سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
بالفيديو والصور.. حكايات من مستشفى الأمراض النفسية.. علاج فتاة منذ 4 سنوات.. سيدة تشتكي من معاملة الأطباء السيئة.. مريضة تتحدث مع نفسها بسبب غلاء الأسعار.. وأزمة شاب بسبب فراق حبيبته
وجوه صامتة، شاخصة الأبصار، تعيش في عالمها الخاص، زاعمة ألا يوجد أحد يفهمها ولا يشعر بها، فلا تجد سوى اللجوء إلى شخص لا يعرف هويتها لتروى له أسباب بُهتانها، ووحدتها، بطمأنينة وصدق، دون أن يشفق عليها أو يلومها، فقط تريده أن ينصت لها، فالطبيب النفسي بالنسبة لها هو طوق النجاة الأخير في هذا العالم الظالم، الذي لا يقدر حجم معاناتها ويأسها. مستشفى الأمراض النفسية وصف يكاد يقترب من حالة المرضى في مستشفى الأمراض النفسية التابعة لجامعة القاهرة، فهل سبق وفكرت كيف يتم التشخيص الطبي للمرضى النفسيين، استلهمت "فيتو" إحدى التجارب الخطيرة التي هزت الأوساط العلمية وقتها، والتي قام بها أستاذ بحامعة ستانفورد، أثبت من خلالها فشل مستشفيات الطب النفسي، في اكتشاف المرضى النفسيين، والفشل في التعامل معهم. تجربة مثيرة كانت التجربة عبارة عن استخراج أوراق هوية مزيفة لعدة أشخاص، ادعوا إصابتهم بمرض الفصام، أو الاضطراب الثنائي القطب، وشارك بالتجربة 8 أشخاص عاقلون داخل 12 مستشفى مختلفة، وهم طالب دراسات عليا مختص بدراسة علم النفس، و3 علماء نفس، وطبيب أطفال، وطبيب نفسي، ورسام، وربة منزل، واستمرت التجربة من 7 إلى 52 يومًا. نتائج التجرية وأثبتت التجربة فشل مستشفيات الأمراض النفسية في التفريق بين الأصحّاء والمرضى، حيث خلصت الدراسة إلى أن التشخيص لم يكن دقيقًا، فلم يستطع الأطباء التفريق بين المرضى والأصحاء، وشخصوا العاقلون على أنهم مرضى. أجرت "فيتو" نفس التجربة بمستشفى الأمراض النفسية بقصر العيني. بداية الحكاية تم التوجه إلى شباك دفع ثمن تذكرة الكشف، وطلب المسئول عن قطع التذاكر بطاقة الحالة "محررة فيتو"، ورقم هاتفها، و5 جنيهات ثمن الكشف، وتم التوجه إلى عيادات الكشف النفسي، فكان واضحًا على المرضى أنهم من جميع الفئات والخلفيات الثقافية، لكن الغالب منهم كانوا أميين وبسطاء، وبدأنا في القيام بمعايشة حية داخل المستشفي. الجن والشعوذة سألنا سيدة تصطحب ابنتها معها، عن سبب مجيئها إلى الوحدة النفسية، فقالت إن ابنتها تأتي إلى العيادة النفسية منذ 4 أعوام، دون أي فائدة، مضيفة: "بقالنا 4 سنين بنيجي وبنتي مفيش جديد في حالتها، بس الدكتورة قالت إن العلاج النفسي مدته طويلة، وإن ده طبيعي". وأضافت السيدة أن الكثيرين قدموا لها النصيحة بالتوجه لأحد المشعوذين، وبالفعل أخذت بالنصيحة، وأحضرت لابنتها شيخًا في المنزل، ولكنها كانت تشعر بالأعياء أكثر وأكثر، وتضرب رأسها في الحائط، فتملكها الخوف على ابنتها، واختارت اللجوء إلى الطب والعلم بدلًا من أفعال الدجل والشعوذة. اضطرابات نفسية وفجأة اتجهت ابنتها إلى أحد أبواب العيادات النفسية، وقامت بالطرق الشديد على الباب، فأسرعت والدتها باحتضانها، وبكيت قائلة: "حرام عليكو قلتلكوا بنتي تعبانة ولازم تدخل تكشف بسرعة، ومتقعدش كل دة، قاعدين بقالنا خمس ساعات عشان ندخل، وكل ما أكلم دكتور يقولي استني الدور، حرام اللي بيحصل فينا ده". معاملة سيئة واشتكت السيدة من معاملة سيئة من إحدى الطبيبات، قائلة: "الدكتورة لازم تكون روحها حلوة وبتتكلم معانا، مش اللي هى بتعمله ده"، فتوجهت إليها بعض الممرضات وقامت بتهدئتها، وأدخلوها هى وابنتها إلى طبيبة أخرى غير التي اشتكت منها. حكاية أخرى قالت سيدة أخرى إنها تأتي من قريتها لعلاج ابنتها، مضيفة: "بنتي عندها كهربا زيادة على المخ وبتقوم بالليل وتضربني وتضرب في كل الناس، وبتصحى بالليل وتفضل تقطع في شعرها وتضرب نفسها ووديتها لشيخ بس مفيش فايدة". غلاء الأسعار أثناء انتظارنا للدور ودخول حجرة الكشف، وجدنا سيدة تتحدث إلى نفسها بصوت مرتفع، وتقول: "طب والتموين هنعمل فيه ايه، هيشيلوه؟! طب واحنا نعمل إيه بقا؟ ونروح فين؟"، ثم توجهت بحديثها إلى باقي الأشخاص الجالسين في غرفة الانتظار، وقالت: "انتو هتعيشوا ليه بعد ده كله؟". ميراث الأبناء وروت السيدة قصتها البائسة، بأنها متعلمة وتحمل شهادة جامعية، ولكن القدر أودى بها إلى تلك المستشفى، فلديها 4 أبناء متعلمين، وتم القبض على أحد أبنائها في قضية سياسية، وابنتيها تعملان في مجال مختلف عن دراستهما لكسب قوت يومهما. وأضافت أن أخيها لم يعطها حقها في الميراث، وطردها من منزل والدها، وزوجها عاطل ويعاملها بصورة سيئة هى وابنتيها، ويجبرهم على العمل لجلب أموال تساعدهم في المعيشة، فتركت كل هذه الضغوطات جُرحًا نفسيًا يصعب التئامه فتوجهت إلى الوحدة النفسية، قائلة: "لو مجيتش هنا كان ممكن انتحر من صعوبة اللي بيحصلنا". الحب كان يحبها كثيرًا، وفعل المستحيل لكي يتمكن من خطبتها، ويوافق عليه والدها، فكانت تعني له الحياة، ولكن كثرة الخلافات جعل حبها له باهتًا. يقول أحد الشباب المنتظرين في الوحدة النفسية: "إن فراق حبيبته له خلف له صدمة نفسية حادة، جاء على إثرها للعلاج بالمستشفى، مضيفًا في حزن: "كنت بحبها أوي، بس هى مع أول خلاف بينا سابتني، هى كانت بتحبني بس معرفش ليه عملت كده". صدمة الأهل فجأة صرخت سيدة في أرجاء المستشفي قائلة: "دول مش أهلي ولا أعرفهم دول خطفوني واغتصبوني"، ولم تتوقف عن الصياح حتى أدخلها أهلها والممرضات إلى غرفة الحجز باعتبار حالتها خطيرة للغاية، حيث أكد أطباء المستشفى أن الحجز يكون بإرادة المريض وبموافقة أهله كتابيًا. الطبيب النفسي دخلت محررة "فيتو" إلى غرفة الكشف وأقنعت الطبيبة النفسية أنها مريضة اكتئاب في مرحلته الأخيرة، وما كتبته الطبيبة في السجل المرضي هو أعراض الاكتئاب التي ادعتها المحررة، والتي يعرفها أي طالب طب مبتدىء depression disorder. ودونت الطبيبة الأعراض وهى قلة النوم، ورفض الحياة والرغبة في الانتحار وعدم الاحساس بشغف أو الاهتمام تجاه الحياة والرغبة في قتل الآخرين وهلاوس، وأزمة نفسية بسبب وفاة والدتها، وانخفاض في الأداء التعليمي، وأخيرًا انخفاض في علاقتها مع الناس على المستوي الاجتماعي وفقدان الشهية. كانت كل تلك الأعراض مجرد ادعاءات كاذبة قالتها محررة فيتو، ولكن الطبيبة شخصت ذلك على أنه حقيقة وأنها بالفعل تعاني من مرض نفسي.