أكد الدكتور عباس شومان، وكيل الأزهر الشريف، أن معالجة قضية المواطنة أصبح ضرورةً ملحة، خاصة في ظل ما يموج به العالم من فتن واضطرابات يحاول بعض أصحاب المصالح والأهواء هنا وهناك إلصاقها بالرسالات السماوية التي تحمل الخير والسلام للبشرية جمعاء. وأضاف «شومان»، خلال كلمته بجلسة الحوار الثانية في اليوم الختامي لمؤتمر: «الحرية والمواطنة»، أنه باستقراء تاريخ البشر منذ عرفوا الرسالات السماوية لا نجد دينًا إلا وقد استخدمه بعض أتباعه استخدامًا خاطئًا، فجعلوه سببًا لنشوب النزاعات أو وقودًا لإشعالها وتعقيدها. وأضاف أنه إذا كان الزج بالدين في النزاعات قد أحدث ما أحدث في صدر الإسلام؛ فلم يسلم عصر من العصور من خوارجه، ففي أواخر القرن الخامس إلى أواخر القرن السابع الهجري كانت البشرية على موعد مع خوارجَ من نوع آخر؛ وخرج الصليبيون على تعاليم المسيحية ورفعوا الصليب شعارًا واتخذوا من الدين مطيةً لتحقيق مآربهم الخاصة، فدمَّروا وخرَّبوا وقتَّلوا وشرَّدوا وعاثوا في الحرث والنسل فسادًا باسم المسيحية، وهي من أفعالهم براء. وفي بدايات القرن العشرين كنا على موعد آخر مع خوارجَ جُدد، هؤلاء الذين جاءوا من كل حدب وصوب بتأثير نبوءة يهودية تزعم أن الوطن الذي استباحوه وشردوا أهله وانتهكوا مقدساتِه هو أرض الميعاد! ولا شك أن اليهودية من أقوالهم وأفعالهم وادعاءاتهم وجرائمهم التي يرتكبونها إلى يومنا هذا براء، فجوهر الرسالات السماوية جميعًا الدعوة إلى المحبة والتسامح والسلام. مشيرا إلى أن خوارج عصرنا الحاضر هم جماعات وتنظيمات قلَّ في الدين فهمُهم وعَظُمَ في الناس شرُّهم؛ حيث ضلوا في استنباط الأدلة الشرعية من نصوص الأديان، وراحوا يلوون عنقها ليبرروا مواقفهم وأفعالهم الدموية، فلم يتورعوا عن التجرؤ على الدماء والأعراض والأموال بغير حق، واستصدروا فتاوى شاذة تخدم مصالحهم وأغراضهم الخبيثة، فحرفوا الكلم عن مواضعه، وحمَّلوا النصوص ما لا تحتمل، ونسبوا أحكامها جهلًا وزورًا إلى الأديان، وهي منها براء. مؤكدا أن مكمن الخطورة في هذه التنظيمات أنها استطاعت بعوامل استقطاب واستدراج كثيرة وتمريرات وتسهيلات دولية عجيبة، تضليلَ كثيرٍ من الشباب والتغرير بهم باسم الأديان، فلبَّسوا عليهم بعض المفاهيم، كما فعلت بعض الجماعات التي تعلن انتماءها إلى ديننا الإسلامي، وفي مقدمتها تنظيم داعش المجرم، كالحاكمية والجهاد والخلافة والدولة الإسلامية وغيرها من المفاهيم التي اتخذوها ذرائع ومداخلَ لتحقيق مآربهم الدنيئة.