غرد منفردا.. وأراد المكوث بين مدرجات الجامعة ليلقن طلابه العلم والقانون، ولطالما هرب من العمل العام والمناصب مفضلا خدمة وطنه بين طلابه إلى أن فرضت عليه الظروف تولي المسئولية.. رجل مخضرم.. فقيه دستوري رفيع القامة.. إنه الراحل الدكتور يحيى الجمل نائب رئيس الوزراء الأسبق. وبعد سنوات طوال من خدمة الوطن دخل في دوامة المرض الذي نال منه كثيرا لكنه لم يدخر جهدًا لخدمة البلاد، إلى أن وافته المنية اليوم الإثنين 21 نوفمبر 2016 عن عمر يناهز 86 عامًا. وكان الدكتور يحيى عبد العزيز عبد الفتاح الجمل، عضو مجلس أمناء حزب المصريين الأحرار، والفقيه الدستوري المصري الذي ولد عام 1930، في محافظة المنوفية. وتألق يحيى الجمل في دراسته بدءا من ليسانس الحقوق عام 1952، ثم ماجستير في القانون عام 1963، ومنه للدكتوراه في القانون عام 1967. وسبق أن شغل "الجمل" منصب معاون نيابة عام 1953، ومساعد نيابة عام 1954 ونظرًا لاجتهاده وصل لدرجة وكيل نيابة عام 1954. وبدأ كمدرس بكلية الحقوق، جامعة القاهرة عام 1964، وأستاذ مساعد 1970، وأستاذ بقسم القانون العام بكلية الحقوق، جامعة القاهرة، ومنها وصل إلى القمة كعميد لكلية الحقوق، جامعة القاهرة، كما شغل منصب وزير الدولة لشئون مجلس الوزراء ووزير التنمية الإدارية في حكومة الراحل ممدوح سالم عام 1974. ووسط أجواء ثورة يناير وتنصل الكثيرين من المسئولية شغل منصب نائب رئيس مجلس الوزراء 2011، استقال من منصبه في 12 يوليو من نفس العام. كما أسس بالتعاون مع الكاتب والفكر السياسي أسامة الغزالي حرب، ومجموعة من السياسيين والمفكرين، حزب الجبهة الديمقراطية والذي اندمج فيما بعد مع حزب المصريين الأحرار، واختير كعضو مجلس أمناء بالحزاب. لم يخش في الحق لومة لائم حينما أجريت تعديلات دستورية على المادة 76 لفتح المجال للرئيس الأسبق حسنى مبارك للترشح لدورات رئاسية لا حصر لها فوصفها الجمل ب" الجريمة الدستورية"، وكان عضو لجنة الحكماء التي تم تشكيلها أثناء اندلاع ثورة 25 يناير عام 2011 م. وله العديد من المؤلفات العلمية من بينها "الأنظمة السياسية المعاصرة"، 1969، و"النظام الدستوري في جمهورية مصر العربية"، 1970، و"النظام الدستوري المصري"، و"القضاء الإداري"، 1986، و"القضاء الدستوري"، ونظرية التعددية في القانون الدستوري (عدة طبعات)، و"حماية القضاء الدستوري للحق في المساهمة للحياة العامة". كما كان كاتب رائد للمقال القانونى والأدبي، انتمى لعدد من الهيئات وشغل عدة مواقع منها عضو المجلس القومي للتعليم والبحث العلمي، وعضو محكمة التحكيم الدولية بباريس، وعضو مجلس أمناء جامعة 6 أكتوبر، وعضو مجلس الشعب، وعضو مجلس جامعة الزقازيق، وعضو لجنة القانون بالمجلس الأعلى للثقافة. ونظرا لدورة الرائد حاز على عدة جوائز ومنها جائزة الدولة التقديرية في العلوم الاجتماعية من المجلس الأعلى للثقافة، عام 1998. ويقول في حوارات سابقة له" أنه تولى الوزارة الأولى بضغوط من «سالم»، والوزارة الثانية والثالثة بضغوط من الفريق أحمد شفيق، والدكتور عصام شرف في 2011، وفى الرابعة غضب منه المشير حسين طنطاوى، لرفضه الترشح لانتخابات رئاسة الجمهورية في 2012".