ماجي.. ضحكتك جنان. ماجي.. ضحكتك تطل علينا بمعاني، قد يعجز البعض عن تفسيرها. ماجي.. ضحكتك لها سِرْ عجيب، جذبت وراءها المُحبين والمُتأملين. ماجي.. ضحكتك تًعبر عن براءة ونقاوة ومحبة صافية. هل تضحكين على الحياة التي إلى زوال؟ هل تضحكين على من سلبوكي الحياة وأنتِ لم تخبرِ الحياة بعد؟ هل تضحكين على القتلة الأوغاد الذين بلا آدمية؟ هل تضحكين لكي تستودعين هذه الضحكة والإبتسامة الرقيقة في قلوب من أحبوكي؟ هل تضحكين لكي تُعطي السلام والتعزية للقلوب المُلتاعة لفُراقك؟ هل تضحكين لكي تُعطي الصبر والسلوان لأُمك وعائلتك؟ هل تضحكين لأنك تُعاينين في السماء ما هو خفي علينا؟ هل تضحكين لأنك تُعاينين العرس السماوي المُنتظرك؟ هل تضحكين لأنك تُشاهدين ما لم تراه عين وما لم تسمع به أذن؟ هل تضحكين لأنك شاهدتي الفردوس من بعيد قبل أن تصلي إليه؟ هل تضحكين لأن يسوع يضحك وفاتح ذراعيه لكي يحتضنك ويمسح كل دمعة من عينيك؟ الطفلة ماجي مؤمن، ذات العشر سنوات، استشهدت صباح يوم الثلاثاء، الموافق العشرون من شهر ديسمبر 2016، كانت في عجلة للذهاب إلى السماء، لكي تحضر احتفالات عيد الميلاد في السماء، أكيد كانت شايفة إن هناك أفضل من هنا! ماجي وأمها كانا ضمن الذين أصيبوا في الانفجار المُروع، الذي حدث في الكنيسة البطرسية بالعباسية، يوم الأحد الموافق 11 ديسمبر 2016، عندما فجر الإرهابي الحقير، محمود شفيق محمد مصطفى، نفسه بحزام ناسف، في وسط الكنيسة نحو الساعة العاشرة صباحًا أثناء القداس الإلهي ليوم الأحد. بعد الانفجار المُروع، دخلت ماجي إلى غرفة العناية المركزة بمستشفي الجلاء العسكري وظلت تتلقى العلاج حتى صباح يوم الثلاثاء 20 ديسمبر، حيث كانت أصابتها، شظية أدت إلى كسر الجمجمة وتهتك في الرئة. ماجي الشهيدة رقم 26 من شهداء البطرسية، ومازال بعض المصابين تحت العلاج والرعاية الصحية. ماجي ظلت ما يقرب من العشرة أيام تُغازلنا بضحكتها البريئة، كانت الشغل الشاغل للعديد من رواد موقع التواصل الاجتماعي (فيس بوك)، صلواتهم مرفوعة من أجلها، عيونهم مُتعلقة بأخبارها، أنهم يتمنون اجتيازها الأزمة، والعودة إلى مدرستها "كلية رمسيس للبنات" حيث إنها كانت بالصف الرابع الابتدائي. ماجي كانت طفلة مُتعددة المواهب، بالإضافة إلى تفوقها بالمواد الدراسية، فكانت مُغرمة بالتمثيل، وشاركت في العديد من المسرحيات المسيحية في كنيستها "البطرسية"، هذا بالإضافة إلى أنها كانت لاعبة للكرة الطائرة بنادي وادي دجلة. والدة ماجي، هذه السيدة الفاضلة أصيبت أيضا في الحادث بشظية في العين اليمني وفقدان جزئي للسمع، أنها أم رائعة، تقف شامخة، ثابتة الإيمان، لأنها ربت أولادها تربية مسيحية سليمة، وكما قالت، "المسيح أعطانا الأبناء لكي نربيهم ونُقدمهم شهداء لمجد اسمه إن أراد"، وفعلا هو أراد! وقفت الأم في وسط الاحتفال بجناز ابنتها، رافعة رأسها إلى فوق، ناظرة إلى السماء، وكأنها تُناجيه قائلة: فلذة كبدي ذبيحة حب أقدمها لك، لكي تشهد لك، ولكي نشهد نحن لك أمام العالم، بأن أبواب الجحيم لن تقوي، على شعبك وكنيستك، لأنك موجود داخل كنيستك بروحك القدوس، وأن ما يحدث من اضطهاد، فقط لكي تقوي وتتشدد الكنيسة، بدم الشهداء تنمو وتزدهر الكنيسة، أما أعداء الكنيسة فالمسيح كفيل بهم. اليوم كان زفاف ماجي للسماء، كان حفل الجناز، أكثر من رائع! أكيد ماجي كانت مُرتدية فستان العرس الأبيض، وربما وضعوا أكليلًا فوق رأسها وهي بداخل الصندوق، الزهور البيضاء تملأ الكنيسة وتُعطرها، اختلط أريج الزهور مع رائحة البخور الذكية، الحضور يرتدون ملابس بيضاء على غير العادة في الجنازات، دخلت ماجي الكنيسة على دقة الطبول والمزمار، ثم بدأت مراسم الجنازة الكنسية، وصعدت الألحان الجنائزية، بمذاق تشوبه فرحة زفاف الشهيدة للسماء المُختلطة بضحكتها الجميلة. طوباكي يا ماجي، يا جميلة، يا بريئة، يا نقية، يا شهيدة المسيح. ماجي.. اسمحي لي من خلال هذه السطور المُتواضعة أن أمنحك لقب "ماجي الشهيدة الضاحكة".