"بدأ التواصل اللغوي المسيحي الإسلامي من قبل الفتوحات الإسلامية " بهذا يقول الدكتور كمال فريد إسحاق- أستاذ اللغة القبطية، الباحث في التاريخ القبطي- مضيفاً: إن أول ما يقوله المسلمون في صلاتهم هو كلمة "بسم" في بسم الله الرحمن الرحيم, وأول ما يقوله المسيحيون في صلاتهم هو كلمة "بسم" في بسم الآب والابن والروح القدس, وآخر ما يقوله المسلمون في الفاتحة هو كلمة آمين, وآخر ما يقوله المسيحيون في صلاتهم الربانية "آمين", وقد كتبت بحثا بعنوان "التواصل المسيحي الإسلامي من اللغة المصرية إلي العربية", لرصد المشتركات بين المسيحيين والمسلمين من خلال اللغة, وبالبحث في أصل بعض كلمات القرآن الكريم وجدنا كلمة مثل"يم" التي معناها "بحر", ولم تذكر إلا عند الحديث عن مصر, مما يرجح أن أصلها هو الكلمة القبطية "يم", وهناك كلمات أخري وردت في القرآن وأصلها غير عربي, مثل "الفردوس" أصلها كلمة فارسية, و"الشيطان" أصلها كلمة عبرية, وكلمة "إبليس" أصلها يوناني, و"الصراط" أصلها كلمة "strada" اللاتينية. وأشار إلي أن قصص القرآن الكريم التي وردت في التوراة, وآمن بها الأقباط هي خير مثال للتواصل المسيحي الإسلامي, وكلمة "فرعون" يرجعها المتخصصون إلي كلمة "براعا", أي البيت الكبير, في إشارة لساكنه, كما فعل العثمانيون حين رمزوا ل"لحامة" بالبيت العالي, ونفس الامتداد اللغوي حدث مع اللغة العربية عموماً, بصرف النظر عن الأديان, فاللغة العربية تأثرت وأثرت فيما يجاورها من لغات, فمثلاً كلمة "أب" وكلمة "أم" لهما أصل سرياني وهو"أبا" و"أما", ومن كلمة "أبا" جاءت كلمة "أنبا" المستخدمة في الديانة المسيحية, لتقديم البطاركة والأساقفة كنوع من التواصل اللغوي بين اللغات القديمة. وأضاف: باحثون كشفوا عن الكلمات والتعبيرات المصرية القبطية التي دخلت اللغة العربية, ورتبوا قوائم بالكلمات, وردت في كتب ومقالات أو محاضرات لم تنشر بعد, ومن أمثلة الامتداد اللغوي من اللغة المصرية ومرحلتها القبطية إلي اللغة العربية الدارجة التي يتكلم بها الشعب المصري حالياً: أسماء الشهور القبطية, ومنها توت وبابه وهاتور وغيرها, وأسماء المدن القبطية ومنها "دمنهور" ومعناها بلدة حورس, وأسماء أشخاص مثل "باخوم" ومعناها النسر, و"أبانوب" ومعناها الأب "الذي يدعي" ذهب, وبانوب معناها أبوالذهب- أي صاحب الذهب- وهي أسماء مقصورة علي الأقباط, وأيضاً ليست مقصورة علي المسيحيين مثل "جندي" ومعناها عطية, و"بيومي" ومعناها الفيومي, و"برعي" التي يرجعها البعض إلي "برعا " من اللغة المصرية القديمة أي "البيت العظيم" التي تطورت إلي "فرعون", وهناك تعبيرات إسلامية شاع استخدامها بين المسيحيين مثل"اسم الله عليك", وكلمة "ست" أيضاً كلمة مصرية قديمة يستخدمها المسيحيون لوصف السيدة العذراء قائلين: "ستنا العدرا", كما يستخدمها المسلمون لوصف نساء أهل البيت قائلين: يا ست أو السيدة زينب. وأيضاً كلمة "رب" و"ربنا" بمعني "الله", تعبير مسيحي وجد في الإسلام, كثر استخدامه من المسلمين المصريين في كلمات: "لينا رب, ربنا يسامحك, ربنا موجود, وربنا المعبود", وهناك تعبيرات إسلامية مثل: "صل علي النبي" أوجد المصريون مقابلاً لها لاستخدامها في التعامل اليومي مع المسيحيين "مجد سيدك", وقد ابتكر المسلمون هذه العبارة لاستخدامها في التعامل مع المسيحيين, كما يستخدم المسيحيون عبارة إسلامية الروح هي "الحمد لله", لكن آخرون يقولون نشكر الرب. وفي الأمثال "يابخت من بات مظلوم ولا بات ظالم", وهي عبارة ذات روح مسيحية لأن المسيحية تبالغ في الأمر بالتسامح, بينما في الإسلام القصاص فيه حياة لأولي الألباب. ومن أمثلة التواصل اللغوي الإسلامي المسيحي الأذان الذي يذاع خمس مرات يومياً, ومن الصعب علي من يسمعه ألا يردده مع المؤذن تلقائياً, أو علي الأقل يرسخ في باطن عقله, خصوصاً الأطفال.