أكد الدكتور، أحمد عبد الله، أستاذ الطب النفسى بجامعة الزقازيق، أن الانتحارى هو شخص فاض به الكيل ورفض الرغبة في الحياة، وأشار إلى أن السلطة التي تجعل الناس يستخدمون العنف ضدها عاجزة، مؤكدًا أن ألمانيا وأمريكا وكثير من الدول المتقدمة تواجه أعمال عنف لكنها تعالج الأزمة من خلال التعليم والإعلام وطرح الأفكار على الشباب... وإلى مزيد من التفاصيل في الحوار التالي: في البداية.. كيف يرى الطب النفسى الشخصية الانتحارية؟ هناك أبحاث أعدتها جامعة "شيكاغو" حول فكرة الانتحارى تناولت حالات كثيرة جدًا من مناطق عدة، وتم التوصل من خلالها إلى أن الانتحارى هو شخص فاض به الكيل وشعر بالظلم. وهو شخص يعانى من عدم توازن داخلي، يدرك أنه ضعيف أو مستضعف، حياته لا قيمة لها، يشعر أنه كالميت، يريد لفت الانتباه له ولقضيته، ويعتقد أن هناك معركة بينه والسلطة ولا سبيل لحلها سوى العنف، كما يرى أن المجتمع يقف ضده ويفضل الانتحار على هزيمة أفكاره. هذا الشخص تفضحه تعابير وجهه وطريقة مشيته خلال تنفيذه العملية، لكن الأزمة تكمن في أن السلطة تتبع منطق الضرب بيد من حديد والمتطرف يتبع نفس منطق السلطة ويجد ذريعة ليردد "العين بالعين والسن بالسن والبادئ أظلم"، الفرق بينه والسلطة أن الأخيرة رسمية ولديها الشرعية. ستجد من يرد عليك ويقول: وهل على السلطة أن "تطبطب" على الإرهابي؟ ألمانيا وأمريكا وكثير من الدول المتقدمة يواجهها عنف لكنها تواجه الأزمة من خلال التعليم والإعلام وطرح الأفكار. هناك مئات المؤسسات لمنع انتشار العنف في المجتمع يجب استخدامها في مواجهة التطرف وعدم إحالة الأزمة إلى الأمن. كل الأزمات يتم إحالتها إلى الأمن وهذا خطأ.. ما طبيعة البيئة التي يتم فيها تنشئة الشخص الذي يصبح انتحاريًا؟ ينشأ هذا النوع في بيئة تلفظه ومجتمع لا يحترمه، اعتاد على الضرب في البيت والمدرسة، ولا يعتد برأيه في أي منهما، تعود على سماع عبارة «اصمت يا ولد لا تتكلم» في البيت وفى المدرسة.. هذا الشخص اعتاد طوال حياته على أنه منقاد فبمجرد خروجه من بيئته لبيئة جديدة ينتظر شخصا آخر ليقوده ويوجهه حتى لو كانت جماعة متطرفة، وهذا النهج في التنشئة يسمح بتصيد الجماعات الإرهابية للشباب، وبالتالى يحدث تفريخ لأجيال وأجيال جاهزة لأى جهة تستغلها سواء في الجماعات الإرهاربية، أو المخدرات، أو الجاسوسية. كيف يتم إعداد وتأهيل الشخص ليصل إلى مرحلة القناعة أنه على استعداد للانتحار؟ عندما يصل الفرد إلى نقطة اللا مخرج ويجد أن كل الطرق مسدودة أمامه، يأتى دور تلك الجماعات التي تستغل أن الشباب ليس له صوت ولا يسمعه أحد، فيمنحونهم أهمية وقيمة ويمجدونهم ويؤكدون: فلان أنت إنسان عظيم صاحب رسالة يمكنك صنع المعجزات. وباسم الدين يتم زرع الأفكار الإرهابية في عقل الشباب وصولًا لفكرة الانتحار عبر إقناعهم أنها شهادة في سبيل الله وسيدخلون الجنة بعد موتهم، وبداية استقطابهم تكون في سن المراهقة، لكن حاليًا أصبح الموضوع مبكرًا فيتم اختراق عقول الأطفال في سن صغيرة وسط الانفتاح على العالم عبر الإنترنت فأصبح الطفل يلتقى أناسا ويتكلم لغة ثانية ويقرا أفكارا عبر "فيس بوك" ويتابع أفلاما، وينتقل إلى عالم مختلف عن التربية المنغلقة وعقلية الانصياع التي اعتاد عليها. جاء إليّ أب وأم في العيادة.. كانا يعيشان في بلد خليجى يشتكيان من تبنى ابنهما البالغ من العمر 14 عامًا أفكار داعش، وتم إصدار قرار من الدولة الخليجية بعدم دخوله البلاد بعد تحذيره أكثر من مرة بسبب كتابة الولد شعارات التنظيم الإرهابى على جدران المنازل المحيطة بيبته، وهذا نموذج لاستقطاب الأطفال على يد جماعات الشر. من وجهة نظرك.. هل ترى أنه بالضرورة يخرج الانتحارى في بيئة فقيرة؟ بالطبع لا.. ليس بالضرورة أن يخرج الانتحارى من بيئة فقيرة، فالشاب المصرى هشام يكن الذي انضم لداعش كان من أسرة ميسورة الحال، هناك من يأتون من بيئات فقيرة تستغل الجماعات الإرهابية فقرهم وجهلهم لكن ليس كل الشباب الذين يعتنقون الفكر الانتحارى يأتون من أسر مفككة، وبيئات فقيرة يسودها الجهل. هناك أشخاص يعيشون في أوروبا يعجبون بالأفكار المتطرفة وهؤلاء لديهم مشكلة هوية، ولا يستطيع الفرد منهم أن ينتقد الحضارة الغربية.. وبعض الشباب المصرى مؤهل لأى شخص يستقطبه بلا مقابل، مستعد أن يدفع أي ثمن حتى لو كانت حياته إذا شعر أن هناك من يبجله ويحترمه، وبإهمال الشباب نسلمهم غنيمة سهلة لأى جماعة تعتنق أفكارا تخريبية ومتطرفة. ما الفرق بين شخصية القائد والتابع في التنظيمات الإرهابية؟ الفرق هو أن أحدهما شخص قادر على الإقناع وعلى الإيحاء والجذب وتسويق الفكرة والسيطرة والتسلط، أما الثانى غير مؤهل ويحب التبعية وهو ما توكل إليه المهام الانتحارية، حتى القائد لا يتولى دور القيادة مباشرة لابد أن يظل فترة ويظهر عليه سمات الشخصية القيادية. هل يوجد علاج نفسى لظاهرة صناعة الإرهاب؟ حل هذه المشكلة من الجذور يعتمد على التعليم والتربية والإعلام، يجب خلق منظومة اجتماعية كاملة واستثمار لكل الجهود والتوعية بالإسلام الوسطى لنشكل في النهاية إنسانا لديه أمل.