إذا كنت من عشاق السينما، وتشعر بالحيرة لمشاهدة مجموعة من الأفلام الرائعة، فإن بوابة "فيتو" تقدم لك كل جمعة، ترشيحات ل5 أفلام لمشاهدتها كل أسبوع. والأفلام المنتقاه متنوعة، ما بين عالمية وعربية، وهي جديرة بالمشاهدة، استنادا إلى نجاحها وقصتها ومعالجتها، التي تحترم عقل المشاهد، وصناعة السينما. وتوصي "فيتو" هذا الأسبوع بمشاهدة 5 أفلام هي:- 1- (500 days of summer) جرعة رومانسية، درامية، لا مثيل لها، وهي قصة مختلفة عن كل قصص الحب التي استهلكت في معظم الأفلام، فنحن أمام فيلم يأخذك بين تقلبات الحب وأحواله ولحظاته، ثم يعبر بك إلى وهم التعلق بشخص قد انتهى من حياتك وأصبح ماضيا. قصة الفيلم بسيطة، فالبطل "توم" يحب فتاة تدعى "سمر"، وعلى مدى 500 يوم، نتابع التطورات الكثيرة التي تشهدها العلاقة التي جمعت البطل الذي يعمل في إحدى شركات بطاقات التهاني، وبين "سمر"، وهي الفتاة التي لا تؤمن بوجود حب حقيقي في العالم. وميزة هذا الفيلم أنه لا يقدم تفسيرات للحب، فهو لا يقول لك مثلا كيف أحب "توم" من نظرة واحدة؟ ولا يقول لنا لماذا وافقت "سمر" واستجابت له طالما هي لا تؤمن بالحب ولا هذه المشاعر؟. في هذا العمل، ستشاهد ماذا يفعل الحب بالإنسان، وماذا يفعل الخذلان؟ كما أنه لا يعتبر مجرد فيلم يحكي قصة بين شاب وفتاة، ولكنه لوحة فنية وبصرية، وسيناريو متفلسف حرر الحب من كل الأطر التقليدية. مخرج العمل، مارك ويب، أمسك أدوات السرد بطريقة سلسة ومذهلة، لم يفرط في التفاصيل الحياتية التقليدية المشحونة بالتوتر والغيرة والعاطفة، ونظرة البطلان للحب، فالمهمة كانت صعبة للمخرج، لأنه لا يسرد بطريقة طولية، ولكنه ينتقل بكل حيوية بين ال500 يوم، ليبرز تغيير المشاعر ومعايشة كل منهما للحب في تطوراته المختلفة؛ أي قبل وبعد، وأثناء لحظات الاختمار والنضوج والهبوط. وإذا أردنا أن نحدثك عن أجمل مشاهد الفيلم، فلا يمكننا حصرها، ولكن يجب أن نحكى عن مشهد خروج البطل «توم» من بيته صباحا، منتعشا، حيث نرى الموسيقى في خلفية المشهد، كما نرى الألوان والابتسامات التي يتبادلها «توم» مع الناس جميعا في الشارع، ثم نرى بعد ذلك الرسوم الكرتونية التي تقتحم الصورة، كتعبير عن البهجة والفرح والسعادة. ينتهى المشهد، لكن المتفرج لا يفهم ما الذي حدث، وما السر وراء هذا الاستعراض الغنائي وهذه البهجة؟ الإجابة موجودة في المشهد الذي سبقه، فالبطل «توم» استجابت له حبيبته «سمر»، واستطاع أن يقيم معها علاقة حميمية لأول مرة، لذلك كان هذا المشهد ضروريا؛ ليعبر عن حالة السعادة والبهجة التي غمرته. إن «توم» بسبب الحب أصبح إنسانا مختلفا، سعيدا، يرقص، صدره زاخر بالعطر وحب الحياة، يوزع الابتسامات على الجميع، يصافح هذا ويحضن ذاك. فالمخرج «مارك ويب»، استطاع أن يعبر عن هذه الحالة باستخدام كل القوالب البصرية والموسيقية المتاحة؛ ليعبر عن حالة هذا الحبيب الهائم، فنجد مثلا: «النافورة» تفتح وهو سائر، كأنها ترحب به، ونرى الناس يبادلونه التحية ويبتسمون له، حتى حركة البطل هنا، تبدو متحررة، فالحب حرره من كل قيد، وأعطاه شفافية غريبة، جعلته يحلق في السماء، ويسمو ويعلو في حضن الزمان والمكان. الفيلم من بطولة جوزيف جوردن ليفت، ذوي ديسكانل، ومن تأليف سكوت نيوستادر، وإخراج مارك ويب، ومن إنتاج 2009. 2- باب الحديد من أجمل أفلام يوسف شاهين، وهو من أفلامه الأولى التي قام بدور البطولة فيها، وقصة الفيلم باختصار، تدور حول "قناوي" بائع الجرائد غير المتزن عقليا والمثار جنسيا من جانب "هنومة" التي تشفق عليه، لكنها تنوي الزواج ب"أبو سريع"، وعندما تبدأ هنومة في الاستعداد للزواج، يقرر الانتقام منها. "باب الحديد" هو الاسم القديم لمحطة مصر، من هنا جاءت فكرة اسم الفيلم، الذي صورت معظم مشاهده بالمحطة، ومن اللحظة الأولى يلعب "شاهين" بفكرة الساعة والزمن التي تتجاوز الانتظار داخل المحطة، فنجد مثلا في إحدى اللقطات ظهور "قناوي" بجوار تمثال رمسيس، كأنه يتهكم على حال مصر بين ماضي رمسيس والوضع الحالي المزري. كل شيء في هذا العمل يوحي بغربة الإنسان داخل المدينة، المجتمع، والحياة الإنسانية الطبيعية، والذي يجعلنا نوصى بمشاهدة هذا العمل، هو أنه يجسد حالة الكبت والحرمان الموجودة بداخل كل إنسان، إن العمل استطاع أن يتطرق إلى أصعب المناطق النفسية وأعقدها، وهو الكبت الجنسي وما يحدثه من جنون. ومن أجمل المشاهد في العمل، هو ذلك المشهد، عندما يقوم "قناوي" بتثبيت صورة على جدار غرفته، فيرسم دلوا على كتف الفتاة التي بالصورة لتبدو في خياله "هنومة"، ثم يركز "شاهين" النظرة على وجهه، سقوط القلم من يده، انزواءه في زاوية الغرفة، تراجعه حيث لم يعد يحتمل، إن المشاهد لم ير كبتا جنسيا في هذا المشهد، ولكنه يرى حبا، وإن هذا التراجع إلى الوراء، ربما يكون بسبب العجز الجسدي لشخصية "قناوي" الذي يعرج، وعجزه الاجتماعي، الذي يقف حائلا بينه وبين حبه. إن هذا الفيلم صورة مكتملة لأعقد المشاعر الإنسانية، وفى نفس الوقت لم ينس أن يتطرق إلى القضية العمالية ووضع العمال في هذه الفترة. الفيلم من بطولة يوسف ساهين، هند رستم، فريد شوقي، ومن تأليف عبد الحي أديب، وإخراج يوسف شاهين وإنتاج عام 1958. 3- فيلم زوجتي والكلب هذا الفيلم هو أول أفلام المخرج الكبير سعيد مرزوق، ولا يمكن أن يعتبر هذا الفيلم فيلما عاديا، إن هذا الفيلم مدرسة في التعبير البصري عن المشاعر الداخلية، والهواجس، إن سعيد مرزوق في هذا العمل، استطاع أن يعبر عن العذاب الداخلي ويدخل بالكاميرا في عقل شخصية "مرسي"، صاحب المغامرات النسائية والذي يشك في زوجته عندما يتركها ويغادر إلى العمل في فنار بعيد بحكم مهنته. يمكن أن نقول إن مشاهدة هذا الفيلم يمكن أن تتم بإغلاق الصوت والاكتفاء بمشاهدة الصورة، وحينها سوف تصل إليك معاناة وأزمة البطل. قصة الفيلم باختصار، تدور حول شكوك زوج في زوجته، تتحول حياته إلى جحيم، لأنه أولا يعيش بحكم عمله في فنار بعيدا عن زوجته الصبية الفاتنة، وثانيا لأن له ماض من المغامرات مع نساء متزوجات، وها هو الماضي يصبح عبئا ثقيلا على حاضره، يطارده، ويجعله يشك في زوجته ويتوهم أنها تخونه مع شاب مراهق يعمل مساعدا له، وكان قد أرسله برسالة إلى زوجته. الفيلم من بطولة نور الشريف، سعاد حسني، محمود مرسي، من تأليف وإخراج سعيد مرزوق، وإنتاج 1971. 4- فيلم se7en لن نقول إن هذا الفيلم يستحق المشاهدة، ولكن إن لم تشاهده، فيجب عليك فورا أن تبحث عنه لتشاهده ولتشاهد كيف يمكن أن تصنع السينما خليطا سحريا ما بين الخيال والواقع، فهذا الفيلم يعبر عن الإخلاقيين والذين صنفوا أنفسهم آلهة ليحاسبوا المجتمع، فلدينا في هذا الفيلم شخصية "جون دوي"، الذي قام بها النجم الكبير "كيفن سبيسي"، وهي شخصية مجرمة تشعر بالاشمئزاز تجاه المجتمع الأمريكي، حيث يبحث عن الخطايا السبعة داخل كل إنسان، ليقتله، والخطايا السبعة طبقا للأساطير القديمة هي "الشراهة، الحسد، الشهوة، الغرور، الكسل، الطمع، الغضب". فالمجرم هنا يريد أن ينقى العالم من هذه الخطايا، فيبدأ في البحث عن بعض الناس التي تتوفر فيهم أي خطيئة من الخطايا السبعة لقتلهم وليكونوا عبرة. وفى كل حالة من الحالات، تزداد عمق الجريمة، فنجد مثلا أن المجرم يقتل المغرورة بجمالها، عن طريق تشويها، وهنا يبدأ المحققان سومرست "مورجان فري مان"، وديفيد ميلز "براد بيت" في البحث عن المجرم وفك لغز هذه الجرائم التي ترتكب، ويبدأ سومرست المثقف المطلع، في الاقتناع بأن المجرم متأثر بعلم اللاهوت والأساطير اليونانية. الفيلم من بطولة، براد بيت، مورجان فري مان، كيفين سبيسي، إخراج ديفيد فينشر، إنتاج 1995. 5- four mintues هذا الفيلم، من أفلام السير الذاتية، حيث يعرض جزءا من قصة السيدة ترود كروجر، معلمة البيانو، التي علمت عزف البيانو، للنساء في السجون على مدى ستين عاما، وهي سيدة ذات ثقافة واسعة، تعلم فتاة صغيرة الموسيقى، تلك الفتاة المتهمة في قضية قتل. هذا الفيلم من الأفلام التي تبرز أهمية الجمال من خلال الموسيقى، وهو من الأعمال القليلة، التي ترفض العنف والسجن والسلطة والانتحار. إن المخرج كريس كراوس، يدمج في هذا العمل الفني الرائع بين الموهبة والألم، ويسلط الضوء على المشكلات الخاصة بالإنسان في إطار الزمان والمكان والبيئة التي ينشأ فيها، إنه فيلم يستحق المشاهدة، إذا كنت من عشاق السينما، فهو فيلم يصرخ في وجه العالم. الفيلم من بطولة، هانا هيرتسشبرونج، ومونيكا بلابتروي، وإخراج كريس كراوس، 2006.