الدكتور مصطفى إلى الباب، وفتح الباب بعد أن استطلع الأمر من شباك الفيلا فوجد أمامه سيارة "فيات 128" لونها سمنى ويقف أمامها ثلاثة رجال أحدهم يرتدى الملابس الرسمية لضباط الشرطة برتبة رائد ففتح الباب ثم سألهم عن سبب الحضور فكانت الإجابة بأنهم يريدون الشيخ الدكتور الذهبي، وأن الذي يريده هو المقدم "على" من مباحث أمن الدولة وأنه يريده "في كلمتين" على حسب تعبيره إلا أن أسماء شقيقة مصطفى وابنة الشيخ الذهبى هرعت إليه وانفردت به جانبا لتخبره بأنها شاهدت خارج الباب أشخاصا مسلحين ولأن مصطفى كان قد فتح الباب فعلا واستقبل الزائرين فاضطر إلى أن يوقظ والده الشيخ الذهبى وهنا خرج إليهم الشيخ بملابس نومه البيضاء ثم رجاهم أن يمهلوه للصباح فرفضوا رفضا شديدا وهنا انبرت "أسماء" ابنة الشيخ الذهبى وطالبت الزائرين بإبراز البطاقات الشخصية للتدليل على شخصياتهم فارتبكوا ونظرا لأن أسماء تعمل بمديرية أمن القاهرة فقد أصرت على طلبها وأظهرت لهم أنها تشك فيهم لحداثة أعمارهم. وقالت لهم إن جيرانهم من الضباط سوف يحضرون فورا للتأكد من شخصياتهم وللتحقق منهم وهنا ازداد ارتباك الزائرين فأخرج أحدهم وهو الذي يرتدى الزى الرسمى مسدسا بينما تدافع إلى حجرة الصالون أفراد آخرون ليكون عدد الموجودين داخل فيلا الشيخ الذهبى 5 من الزائرين وليضاف إليهم اثنان آخران وقفا عند الباب وأمسك أحد الزائرين بالشيخ الذهبى بينما أمسك الآخرون بالابنة والابن وفى ثوان معدودة خرج الزائرون بالشيخ الذهبى إلى خارج البيت ثم أدخلوه السيارة وانطلقوا فارين. وكان أبطال الحادث الثلاثة هم أنور مأمون صقر وهو الذي قام بدور المقدم "على" من مباحث أمن الدولة وأحمد طارق وهو الذي كان يرتدى الزى الرسمى وكان ضابطًا ومحمد صقر وهو الذي أمسك بالشيخ الذهبى واقتاده بالقوة إلى السيارة. إلا أن الوقائع لم تنته عند هذا الحد فعلى مسرح الأحداث كانت سيارة أخرى تصاحب السيارة الفيات وكانت هناك مجموعة أخرى لمساندة الخطة عن بعد أو لتغطية عملية الخطف إلا أن الأقدار جعلت من السيارة الثانية سببا لكشف تفاصيل القضية ذلك أن من أتى للمساندة كان هو سبب كشف ومعرفة الفاعلين وفضح وقائع القضية تفصيلا. كانت هذه هي الخطة التي وضعها شكرى مصطفى بالاشتراك مع "أهل الشورى" من جماعته ويأتى على رأسهم أحمد طارق عبد العليم إلا أن الخطة رغم بساطتها لم تقف على أقدام ثابتة- كما يقول نوح- بل أصابها التخبط عند التطبيق بل والخطأ الجسيم أحيانا ومن الأخطاء الكبرى أن أحد المارة يمر مرور الكرام ولم يدر بخلده أن السيارة الفيات أو السيارة المازدا إلا مجرد سيارة لأهل مريض جاءوا للاستعانة بالدكتور مصطفى الذهبى نجل المرحوم الذهبى إلا أن أحد الخاطفين من ركاب السيارة المازدا نزل من السيارة ليهدد هذا الرجل العابر في صوت أجش "يلا امشى من هنا". وكانت هذه العبارة ذاتها التي دفعت الرجل إلى أن يتحول من عابر سبيل إلى شاهد رئيسى في القضية بعدما أشهر أمامه مسدسا مهددا إياه فيتحول الأمر عن هذا العابر إلى فضول شديد جعله يراقب المنظر ويتابعه لتحدث المفاجأة ويشاهد بنفسه واسمه "جلال منير" تفاصيل وقائع خطف الشيخ الذهبى ويشاهد عملية إدخاله من باب السيارة بملابس النوم والاستغاثات ثم يكون هو نفسه أمام المحكمة الذي تعرف على كل من أنور مأمون صقر وأحمد طارق عبد العليم ومحمد السيد صقر وإبراهيم حجازي. وبالفعل تحول الرجل العابر إلى شاهد أساسى بالاشتراك مع أسرة الضحية ذلك أنه اصطحب الدكتور مصطفى الذهبى ومعه آخرون إلى السيارة المازدا التي يقودها إبراهيم حجازى والذي كان يصلح الإطارات ليمسكوا به ويقوم الجميع بتفتيش السيارة ويعثروا على رشاش ماركة بورسعيد داخل السيارة المازدا. ذهب اللواء محمد فؤاد فريد إلى موقع الحادث بعد أن أبلغه الأهالي وأبلغوا معه كل الجهات الرسمية ليحضر مع اقتراب نور الصباح أو على حد شهادته أمام المحكمة بعد الجريمة بساعة كما حضر قبله وزير الداخلية اللواء محمد نبوى إسماعيل. وفى الطريق سأل الشيخ مرّة ثانية عن سبب القبض عليه، أجابه أحدهم بتهكم: لكونك على علاقة بجماعة التكفير والهجرة. فأخذ الشيخ يردد: كيف تقولون ذلك؟ إننى ضد أفكارهم على طول الخط، وقد ألفت كتابا في الرد عليهم وإبطال حججهم، وإننى متبرئ منهم إلى يوم القيامة. يقول الدكتور محمد سرور زين العابدين في كتابه "جماعة المسلمين": إن السلطة اتصلت بالمحامى شوكت التونى الذي كانت تربطه صلات وثيقة بهذه الجماعة وقد دافع عنهم أكثر من مرة كما كان يتردد على مكتبه معظم قادة الجماعة وكانوا معجبين به ويرون أنه ناصح أمين لهم، وقام شوكت التونى بإصدار نداء إلى الجماعة للحفاظ على حياة الدكتور الذهبى ثم سافر في اليوم نفسه إلى الولاياتالمتحدةالأمريكية ولم يعد منها إلا شاهدا أمام المحكمة العسكرية في 10 أكتوبر 1977. وقال شوكت التونى محامى الجماعة في شهادته: "إننى اطلعت على مبادئ الجماعة منذ ارتبطت بالدفاع عن أعضائها ولاحظت أنها متشددة في الدين وتعتنق أفكارًا تخاصم صحيح الإسلام. ومن جانبه قال المحامى مختار نوح، إن جماعة التكفير والهجرة فجرت سينما سفنكس باستخدام بعض المفرقعات وقد وضعت في صالة السينما وتحديدا في الثلث الأمامى للصالة بين الصفين السابع والثامن وذلك بتاريخ 6 يوليو 1977، وبالرغم من شدة الانفجار والذي أحدث حفرة دائرية بالأرضية الخرسانية إلا أنه لم يؤد إلى سقوط قتلى وإنما أدى إلى إصابة مجموعة من رواد السينما. وأشار نوح إلى أن هناك حوادث أخرى مشابهة حدثت في مبنى الموسيقى العربية وكانت أيضا يوم 6 يوليو 1977، وإذا كانت المحكمة استدلت على نسبة هذه الأحداث إلى جماعة التكفير والهجرة من خلال أقوال المتهمين وبعض المضبوطات الخطية إلا أن الغريب في الأحداث أنه قد تم العثور على مسودة بيان في منزل شكرى أحمد مصطفى بالعقار 10 شارع المراغى بدير الملاك وكان نصها كالآتي: "قامت جماعة المسلمين في تمام الساعة الحادية عشرة إلا الربع بمهاجمة معهد الموسيقى العربية ومسرح فريد الأطرش بقصد أخذ المدعو عبد الحليم نويرة مدير معهد الموسيقى العربية كرهينة لإجابة مطالبنا فلما لم نجده قمنا بوضع عبوة ناسفة في المبنى وقد وقع الاختيار على نويرة بصفته صهرا للسادات وأيضا قمنا بوضع عبوة صغيرة في سينما سفنكس كتحذير مبدئى في مراحل الخطة ونعتبر ذلك بداية الرد على المدعو أنور السادات شخصيا بإعلانه".