لاقت جماعات الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، رفضا كبيرا من المجتمع المصرى بعد ظهورها فى بعض المحافظات، وما سببته من إثارة للبلبلة سالت معها دماء لمصريين أبرياء. وتحاول تلك الجماعات العودة إلى الشارع، من خلال التحايل على القانون، بإنشاء منظمة لحماية المجتمع، استغلالا لاضطراب الوضع السياسى فى الشارع، وضعف الشرطة. فاقترحت مؤخرا الجماعة الإسلامية إنشاء منظمة "لحماية المجتمع"، معللين ذلك بأن الشرطة ما زالت منهكة ولم تسترد عافيتها، وهو ما رفضه علماء الأزهر وخبراء علم الاجتماع. فى البداية أكد الدكتور "حامد أبو طالب" - الأستاذ بكلية الشريعة – أنه ليس من حق أى شخص أن ينصب نفسه آمرا بالمعروف وناهيا عن المنكر فى أى مكان بالمصالح العامة أو الأسواق أو الشوراع . وأشار "أبو طالب" إلى أن النهى عن المنكر والأمر بالمعروف، يدلان من اسمهما على اللين والحكمة، ف"المعروف" تدل على الحكمة بدون عنف أو قوة، وذلك لقول الله تعالى: "ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة"، لافتا إلى أن القوة المثارة فى هذا الموضوع ليست من الشرع فى شيء، وما يقوم به من يدعون أنفسهم دعاة من سب وقذف وعنف ليس أمرا بالمعروف، وأن ولى الأمر لم يولهم بذلك. وأشار الدكتور "محمد رأفت عثمان" - الأستاذ بجامعة الأزهر - أن هناك شروطا يجب توافرها فيمن يدعو إلى الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، منها ألا يؤدى النهى عن المنكر إلى منكر أكبر منه، مشددا على أن يكون النهى من خلال آداب الشريعة، حيث إن الجاهل لا يمتلك الكفاءة التى تؤهله إلى ذلك؛ لأنه من الممكن أن يجيز أخطاء يرفضها الشرع مثل التكفير لبعض الأفعال التى لا توجب التكفير فيها، منوها إلى أن الشرع لم يحدد عقوبة للخروج على آداب الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر وترك الشرع العقوبة للحاكم والقضاء. ومن جانبه قال الدكتور "أحمد كريمة" - الأستاذ بجامعة الأزهر: الإسلام دين الوسطية، وإننى لا أخشى على مصر من الإخوان، بل أخشى عليها من السلفيين، خاصة بعد الموافقة على الدستور الجديد، وبعد أن مرروا عبارة «أهل السنة والجماعة»، وهى عبارة ستدخلنا فى علم الغيب، ولا نعرف عواقبها؛ لأن هذه العبارة ستسمح لهم بإقامة هيئة للأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، وظهور التيارات الإسلامية المتشددة، مثل "التيار الوهابى" الذى يطبق الشدة والحزم باسم الدين، مستغلين كلمة "المذاهب" التى جاءت بمادة تفسير مبادئ الشريعة. وأضاف "كريمة": إننا وجهنا دعوات للرئيس محمد مرسى وحذرناه مرارا وتكرارا من نية السلفيين من ممارسة «الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر» ودورها عقب الاستفتاء ب«نعم»، لكن دون جدوى؛ لأن هناك نية غير سليمة لدى السلفيين فى عبارة «أهل السنة والجماعة»، وستزيد من إشعال الفتنة. وانتقد الدكتور "عبد الله عسكر" - أستاذ علم الاجتماع، الوكيل السابق لكلية الآداب بجامعة الزقازيق: وجود دعوات بإنشاء هيئة للأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، مؤكدا أنها تولد الحروب الأهلية وعدم الاستقرار، خاصة أن الإسلام دين الوسطية والتدرج. مضيفا أن المواطن المصرى يعيش معاناة كبيرة، وتطبيق الحد الأعلى من الأمر بالمعروف سيجلعه يكره الدنيا - بحسب تعبيره - وتفقده حبه لوطنه، لأنها ستكون جديدة عليه.