رغم تأكيدات الحركات والقوى السياسية على سلمية تظاهرات إحياء الذكرى الثانية لثورة يناير، إلا أن الأيام الماضية كشفت عن وجود حركات تدعو إلى العنف، معتبرة أنه بعد مرور عامين على الثورة لم تتحقق أى من المطالب التي رفعها الثور في 25 يناير 2011. وتنتهج هذه الحركات أساليب خاصة في تحركاتها، وعلى الرغم من حداثة نشأتها إلا أنها بثت الرعب فى الجميع، معلنة وفاة ال«سلمية»، بعدما قامت بتنفيذ عمليات العنف والتخريب ضد مقرات حزب الحرية والعدالة وجماعة الإخوان المسلمين، دون التعرض لمؤسسات الدولة. فجأة .. ظهرت على المسرح السياسى.. لفتت انظار الجميع .. جعلت الشارع المصرى لا يتحدث إلا عن اشتباكاتها مع قوات الأمن المركزى فى القاهرة والمحافظات، مؤكدة أن هدفها الإخوان المسلمين أو « المتأسلمين «، إنها حركة ال«بلاك بلوك» التى ظهرت منذ عدة أسابيع و بدأوا بالإعلان عن انفسهم من خلال صفحات على موقع التواصل الاجتماعى «فيس بوك». اصحاب فكر وعقيدة خاصة، لجأوا إلى العنف بعد معاناة مع الانظمة الحاكمة، باعتبارها الوسيلة الوحيدة التى استطاعوا بها ان يحققوا اهدافهم، نشأت هذه الحركات فى اوروبا وتطورت وانتشرت الى باقى دول العالم ويعتقد اصحابها انهم يحملون فكرة لن تموت وستنتقل من جيل لآخر. معظم مؤسسى ال«بلاك بلوك» أعضاء فى مجموعة «المشاغبون» ولكنهم فضلوا الانفصال عنها والعمل فى مجموعة منفصلة، لأن المشاغبين تجنح – من وجهة نظرهم – إلى السلمية وليس إلى العنف بمفهومه لديهم، ويرون أن الاشتباك مع قوات الأمن وأفراد جماعة الإخوان المسلمين وكل من يؤيدهم من أى فصيل آخر من أهم مبادئ «العنف» لديهم. وظهرت المجموعة فى بداية شهر يناير الجارى، وانشأوا صفحة باسمهم، معلنة الحرب على وزارة الداخلية وجماعة الإخوان المسلمين، والمتاجرين بالدين، كما أعلنت تنفيذهم لعمليات «عنيفة» ضد السلطة لحماية الثوار أثناء اعتصاماتهم وتظاهراتهم أو ردا على أى قرار استبدادى تتخذه السلطة، متخذين شعاراً لهم هو «نحن فوضى تمنع الفوضى». معظمهم اعضاء الحركة من الشباب الذين تتراوح أعمارهم ما بين ( 18 -30 ) عاما، شاركوا فى الثورة بسلميتها، لكنهم استغنوا عن السلمية بعد أن تأكدوا أن حقوق وأهداف الثورة تضيع ودماءهم تُسال دون جدوى، من بينهم أشقاء لمتظاهرين سقطوا فى أحداث محمد محمود، والاتحادية، وبينهم الكثير من مصابى الأحداث. وحسب بيانهم التأسيسى الأول، اختاروا «القناع الأسود» كرمز لهم لأن «القناع الأسود مجهول لا أحد يعرف ما يخفيه » مؤكدين أن هدفهم الأول والأخير الوقوف ضد كل نظام ظالم مستبد بغض النظر عن أيديولوجية النظام، محددين حربهم الآن ضد جماعة الإخوان المسلمين وضد كل من يتاجر بالدين، مؤكدين أنهم لا ينتمون إلى أى حركة أو حزب سياسي . تنظم مجموعة ال»بلاك بلوك»جميع اجتماعاتها بميدان التحرير, باعتباره أكثر مكان آمن تستطيع أن تعقد اجتماعاتها به، خاصة عندما يكون ممتلئا بالمتظاهرين, حتى لا تستطيع قوات الأمن مهاجمة الميدان والقبض على عناصر المجموعة وسط عدد هائل من المتظاهرين, وإن حدث ذلك فسيتصدى لهم المتظاهرون فى علمليات كر وفر. ويتحرك ال«بلاك بلوك» ويبدأون تنفيذ عملياتهم بعد اجتماعات مع الاعضاء فى الحركة، يقررون فيها كيفية تنفيذ العملية والادوات المستخدمة ويكون الاجتماع بالاقنعة السوداء وتختفى الاسماء منه ويحمل كل شخص كودا سريا خاصا يعرف به داخل الحركة حتى لا يعرفه احد من داخل المجموعة او من خارجها، ويؤمنون بانكار الذات وعدم الاعلان عن هويتهم، ويمتلكون حسابات وهمية على مواقع التواصل الاجتماعى «فيس بوك» و«تويتر» حتى لا يتم تحديد هويتهم، ويتم من خلال الحسابات التواصل مع اعضاء الحركة والاتفاق على الاجتماعات والتحركات واختيار الاهداف وطرق التنفيذ. تعتمد حركة ال«بلاك بلوك» على تكوين الخلايا داخل الحركة من خلال المجموعات التى تنضم للحركة بحيث تكون كل خلية عبارة عن مجموعة من الاصدقاء، لهم هدف خاص بهم يتم تنفيذه بأوامر من قادة الحركة بعد الاجتماع. وترفض حركة ال«بلاك بلوك» الظهور مع وسائل الاعلام او التعامل معها اتباعا لمبدأ انكار الذات، ويقولون إن الاعلام هو وسيلة النظام لنشر عكس ما يبدو ان عليه حتى يسهل السيطرة على الشعوب. ونجحت «فيتو» فى حضور أحد الاجتماعات التى نظمتها المجموعة يوم الجمعة الماضية, 25 يناير , بمكان جانبي بشارع محمد محمود وسط انشغال قوات الأمن بالاشتباك مع مجموعة أخرى منهم كانت تغذي الاشتباك الدائر مع الأمن منذ أيام بشارع قصر العيني, واتفق أعضاء ال«بلاك بلوك» فى اجتماعهم على ثلاث مهام تلتزم بهم المجموعة خلال احتفالات الكيانات السياسية الذكرى الثانية للثورة. وتتضمن المهام المقاومة العنيفة للنظام من خلال حرق مقرات الإخوان على مستوى الجمهورية والاشتباك مع قوات الأمن, وحماية المتظاهرين أثناء أى فاعلية ينظمونها حتى لا تعتدي قوات الأمن عليهم, والقيام بالإسعافات الأولية للمصابين خلال الاشتباكات. أعلنت ال«بلاك بلوك» الأسبوع الماضي انضمامها إلى «كتيبة المشاغبين» التى قامت بتنفيذ بعض العمليات العنيفة ضد الداخلية وجماعة الإخوان فى الفترة السابقة، وأعلن التحالف عن مشاركته بقوة فى تظاهرات الذكرى الثانية للثورة فى «25 يناير» الجارى؛ للتصدى لأى اعتداء على المتظاهرين، مؤكدين أنهم سينتشرون فى أكثر من مكان لحماية المتظاهرين أثناء أى اعتداء للداخلية وللاشتباك مع قوات الأمن أيضا . وقسم ال»بلاك بلوك» أنفسهم إلى مجموعات تبدأ بالاشتباك مع قوات الأمن وتقوم بأعمال عنف ضد جماعة الإخوان, فالمجموعة الأولى وهى الرئيسية تبدأ بالاشتباك مع قوات الأمن من خلال إثارتهم بهدم الجدار الخرساني العازل فى شارع قصر العينى, والمجموعة الثانية تشتبك مع الأمن فى شارع محمد محمود وميدان عبد المنعم رياض وشارع الشيخ ريحان, والمجموعة الثالثة تثير قوات الأمن المنوط بها حراسة مبنى ماسبيرو, بعد أن تكون قامت بحرق مقر موقع «إخوان أون لاين»، وتعمل مجموعات ال»بلاك بلوك» الفرعية فى المحافظات على إحراق مقرات الإخوان, ومن أقوى مجموعات خارج القاهرة , مجموعة البحيرة والإسكندرية والسويس. عقيدة ال«بلاك بلوك» دفاعية رغم احداث العنف التى يعلنون عنها ويتحملون مسئوليتها، فعقيدتهم دفاعية بنسبة 95% و 5% هجومية، ويقسمون انفسهم فى ميادين التظاهر بحيث تكون هناك مجموعة تأمن المتظاهرين وأخرى تقدم الاسعافات الطبية فى حالة حدوث اشتباكات والمجموعة الاخيرة تكون فى الصفوف الاولى من التظاهر وتتصدر المشهد. 2أعمار أعضائها لا تتجاوز ال20 عاماً وأغلبهم من الطلاب «القناع الأسود» .. مناضلون ب «العنف» تعد مجموعة « القناع الأسود» أحدث المجموعات التى تتبنى العنف ضد وزارة الداخلية، وهى غير تابعة لل«بلاك بلوك», فكلتاهما مجموعتان منفصلتان لكنهما اندماجا فى الفترة الأخيرة للتنظيم قبل أيام من احياء الذكرى الثانية من الثورة. «القناع الأسود» أحد فصائل ال «بلاك بلوك» قررت أن تعمل بشكل منفصل عن المجموعة, ولكنهم أقل تنظيما, أغلب أعضائها لا يتجاوز العشرين من عمره, وبهم عدد كبير من طلاب الثانوية العامة والكليات، وقدراتهم التنظيمية ضعيفة إلى حد ما. وانضمت المجموعة إلى ال»بلاك بلوك» بعد إعلان الأخيرة المشاركة فى تظاهرات الذكرى الثانية للثورة, وأعلنت «القناع الأسود» عن مشاركتها فى جميع الفاعليات وتوحيد جميع المجهودات للخروج بعمل أكثر قوة وحشدا وتنظيما, لتكون الفاعليات هى أولى مشاركات «القناع الأسود» على أرض الواقع . تداولت وسائل الإعلام فيديو باسم مجموعة ال» بلاك بلوك»، رغم أن أصحاب الفيديو الحقيقيين هم مجموعة «القناع الأسود» وهو ما أثار بعض المشكلات بداخل المجموعة، وتم احتواؤها سريعا, وتم نشر فيديو على موقع «يوتيوب» للكشف عن حقيقة التشكيل والأفكار التى يؤمنون بها والتنظيم الخاص بهم. وأكد البيان أنه لا توجد أى تنظيمات باسم ال«بلاك بلوك» ولا توجد مجموعة واحدة حتى تحمل اسمهم، ولا حتى صفحة على مواقع التواصل الاجتماعى, موضحا أن ال»بلاك بلوك» تكتيك وليس حركة، وأنه جزء لا يتجزأ من أساليب المقاومة للأناركيين. ولفت البيان إلى أنهم ليسوا مجموعة واحدة، بل هم «فيروس ينتشر» وناشد البيان الشباب قائلًا:»كون مجموعتك الخاصة، وطبقوا ال»بلاك بلوك» لا يوجد قائد ولا توجد مجموعة، ولا حركة حتى باسم ال»بلاك بلوك» فلا تسيروا خلف أحد، ولا صفحات مراهقة ثورياً إنها عقلية، فلا تكسروا العقلية» وأوضح البيان أن ما حدث في الأيام السابقة ما هو إلا بروفة، مضيفًا أن القادم أقبح.. والدم بالدم» . 3 فتاة تقودهم .. وأكواد سرية وشفرات لحشد الأعضاء «المشاغبون» ..استدعاء «فانديتا» لتحقيق أهداف الثورة ظهرت جماعة «المشاغبون» منذ ستة أشهر تقريبا، متبنية الشغب والعنف كعقيدة لها، بعد أن طفح بها الكيل في مظاهرات سلمية لم تثمر عن شيء، معلنة عن نفسها من خلال صفحة على مواقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك» وفيديو على«يوتيوب» يعلن تأسيسها، «فيتو» استطاعت اختراق المجموعة والتحدث مع قادتها ومعرفة خبايا وأسرار المشاغبين. اكتشفت «فيتو» الشخص الأول للمجموعة وأتضح أنها «فتاة» فى بداية العشرينيات من عمرها من إحدى القبائل البدوية بالصحراء الغربية بمحافظة مرسى مطروح, تختفي تماما عن الأنظار وعن اجتماعات «المشاغبين» أيضا فلا يعرفها أعضاء المجموعة, وكل تواصلهم مع نائبها الذى يدير جميع الاجتماعات وأيضا المسئول الميداني للمجموعة. وتعد الفتاة البدوية المؤسس الأول للمجموعة, و قالت ل « فيتو» : «فكرة المشاغبين أو « the hooligans » فكرة غربية انتشرت بعد عرض فيلم أمريكي يجسد شخصية «فانديتا» الذى دعى عدد كبير من الشباب لاشعال لندن مرتدين قناع أسود استخدمه بعد ذلك الشباب الذى يسير على نفس الدرب فى دول العالم. وأضافت: «وجدت صفحة على «فيس بوك» لمجموعة من المشاغبين بالجزائر, وتواصلت معهم واستطعت أن أطور الفكرة لتتناسب مع الثورة المصرية والخصم الأساسى لها, ثم بدأت فى التحدث مع بعض الأصدقاء من الثوار عن تنفيذ الفكرة, وقمت بعمل صفحة رسمية للمجموعة على «فيس بوك» تلقيت من خلالها الكثير من طلبات الانضمام للمجموعة, فتم تكليف أحد الزملاء لمقابلتهم والتنسيق معهم للاشتراك فى فاعلياتنا, بعد البحث عن شخصياتهم وأفكارهم وانتماءاتهم الخاصة». وأكدت مؤسسة المجموعة أنها لا تشارك في جميع الفاعليات التى تقوم بها «المشاغبون», وتكتفى بدورها فى غرفة العمليات لمتابعتهم أثناء العملية وتحريك الخلايا على الأرض, فلا يعرفها أى عضو بل لا يعرفها أحد من الأساس داخل المجموعة القائد فتاة ربما تصغره سنا. وعلى الرغم من أن مجموعة «المشاغبون» تمتلك صفحة رسمية على موقع « فيس بوك « من السهل اختراقها ومعرفة مديرها, إلا أنهم حريصون جدا على استخدام حسابات شخصية بأسماء مستعارة وغير حقيقية حتى لا يستطيع أحد الوصول إليهم, ويتعاملون بينهم بهذه الأسماء الحركية فلا يعرف كل منهم الآخر إلا من خلال هذه الأسماء التى ينادون بعضهم بها.الاجتماعات فى الغالب لا تكون موسعة, و تكون فقط للمنسقة ونائبها واثنين على الأكثر من المختصين بالتحرك الميداني فى الفاعليات, ويكون الاجتماع بباقي الأعضاء فى مكان سري يتم تغييره بشكل دورى ويحضر من المسئولين فقط النائب الأول للمنسقة أو مسئول العمل الجماهيرى. يتبع المشاغبون في طريقة الحشد لأى فاعلية لهم « تويتر» وفيس بوك» وليس الهاتف المحمول, من خلال كتابة أحدهم على حسابه يطلب من رفاقه النزول لتنفيذ العملية, باستخدام جمل كودية لا يعرفها سواهم, فيستجيب قيادات الصف الأول ويقومون بدورهم بحشد الخلايا التابعة لهم، فمعظم أعضاء المجموعة لا يعرفون باقى الخلايا التى تمتلك كل خلية رقما خاصا بها, فعندما ينادي أحد منسقي المجموعة على خلية ما من خلال رقمها يثبت قائدها حضوره من خلال الرد بجملة كودية ويبدأ النقاش والتجهيز للعملية باستخدام جمل لا يعرفها ولا يفهمها غيرهم. يشار إلى أن أول عملية كانت لهم قبل ذكرى أحداث ماسبيرو, بحرق سيارتي أمن مركزى، بعد تجهيزات مضنية واجتماعات مستمرة لتنظيم خلايا ومجموعات «المشاغبين» وتحديد الرؤية والهدف التى ستنظم المجموعة من خلاله جميع عملياتها المقبلة, و نظموا خلاياهم بعد أن ورد إلى أسماعهم أنباء بحملة اعتقالات واسعة من قبل الأمن, وقامت قوات الأمن بمسح رسوم الجرافيتى من على أسوار شارع محمد محمود .