حكومة المهندس شريف إسماعيل، واحدة من أكثر الحكومات المتعاقبة التي تسببت في أزمات للشارع المصرى، إن لم تكن الوحيدة، فتاريخ أدائها لا يحمل إلا السلبيات، والمشكلات، والكوارث أيضا، تحدثت في برنامجها عن الرخاء، فكان الفناء، قالت "محدود الدخل في عيوننا"، فمنحته قرارات اقتصادية أقل ما توصف ب"المؤلمة"، تحدثت عن "التركة الثقيلة" التي أُلقيت على كأهلها، متجاهلة أنها ألقت ب"التركة" كاملة على أكتاف المصريين، الذين لاحقتهم الأزمات من كل حدب وصوب. النهاية.. كلمة أخيرة تنتظرها حكومة المهندس شريف إسماعيل، وتدرك أن القيادة السياسية ستكون رحيمة بها، إن قررت أن يكون الأمر "إقالة وليس استقالة"، وهو أمر أكدته مصادر أشارت إلى أن أن شريف إسماعيل رئيس مجلس الوزراء ينتظره سيناريو رحيل حكومة إبراهيم محلب، مشيرة إلى أن الرئيس عبد الفتاح السيسي سيطالب هذه الحكومة بتقديم استقالتها عقب أن تتقدم بتقريرها نصف السنوي لمجلس النواب في 13 نوفمبر الجاري، وبعد يومين فقط على مرور تظاهرات 11/11 فيما يعرف ب«ثورة الغلابة» الرافضة لزيادة الأسعار وموجة الغلاء التي طحنت محدودي الدخل والفقراء دون أن تعمل الحكومة على حمايتهم من هذه القرارات. المصادر أكدت أيضا أن أيام شريف إسماعيل في مجلس الوزراء باتت معدودة في ظل الغضب الشعبي من القرارات المؤلمة التي أعلنت عنها الحكومة أعقاب تحرير سعر الصرف « تعويم الجنيه» انتهاء بتحريك أسعار المحروقات الرئيس عبد الفتاح السيسي يعمل الآن على اختيار خليفة شريف إسماعيل لاتخاذ قرار الإطاحة به، وكلف الأجهزة الرقابية بتقارير دقيقة عن الشخصيات التي رشحها. المبشرون بخلافة "إسماعيل" القرارات الاقتصادية المؤلمة مرورا بتعويم الجنيه ووصولا تحريك أسعار المحروقات، مسامير دقها "إسماعيل" في نعش حكومته، حتى أصبح ليس هناك حديث في الشارع المصري إلا عن الإطاحة بهذه الحكومة، التي يري الشارع أنها انتحرت سياسيا بمثل هذه القرارات التي لم يتم مراعاة الظرو ف وأحوال المعيشة بها. لكن السؤال الأبرز يتعلق حول من يخلف شريف إسماعيل في هذه المرحلة الحرجة بعد أن قامت الحكومة الحالية بتعويم الجنيه من خلال تحرير سعر الصرف وتحريك أسعار المحروقات. «محيي الدين» مصادر رفيعة المستوي أكدت أن الدكتور محمود محيي الدين، وزير الاستثمار الأسبق في عهد مبارك، النائب الأول لرئيس البنك الدولي، يتردد اسمه بقوة لتشكيل الحكومة الجديدة، مع الأخذ في الاعتبار أن القيادة السياسية استعانت به في بعض التفاصيل المتعلقة بقرض صندوق النقد الدولي. المصادر ذاتها لفتت الانتباه إلى أن القيادة السياسية سبق وأن وضعت «محيي الدين» في دائرة الضوء أواخر 2015، خاصة أن رجل مبارك لم توجه له اتهامات بالتورط في أية قضايا فساد، ككثير من رجال نظام مبارك، لكنه طالب بتأجيل عودته مرة أخرى للعمل كمسئول في مصر. «أحمد درويش» في ذات السياق.. أكدت مصادر مسئولة وثيقة الصلة بدوائر صنع القرار أن الدكتور أحمد درويش، رئيس الهيئة الاقتصادية لمنطقة قناة السويس انضم أيضا لبورصة الترشيحات لتولي مهام تشكيل حكومة جديدة خلفا لحكومة شريف إسماعيل التي سيضطر الرئيس السيسي لاجبارها على تقديم استقالتها. وقالت مصادر مسئولة أن الأجهزة الرقابية أعدت تقارير دقيقة عن موقف كل مرشح بناء على طلب الرئيس عبد الفتاح السيسي، مشيرة إلى أن التقارير على مكتب الرئيس الآن، وسيتم التنسيق الكامل مع مجلس النواب خلال الفترة المقبلة، في محاولة لتخفيف حدة الغضب لدى الشارع بالاطاحة بالحكومة الحالية التي باتت في موقف لا تحسد عليه. وعود كثيرة قطعتها حكومة المهندس شريف إسماعيل على نفسها، وبقراءة الوضع القائم يتضح أنها لم تنفذها، رغم أن البرلمان وافق على منحها الفرصة من أجل تنفيذ تعهدات هذا البرنامج، وهو ما يعني انها لم تحقق أي تقدم ملموس لخدمة المواطنين ومحدودي الدخل. قالت حكومة شريف إسماعيل في مطلع برنامجها الذي تقدمت به لمجلس النواب، أن المشكلات والتحديات كبيرة وضخمة وأنها عازمة على إتباع منهج علمي سليم في مواجهتها وتبني أفكار جديدة، وأن عليها من أجل ذلك أن تتخذ قرارات صعبة طالما تم تأجيلها، إلى أن وصلنا اليوم إلى ما نحن عليه وأصبح اتخاذ هذه القرارات حتميا حتى نخطو إلى مستقبل أفضل. الحكومة كانت صادقة في تهديدها باتخاذ القرارات المؤلمة، لكنها – في الوقت ذاته- تناست تماما إتباع منهج علمي سليم في مواجهة الأزمات الاقتصادية التي غرقت فيها البلاد، كما فششلت في حماية محدودي الدخل من هذه القرارات التي كانت سببا في أزمات طاحنة تعرضوا لها. وفيما يتعلق بالملفات التي كان يجب أن تنفذها الحكومة قبل رحيلها فالأمر يتعلق بالعجز في ميزان المدفوعات، حيث تعهدت الحكومة بالعمل على خفض نسبة العجز التي وصلت إلى 25 مليار دولار في 2015، لترتفع النسبة بدلا أن تنخفض وتصل لضعف الرقم تقريبا 50 مليار دولار خلال أشهر قليلة مضت على موافقة مجلس النواب على هذا البرنامج. كما وعدت الحكومة بمواجهة الفساد بالتعاون مع الأجهزة الرقابية، إلا أن هذه الوعود ذهبت مع الريح بالإعلان عن فاتورة فساد صوامع القمح التي وصلت وحدها إلى مليار جنيه، إضافة إلى الفساد المنتشر في قطاعات وزارة التموين، وعدد كبير من الوزارت والهيئات والمؤسسات الحكومية. ووفقا للمصادر فحكومة شريف إسماعيل لم تعمل على بناء الجهاز الإداري للدولة، ولم تنسق مع القطاع الخاص كشريك أساسي، ما أدي إلى غياب ثقة القطاع الخاص فيها، الأمر الذي ظهر واضحا في أزمة السكر الأخيرة التي ظهرت مؤخرا ولا زالت البلاد تعاني منها. حكومة شريف إسماعيل قالت أيضا نصا في برنامجها أن رضاء المواطن وصالحه هما قلب برنامج الحكومة، وبالتالي ستحظي الموضوعات التي تهم المواطن كالتعليم والصحة والإسكان والصرف الصحي، بأولوية مطلقة، لكن المصادر أكدت أن هذه القطاعات عانت كثيرا في ظل هذه الحكومة. وتتمثل معاناة وزارة التربية والتعليم في عدم تطوير المناهج بالشكل المناسب، إضافة إلى أن التطوير الذي طال المدارس شكلي فقط، ولا تزال المدارس تشكل خطرا حقيقيا على الطلاب، وفيما يتعلق بالصحة فهناك أزمة طاحنة تتمثل في زيادة أعداد الأدوية الناقصة من الأسواق المصرية، ما سبب أزمات في الأدوية التي لا توجد لها بدائل الخاصة بالأمراض المزمنة، وهو ما عمل على زيادة أسعارها بشكل كبير جدا في السوق السوداء التي تمتلك هذه الأدوية الناقصة. وبسبب نقص التمويل لم تنجح حكومة شريف إسماعيل في تنفيذ وعودها بإنهاء مشروعات الصرف الصحي في المدن والقري، وتوصيل الخدمة إلى 60 % من القري المصرية، كما وعد برنامج الحكومة بالانحياز تماما للمواطن. «7 أهداف فشنك» 7 أهداف أعلنتها الحكومة في برنامجها تتمثل في رفع كفاءة منظومة الخدمات العامة، وتطوير البنية الأساسية الداعمة للنشاط الاقتصادي، وترسيخ مبادئ العدالة الاجتماعية، وتنفيذ برنامج اقتصادي طموح، كلها كانت مجرد عبارات رنانة وشعارات لتشجيع البرلمان على منح هذه الحكومة الثقة للاستمرار لكنها كانت أبعد ما يكون عن ذهن رئيس الحكومة وهو يتخذ القرارات الصعبة الأخيرة. وفيما يتعلق بتعهد الحكومة بتوفير المعلومات اللازمة لنواب البرلمان لاتخاذ ما يلزم من إجراءات، كانت مجرد وعود، وأدى ذلك إلى تشابكات بين الوزراء والنواب داخل قاعات البرلمان انتهت بالتهديد بسحب الثقة من الحكومة ومثل المهندس شريف إسماعيل أمام المجلس في الجلسة العامة الأخيرة للرد على استفسارات النواب فيما يتعلق بالقرارات الاقتصادية التي تم اتخاذها دون الرجوع للمجلس، إلا أن الاتهام الأبرز للحكومة تمثل في تعمد اخفاء المعلومات عن البرلمان بما يشكل تراجع من جانب الحكومة في وعودها. معدلات النمو والعجز كما تعهدت الحكومة بزيادة معدلات النمو في نطاق 5- 6 % بنهاية العام المالي 2017/2018، الا أنها حققت معدل نمو 4.5 % فقط !، وأرجعت السبب باستمرار كساد السياحي وغياب السوق الروسي عن مصر بعد سقوط الطائرة الروسية في مصر. وفيما يتعلق بتعهد الحكومة بخفض معدلات البطالة إلى نحو 10-11 %، إلا أن معدلات البطالة حققت 12.5 % بما يمثل من جانب الحكومة في الالتزام بوعودها بتوفير فرص عمل للشباب، وفيما يتعلق بخفض نسبة العجز في الموازنة العامة للدولة إلى نحو 9- 10 %، ارتفع العجز الآن لما يزيد عن 14 % من الموازنة العامة للدولة بدلا من انخفاضه بسبب أزمة الدولار نتيجة نقص المعروض منه وزيادة الطلب عليه، وارتفاع سعر برميل البترول من 35 دولار إلى ما يزيد عن 60 دولار. تقفيل الملفات ملفات كثيرة يجب أن تنجزها حكومة شريف إسماعيل قبل أن تسلم دفاترها للحكومة المقبلة، ولا يمكن أن ترحل دون أن تغلق هذه الملفات، وهو ما يعني أن الرئيس عبد الفتاح السيسي سيتغاضي عن دفع الحكومة إلى تقديم استقالتها، قبل أن تغلق هذه الملفات لأنها مرتبطة بوزراء شريف إسماعيل. قرض صندوق النقد في مقدمة هذه الملفات قرض صندوق النقد الدولي، المقرر أن يعقد مجلس إدارة الصندوق اجتماعا خلال أيام للتصويت النهائي على اقراض مصر، بعد تنفيذها اشتراطات الصندوق فيما يتعلق بتحرير سعر الصرف وتحريك أسعار المحروقات. المصادر أكدت أن الحكومة سترفع أيضا -وخلال أيام- أسعار تذاكر المترو، وتذاكر القطارات، ووسائل المواصلات العامة، تمهيدا لرفع الدعم تماما عن هذه القطاعات، لاسيما وأنها تحقق خسائر كبيرة جدا، ضمن اشتراطات صندوق النقد للحصول عليه، وهو ما يعني أن الحكومة الحالية يجب أن تقوم بتحريك أسعار هذه الخدمات من أجل ضمان موافقة صندوق النقد على إرسال الدفعة الأولى من القرض المقدرة ب4 مليارات دولار لتمويل برنامج الإصلاح الحكومي خلال ال3 سنوات المقبلة. ووفقا للمصادر ذاتها فإن الحكومة بصدد الانتهاء من قانون الصحافة والإعلام المقرر عرضه على البرلمان خلال أيام، إضافة لمشروع نقابة الاعلاميين الذي تسعي الحكومة لانهاؤه. وفيما يتعلق بقانون الإدارة المحلية، فقد أكدت مصادر أن الحكومة تنتظر الموافقة عليه من جانب مجلس النواب منتصف الشهر الجاري لاتخاذ التدابير المناسبة لإجراء انتخابات المحليات خلال شهبر فبراير 2017، خوفا من اعتراض البرلمان على القانون ومن ثم إعادته مرة أخرى إلى الحكومة بسبب اعتراض الكثيرين على بنوده.