كواليس ليلة التعويم

«عامر» مهندس العملية.. وحصل على ضوء أخضر من الرئاسة ومجلس الوزراء
غرفة عمليات ب «المركزى» لتقليل الخسائر.. وعنصر المفاجأة أربك تجار العملة
في الساعة الثامنة والأربعين دقيقة صباح الخميس الماضي، استيقظ المصريون على قرار تاريخي بتعويم كامل للجنيه، أعلنها صراحة البنك المركزى ببيان رسمى نشر عبر موقعه الرسمى على الإنترنت، ولكن كان هناك العديد من كواليس القرار بعضها أعلن عنه طارق عامر محافظ البنك المركزى المصرى في مؤتمر صحفى عالمى شهد حضور نخبة من قيادات المركزى والمشاركين في إصدار القرار على رأسهم جمال نجم نائب المحافظ، ولبنى هلال النائب الثانى للمحافظ، وليلى الخواجة عضو مجلس إدارة البنك المركزى وطارق الخولى عضو المجلس.
عامر أكد في مؤتمره أن البنك المركزى كان يعد لقرار التعويم منذ شهر ديسمبر الماضى، بالتنسيق مع الحكومة، مشيرا إلى أن القرار تاريخى ولن يتراجع عنه وسيكون له مردود إيجابى على الاقتصاد على المدى القصير.
مصدر مطلع داخل البنك المركزى المصرى قال إن قرار تعويم الجنيه أو تحرير سعر الصرف سبقه اجتماع عاصف لمجلس إدارة البنك المركزى يوم الأربعاء الماضى برئاسة طارق عامر محافظ البنك المركزى، وشهد الاجتماع اتفاقا على أن يعلن عن تعويم الجنيه صباح الخميس على أن يجتمع محافظ البنك المركزى مع بعض من بنوك الاستثمار.
وأضاف المصدر أنه تم دعوة كل من ريهام الدسوقى كبير الاقتصاديين ببنك الاستثمار أرقام كابيتال، وهانى فرحات الخبير الاقتصادى بشركة سى أي كابيتال ورضوى السويفى رئيس قطاع البحوث بشركة فاروس المالية القابضة، ومحمد أبو باشا المحلل الاقتصادى بالمجموعة المالية هيرمس.
وأشار المصدر إلى أن قرار التعويم تمت الموافقة عليه من مجلس الوزراء والإدارة السياسية، لافتا إلى أن الموجة التي عصفت بالسوق السوداء وأدت إلى تراجع الدولار من 18.5 جنيها إلى 13 جنيها شجعت المركزى والحكومة على أن يكون القرار يوم إعلان التعويم.
وكشف أن مجالس إدارات البنوك كانوا لا يعلمون بموعد إعلان التعويم إلا صباح يوم الخميس مثلهم مثل الرأى العام المصرى، لافتا أن القرار اتخذ في موعد جيد للغاية.
وأوضح أن ملف تعويم الجنيه كان المسئول الأول عنه طارق عامر محافظ البنك المركزى، وجمال نجم نائبه الأول ولبنى هلال ورامى أبو النجا المسئول عن إدارة الاحتياطي النقدى الأجنبي لدى البنك المركزى.
وأشار إلى أن اليومين اللذين سبقا قرار تحرير سعر الصرف كانت المجموعة المسئولة عن إدارة ملف التعويم في حالة طوارئ واجتماعات مستمرة داخل البنك المركزى، سواء مع مجلس الإدارة أو المسئولين بالحكومة أو المسئولين في اتحاد الغرف أو اتحاد الصناعات.
من جانبها، قالت سهر الدماطى نائب العضو المنتدب لبنك الإمارات دبى الوطنى – إن قرار التعويم جيد وسيكون عاملا مؤثرا على جذب الاستثمارات وتحسين مناخ الاستثمار ويقضى على السوق السوداء نهائيا، مشيرة إلى أن البنك المركزى اتخذ القرار في الوقت المناسب.
وأضافت الدماطى أن قيادات المركزى يمتلكون خبرات مصرفية عالمية وهم يعلمون كيف تدار الأمور وهم دارسون محترفون للسوق، لذلك اختاروا الموعد المناسب للتعويم الحر للجنيه، وهو ما يعطى دفعة قوية للاقتصاد القومى المصرى.
وأوضحت أن القطاع المصرفى استقبل قرار التعويم بترحيب كبير، خاصة أنه سيجعل جميع المعاملات بشكل شرعى داخل القطاع المصرفى المصرى على أن تختفى تماما ما يعرف بتجارة العملة أو السوق الموازية.
وقالت نائب العضو المنتدب لبنك الإمارات دبى الوطنى – مصر، إن قرار التعويم كان مفاجئا وهو ما أربك السوق السوداء وجعل المتعاملين يلجئون إلى البنوك بدلا من تجار العملة الذين كانوا يكتنزون العملات مما يضر بالاقتصاد القومى المصرى ويخدم المصالح الشخصية.
وأكدت الدماطى أن المؤسسات المالية العالمية استقبلت قرار تعويم الجنيه بترحيب كبير وهناك مؤسسات رحبت في الاستثمار في السندات الدولية التي ستطرحها الحكومة المصرية والتي تتراوح ما بين 3 إلى 5 مليارات دولار وذلك كله سيصب في صالح مصر والاستثمار الأجنبي والمحلى.
واستطردت نائب العضو المنتدب لبنك الإمارات دبى الوطنى، أن القطاع المصرفى المصرى قادر على إنجاح تجربة التعويم الكامل للجنيه وستلبى جميع طلبات العملاء من الأفراد والشركات خاصة أن البنك المركزى ترك الحرية للبنوك في تحديد سعر الصرف وترك العملة بدون تدخلات خاضعة للعرض والطلب، لافتا إلى أن البنوك جمعت مبالغ كبيرة منذ إعلان قرار التعويم حتى الآن وجذبت عملات كانت موجودة بالسوق السوداء.
من جانبه، قال إسماعيل حسن رئيس بنك مصر إيران، إن قرار البنك المركزى بتعويم الجنيه كان مفاجئا ولم يتم الإبلاغ به إلا صباح يوم الخميس وقت إعلان قرار تحرير سعر الصرف، وهو تصرف رائع من إدارة البنك المركزى المصرى لأن مثل تلك القرارات يجب أن تكون مفاجئة للسوق لتحقيق المكاسب وإرباك السوق السوداء.
وأشار حسن إلى أن تعويم الجنيه سيجعل جميع المعاملات تتم عبر القنوات الشرعية "البنوك"، وتنهى على السوق السوداء تماما مما يجعل المراكز المالية للبنوك قوية حتى تستطيع أن تلبى جميع احتياجات العملاء من النقد الأجنبي.
وألمح رئيس بنك مصر إيران إلى أن مصر سيكون لها مستقبل اقتصادى كبير وستكون أفضل دولة جاذبة للاستثمارات لو تم استغلال القرار من جانب الحكومة وتحفيز رجال المال والأعمال والمستثمرين بحزمة من القرارات التي تخدم الاقتصاد كتلك التي قررها المجلس الأعلى للاستثمار برئاسة الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية.