طبيب أورام يقنع أهل مريض ب7 حقن الواحدة تكلفتها 15 ألف جنيه لخدمة الشركة رشاوى كبيرة للأطباء للترويج للمستحضرات الجديدة ضغوط من نوع خاص، أغلبها طعمه حلو للأطباء ولشركات الأدوية معًا، ما دام العائد مُجديا، وأمام حرب المنافسة الشرسة بين شركات الدواء بات كل شيء متاحًا في الدعاية، حتى وإن كان رشاوى للأطباء ويصبح ضمير الطبيب في أقرب «سلة قمامة». رغم ما تعانيه سوق الدواء في مصر من الأزمة الاقتصادية وتعويم الجنيه وارتفاع أسعار الدولار وادعاء الشركات تكبد خسارة مالية، إلا أن هناك ملايين الجنيهات لا تزال تلك الشركات تنفقها على أساليب الدعاية الطبية، والتي توصف ب«الرشاوى المقننة» لتحقيق أكبر عائد من الأرباح. مندوبو الدعاية لشركات الأدوية كشفوا عما يسمونه أسرار المهنة والسوق. أحد مندوبى الدعاية -تحفظ على ذكر اسمه– قال إن الدعاية الطبية تمثل «حرب باردة» بين شركات الدواء، مؤكدًا أنه يعمل منذ 7 سنوات في هذا الوسط وبعدة شركات مختلفة، وفى محافظات متنوعة، مشيرًا إلى أن الأطباء نوعان الأول «علمي» يهتم بالعلم فقط ويتعامل مع الدواء وفقًا للتطورات العلمية، والثانى «ديلر» عندما يذهب إليه المندوب في العيادة يشرح له مميزات الدواء الذي يروج له، يطلب الطبيب ضرورة تقديم «السبت للحصول على الأحد»، وأن توجد معه الشركة باستمرار في «سفريات، تجهيز عيادة الطبيب، توفير جهاز تكييف له، السفر خارج مصر لأى دولة أوروبية»، ويتم ذلك وفقًا لسياسة شركة الدواء. وضرب «المندوب» مثالا على كلامه بتأكيد وجود طبيب أورام كان يعالج مريضًا في مرحلة متأخرة من المرض على وشك الموت فأقنع أهل المريض بوجود أمل في الشفاء 1% إذا حصل على حقنة لمدة محددة تبلغ تكلفتها 15 ألف جنيه ل7 جرعات لكى يخدم الشركة منتجة الحقنة ويصرف دواءها قبل وفاة المريض. ومن ضمن المخالفات، ذكر المندوب نفسه مثالا ثانيًا لطبيب قلب عندما ذهب له العيادة، قال له الطبيب: «أين وجودكم وأين الخدمات التي تقدمونها فالأسبوع الماضى كنت في أمريكا تبع الشركة (س)، والأسبوع القادم في منتجع سياحي، وطلب منهم عدة مرات خدمات إلا أن الشركة لم تستجب». وأوضح أن تخصص أمراض الجلدية يشهد تجاوزات وكتابة أدوية بكثرة للمريض لا يحتاجها حتى يخدم الطبيب صنف الشركة، وأغلب المنتجات غير حيوية. وأشار المندوب إلى وجود طبيبة معروفة في محافظة الفيوم تكتب الأدوية لكى يصرفها المريض من الصيدلية أسفل العمارة التي توجد بها العيادة، والتي يمتلكها ابنها الصيدلي، ويتم الاتفاق على كميات الأدوية التي تصرف شهريًا للصيدلية. وكشف عن نوعية أخرى من الأطباء تحصل على شيكات بمبالغ نقدية في بداية كل عام، حتى يكتب صنف الشركة طوال العام. أما «الصيدلى إسلام محمد» فتحدث عن الهدايا التي تقدم للأطباء، وتتراوح بين «تكييفات للعيادة، سيارات، سفريات خارج مصر، شيكات نقدية»، مؤكدًا أنه لكى يحقق الطبيب الهدف من كميات الأدوية يزيد العلاج في الروشتة حتى إن لم يحتجه المريض. وأضاف إسلام: «لكى يتأكد الطبيب من صرف العلاج كاملا يطلب من المريض أن يذهب للصيدلية لصرفه ثم يعود ليتأكد من صرف الدواء المقصود وليس البديل»، مؤكدًا أنه إذا اقتنع المريض أن كل دواء منه 12 مثيلا بنفس المادة الفعالة فإنه سيطلب صرف الدواء الأرخص منها، ومن الممكن أن يخفض الصيدلى تكلفة روشتة من ألف جنيه إلى 200 جنيه. مدير تسويق بإحدى شركات الأدوية -رفض ذكر اسمه- لفت إلى أن هدايا الشركات كلها أدوات تخدم مستلزمات العيادة من كمبيوتر وشازلونج وتليفزيون ولا يوجد بها «حرمانية»، فضلا عن تنظيم ندوات باسم الطبيب تشارك فيها عدة شركات دواء في مقابل حضور ألف طبيب للمؤتمر تروج فيه الشركة عن منتجها. وأمام ما سبق، أكد «محمود فؤاد- مدير مركز الحق في الدواء» أن المؤتمرات الطبية المنعقدة في كل التخصصات غرضها الأساسى تعليم وتدريب طبى مستمر لأن الطب به جديد كل يوم إلا أنها أصبحت مؤخرا وسيلة لرفاهية الأطباء، خاصة أنه غالبًا يتم عقد المؤتمر في منتجع سياحى وتأتى أسرة الطبيب معه، ويمكن أن تنظم في نهايته حفلة تحييها راقصة وهى أمور مخالفة للميثاق الترويجى لدول البحر المتوسط التي تمنع إقامة مؤتمرات علمية في المنتجعات السياحية والترويج لأدوية بها، مؤكدًا وجود شركة تنتج دواء لعلاج مرضى الكبد قامت بتنظيم وتحمل نفقات رحلات حج ل150 طبيبًا بأسرهم. واعتبر أن تلك الهدايا والمميزات تعتبر رشاوى، تتمثل في جنيهات ذهبية، شاشات «إل سى دي». بدوره، رأى «الدكتور خالد سمير- أستاذ أمراض القلب بكلية الطب جامعة عين شمس عضو مجلس نقابة الأطباء» أن تلك الممارسات تحدث من عدد من الأطباء في أغلب التخصصات الطبية ومع معظم الشركات نتيجة تضارب المصالح بين الطرفين وكلما ابتعدت عن القاهرة تكثر تلك الظاهرة، نظرا لضعف الرقابة في بعض المحافظات. ولفت إلى أنه نتيجة وجود بدائل للنوع الواحد من الدواء تصل إلى 10 أصناف هي السبب في ذلك الصراع والتنافس بين الشركات بطرق غير شرعية، خاصة أنه لا يوجد ضرر يقع على المريض والأدوية تتعدد وتتنوع من حيث الشكل والسعر واللون والطعم. وأضاف: «طرق شراء رضا الأساتذة تتم عن طريق تنظيم ورعاية مؤتمرات طبية خاصة بهم دورية تكون تكلفتها على الشركة، تتراوح من 50 إلى 150 ألف جنيه للشركة الواحدة، وتنعقد في الفنادق الضخمة أو المنتجعات الفاخرة، بينما يكون شراء رضا الطبقة الثانية من الأطباء أصحاب الكشوفات الكثيرة بالتكفل بكل مصاريف الإقامة والتسجيل في المؤتمر ومصروف اليد وحجز التذاكر الطيران في المؤتمرات العالمية التي تنعقد في فيينا وباريس وماليزيا». وتابع: «لا تهتم الشركات متعددة الجنسيات بالعائد من وراء تلك المصاريف، سوى شراء الرضا المطلق لكبار الأطباء حتى يجبروا المرضى على شراء منتجاتهم من الأدوية ومهاجمة الأدوية المحلية، بينما الشركات الخاصة الكبرى وبعض صغار الشركات تشارك بشكل أقل في رعاية المؤتمرات ونسبة مساهمتها لا تتعدى 50% من مساهمة شركات متعددة الجنسية وأكثر طرق شرائها لرضا الطبيب تتمثل في دعوتهم وعائلاتهم للمنتجعات السياحية. وأوضح الصيدلى على أن الشركات الصغيرة أقصى ما تفعله للطبيب من الدرجة الثالثة في حجم الكشوفات هو تقديم «عزومة في مركب على النيل»، مشيرًا إلى أن إحدى الشركات المغمورة أقامت حفلا في فندق 5 نجوم من أجل دواء مغشوش لعلاج الأنيميا، كما زعمت الشركة حينها. من جانبه، كشف الخبير الدوائى هانى سامح عن واقعة غش وخداع للمرضى وعمل دعاية طبية باستخدام راقصة للأطباء وتقدم بشكوى رقم 668776 لمجلس الوزراء.