دخل إلى غرفة التحرير «متسربعا.. متلهوجا» على غير عادته ليلفت نظر زميله المسن المنقول حديثا إلى مجلتهم من مكتبها في مدينة الثغر ؛ فيسأله قائلا: الله... خير يا معلم نبيل متسربع قوى كده ليه ؟!! بالراحة على نفسك شوية... دا انت داخل تجرى يا راجل ؟! محمد نبيل: معلش يا جماعة.. أنا آسف جدا على الطريقة اللى أنا داخل أجرى بيها على مكتبى دي؛ أصل مش فاضل على افتتاح مهرجان القاهرة السينمائى الدولى غير نص ساعة بس، والمفروض ألحق ألبس بدلتى فيها وأجرى جرى الوحوش؛ عشان ألحق أغطى المهرجان حسونة المصور هناك من الصبح وهارينى اتصالات... يلبس محمد نبيل بدلته بسرعة، ولكن هندامه غير المكتمل يلفت نظر زميله المنقول مرة أخرى فيقول له: الله... إيه ده ؟!! بدلة على كوتشى يا نبيل !! دا انت هاتبقى آخر صيحة في مهرجان القاهرة... محمد نبيل متداركا الأمر: لا يا ريس... أنا واخد بالى كويس، بس أصلى ما لحقتش أجيب جزمة كلاسيك إمبارح والمحال قفلت قبل ما أشتريها؛ فاضطريت أعدى على حمايا في الهرم وجبت جزمته وهالبسها دلوقت حالا - وبعد أن يلبسها - ها.. إيه رأيك دلوقت يا ريس ؟!! الزميل المنقول بإعجاب شديد: إش...إش.. إش.. إيه الجزمة الألاجة دى يا عم نبيل، دا باين عمك أو حماك دا كان شخصية مهمة جدا... محمد نبيل بحبور كبير: الله يكرمك يا ريس.. أخ !! يا وقعة سودة... نسيت الدعوة بتاعتى في البيت وعلى بال مال أروح 6 أكتوبر وأرد ع المهرجان فيها ساعتين، أعمل إيه بس دلوقت يا ربى ؟!! الزميل المنقول بخفة دم: يا عم لا دعوة ولا يحزنون... انت تروح المهرجان وربنا يسهل؛ هاتدخل.. يعنى هاتدخل.. انت بس وريهم جزمة حماك وهم هايدخلوك قبل النجوم كمان.. نبيل بحنق بالغ: حرام عليك بتهزر يا ريس وأنا في الموقف المنيل ده؟!! الزميل المنقول: ولا بهزر ولا حاجة.. انت بس اتكل على الله وجرب؛ - ثم يضحك مستكملا - عموما انت دلوقت ما قدامكش غير الحل ده.. يذهب نبيل إلى المهرجان وقد أسقط في يده، ولكنه يفاجأ بترحيب غير عادى بعد أن نظر كبير البودى جاردات إليه وإلى حذائه وابتسم، بل أجلسه مع كبار النجوم ليقوم بعمله على خير وجه، ما لا يعرفه نبيل أن زميله المنقول هذا كان يغطى كل المهرجانات في كبرى المجلات الخليجية باسم مستعار متهربا من الضرائب، قبل أن ينتقل إلى مجلتهم ويكتب باسمه الحقيقي، وأنه قام بعمل اتصالات مخصوصة ليخدم زميله دون أن يخبره، المثير في الأمر أن نبيل اقتنع بموضوع جزمة حماه واحتفظ بها للأمور المهمة بل المستعصية، والطريف في الموضوع أن هذا الأمر أضحى يعطيه ثقة كبيرة بنفسه تجبر من أمامه على إنجاز كل ما يطلبه، وفى مهرجان « كان» كان الأمر يتطلب تأشيرة خاصة من السفارة الفرنسية، وقد وسط نبيل كل من يعرفهم لإنجازها دون جدوى، ليعلق الزميل المنقول مرة أخرى بسخرية أكبر بعد أن كلمه نبيل راجيا مساعدته: ولا حاجة يا عم نبيل انت تروح السفارة متقيف آخر قيافة، وتطلب مقابلة السفير وتفهمه الموضوع، آه.. ومتنساش جزمة حماك.. يفعل نبيل ما قاله له زميله مثل المرة السابقة، ليفاجأ أيضا باستقبال السفير الفرنسى له بنفسه وتسهيل جميع أموره ليلحق بالمهرجان، ولم ينس السفير أن يثنى على جزمة حما نبيل ويهنئه على ارتدائها، وفى مهرجان « كان» تتابع إدارته باهتمام بالغ تغطيات الصحفى النابه محمد نبيل المتميزة، لينتقل بعدها للعمل في كبرى المجلات الفرنسية، بل يمنح الجنسية، وبعد قرنين من الزمان يذكر مؤرخ فرنسى كبير أنه من أبرز الأحذية في تاريخ الإنسانية «مركوب قاسم، وما صنعه معروف الإسكافي، وجزمة حما المسيو محمد نبيل» ؟!!