بالرغم من قرار الحكومة المصرية برئاسة المهندس شريف إسماعيل بترشيد وخفض الإنفاق في جميع الوزارات والمصالح الحكومية والشركات ووحدات الجهاز الإدارى للدولة بنسبة تصل إلى 20%، دون المساس بالأجور والرواتب والموازنة الاستثمارية، فإن الواقع يعكس زيف الحكومة في إعلان التقشف خاصة في ظل العمل وفقًا للموازنة العامة للدولة خلال السنة المالية الحالية 2016/ 2017، والتي أقرها مجلس النواب، والتي تعكس سفهًا واضحًا في بعض بنود المصروفات الواردة بالموازنة نستعرض جانبا منها في التقرير التالي. تعد الموازنة العامة للدولة بمثابة البرنامج المالى للحكومة من أجل تحقيق أهداف محددة في إطار الخطة العامة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، وتتضمن بنود النفقات العامة التي يلزم إنفاقها خلال السنة المالية الحالية، ويصل عجز الموازنة المستهدف خلال السنة المالية الحالية 2016/ 2017 نحو 319.46 مليار جنيه، تعادل نحو 9.8% من إجمالى الناتج المحلى الإجمالي، حيث يصل إجمالى الإيرادات المستهدفة خلال العام نحو 613.05 مليار جنيه، في حين تصل إجمالى المصرفات الحكومية المستهدفة خلال العام ذاته نحو 639.09 مليار جنيه. صور البذخ مصروفات الحكومة خلال السنة المالية الحالية تتضمن العديد من المفاجآت الصادمة، وتعكس «أقبح صورة» للبذخ والسفه الحكومي، بعيدًا عن الشعارات الرنانة للبيانات الحكومية الرسمية، وفى مقدمتها مجلس الوزراء، حيث تضم بنود المصروفات الخاصة بندًا خاصًا يحمل اسم «مصروفات أخرى » تصل قيمته إلى نحو 58.1 مليار جنيه. وإذا كانت كلمة «لو» تفتح بابًا للشيطان، فإن كلمة «مصروفات أخرى» تعد أحد مفاتيح البذخ والسفه الحكومى ببنود المصروفات الواردة بالموازنة، وبابًا خلفيًا للتلاعب بالمصروفات الحكومية على أنشطة وأهداف غير رئيسية، تشجع المسئولين على إهدارها. وتضم بنود المصروفات بالموازنة العامة للدولة 8 بنود رئيسية، تشمل كلا من الأجور والتعويضات للعاملين، وتصل قيمتها إلى نحو 228.19 مليار جنيه، ثم مصروفات شراء السلع والخدمات بنحو 40.002 مليار جنيه، أما البند الثالث فهو الفوائد، وتصل قيمته إلى 292.52 مليار جنيه، يليه مصروفات الدعم والمنح والمزايا الاجتماعية بواقع 210.32 مليارات جنيه، فيما يستحوذ البند الخاص بعنوان «مصروفات أخرى» على نحو 58.01 مليار جنيه، يليه مصروفات شراء الأصول غير المالية (الاستثمارات) بنحو 107.01 مليارات جنيه، ثم البند الخاص بمصروفات حيازة الأصول المالية المحلية والأجنبية نحو 25.07 مليار جنيه، وأخيرًا مخصصات سداد القروض المحلية والأجنبية بنحو 256.28 مليار جنيه. الأجور والمكافآت بالرغم من أن استحواذ مخصصات الأجور بالموازنة على نصيب الأسد ضمن بنود المصروفات بالموازنة العامة للدولة خلال السنة المالية الحالية 2016/ 2017، بنسبة تصل إلى 24.37 %، إلا أن الموازنة تضمنت عددًا من البنود التي تحمل عنوان «أخرى» ضمن مخصصات الأجور. وتضمنت مخصصات الأجور تخصيص نحو 2.927 مليار جنيه ضمن بنود المكافآت، والبالغة نحو 77.76 مليار جنيه، وذلك بالرغم من توضيح بنود المكافآت لكل مهنة على حدة سواء كانوا مدرسين، أطباء، بيطريين، أساتذة جامعات وغيرها من المهن الأخرى، بما يعد بابًا خلفيًا للبذخ الحكومى، الأمر الذي يستوجب إعادة النظر في البند الخاص ب«مكافآت أخرى». 2.5 مليار جنيه بدلات أخرى وفيما يتعلق بالبدلات النوعية ضمن مخصصات الأجور فقد ضمت عددًا من البنود التي تحمل شعار «أخرى» شملت كلًا من 2.507 مليار جنيه بدلات مختلفة أخرى، وبندًا آخر لبدلات مهنية وفنية أخرى بنحو 2 مليون جنيه، وذلك على الرغم من تحديد البدلات النوعية لكل الفئات الوظيفية على حسب طبيعتها. مزايا «أخرى» أما بنود المزايا النقدية والعينية فشملت الموازنة تخصيص نحو 47 مليون جنيه تتضمن تخصيص نحو 19 مليون جنيه حملت عنوان «مزايا نقدية أخرى»، فيما تضمنت بنود المزايا العينية بندًا خاصًا بالمزايا العينية الأخرى بلغت قيمته 28 مليون جنيه. وفى السياق ذاته لم تسلم المزايا التأمينية الواردة ضمن بنود المصروفات بالموازنة من آفة «أخرى»، حيث شملت الموازنة الحالية تخصيص نحو 2.897 مليار جنيه تحت بند المزايا التأمينية الأخرى. السلع والخدمات بنود مصروفات السلع والخدمات هي الأكثر تعبيرًا عن البذخ والفشخرة الحكومية على طريقة الحكومة المصرية، تتضمن تخصيص مصروفات تحت عنوان «أخرى »، بالإضافة إلى بنود خاصة بالمصروفات بعيدة عن الاحتياجات الأساسية للمواطن، وتحمل شعار المصروفات الاستفزازية البعيدة تمامًا عن الشعارات الحكومية حول التقشف وتخفيض المصروفات. 374 مليون جنيه أدوات كتابية تتضمن المصروفات غير الأساسية عددآً من البنود منها بنود أدوات كتابية وكتب، والبالغ قيمتها 374 مليون جنيه، تضمنت كلا من نحو 41 مليون جنيه مصروفات شراء كتب ومجلات ووثائق أخرى للمكتبات، ومطبوعات أخرى بلغت قيمتها 169 مليون جنيه، فيما تتضمن بنود مصروفات الصيانة نحو 30 مليون جنيه تمثل مصروفات صيانة أخرى. كما تضم مصروفات شراء السلع والخدمات بالموازنة عددًا من البنود التي تحمل عنوان «الفشخرة الكذابة»، والتي يتحملها المواطن البسيط، وتمثل أعباء بالموازنة يمكن إلغاؤها تمامًا أو تخفيضها بنسبة كبيرة، وتأتى مصروفات نشر وإعلان ودعاية واستقبال، على رأس بنود «الفخشرة الحكومية» بالموازنة، وتصل قيمتها نحو 722 مليون جنيه، تشمل كل من 50 مليون جنيه مصروفات نفقات نشر، و623 مليون جنيه نفقات دعاية، بما يعادل 1.17 مليون جنيه يوميًا، بالإضافة إلى 14 مليون جنيه نفقات الحفلات والاستقبالات، موزعة بواقع 1.16 مليون جنيه شهريًا. كما تتضمن نفقات «الفشخرة على الطريقة المصرية» تخصيص نحو 24 مليون جنيه نفقات الزيارات الدولية والاشتراك في المؤتمرات الدولية، بواقع 2 مليون جنيه شهريًا، بجانب تخصيص مليون جنيه بالموازنة لنفقات الاشتراك في المؤتمرات المحلية، و9 ملايين جنيه نفقات الشئون والعلاقات العامة. اشتراكات المجلات كما تتضمن مصروفات «بذخ الحكومة» بالموازنة نفقات طبع دوريات وحقوق تأليف قيمتها 1،643 مليار جنيه، تضم نفقات طبع بنحو 1،601 مليار جنيه، واشتراكات في مجلات وجرائد ودوريات بنحو 16 مليون جنيه، بالإضافة إلى شراء حقوق المؤلفين بنحو 9 ملايين جنيه، ونفقات تشجيع التأليف والمؤلفين بنحو مليون جنيه، بجانب تخصيص نحو 16 مليون جنيه لمصروفات إصدار كتب ومجلات ونشرات ثقافية وعلمية. الإنفاق السفيه منذ توليها المسئولية تراهن حكومة المهندس شريف إسماعيل على ضبط الإنفاق الحكومي، إلا أن علامات السفه والبذخ الحكومى بالموازنة تعكس وسفه الحكومة على حد سواء، خاصة بنود مصروفات الإيجار بالموازنة، والبالغ قيمتها 489 مليون جنيه، تشمل 345 مليون جنيه مصروفات إيجار أراض ومبان ومخازن وجراجات وغيرها، في حين أن الحكومة هي أكبر مالك للأراضى والوحدات، كما تبلغ إحصائية إيجار آلات وحاسبات بنحو 24 مليون جنيه، بجانب 19 مليون جنيه تمثل إيجار آلات وماكينات ومعدات. إيجار خيام وكراسى يوميًا الطامة الكبرى بالموازنة تظهر جليًا في تخصيص الحكومة لنحو 18 مليون جنيه لمصروفات إيجار خيام وكراسى بالموازنة ضمن بنود مصروفات الإيجار، بما يعكس أن الحكومة تتحمل نحو 1.5 مليون جنيه شهريًا لإيجار الخيام والكراسى، وإذا كانت الحكومة تتحدث عن التقشف، فإنها تتحمل يوميا نحو 49.18 ألف جنيه يوميا مصروفات إيجار خيام وكراسى. كارثة كبرى الكارثة الكبرى ضمن بنود الإيجار بالموازنة هو تخصيص الحكومة لنحو 84 مليون جنيه لمصروفات إيجار وسائل نقل، مختلفة بواقع 7 ملايين جنيه شهريًا، وبمعنى آخر يتحمل المواطن المصرى نحو 229.50 ألف جنيه يوميًا نظير تأجير الحكومة لوسائل نقل تتمثل في إيجار سيارات وغيرها لكبار الزوار والمسئولين الحكوميين بالوزارات والهيئات الحكومية ووحدات الجهاز الإداري. «سلع أخرى» البنود التي تحول شعار «أخرى» ضمن بنود مصروفات السلع والخدمات بالموازنة تتضمن كلًا من 2.04 مليار جنيه مصروفات شراء مواد خام أخرى، و30 مليون جنيه نفقات صيانة أخرى، و130 مليون جنيه مصروفات نقل وانتقالات عامة بوسائل أخرى للسفر بالخارج، وكذلك 340 مليون جنيه مصروفات نقل وانتقالات عامة بوسائل أخرى للسفر بالداخل، و7 ملايين جنيه مصروفات نقل أخرى. كما تضم القائمة كلًا من 2 مليون جنيه مصروفات بريد واتصالات أخرى، ومليون جنيه مصروفات أخرى ضمن مصروفات بنود تكاليف العلاقات الثقافية والتعاون الخارجى، بالإضافة إلى 857 مليون جنيه مصروفات خدمات أخرى ضمن بنود نفقات خدمية متنوعة. بنود غير منطقية أما بنود مصروفات الفوائد بالموازنة فتضمنت هي الأخرى بنودًا متعلقة بمصروفات فوائد أخرى بلعت نحو 3.859 مليارات جنيه ضمن، شملت نحو 195 مليون جنيه، ضمن بنود مصروفات الفوائد المحلية للمقيمين بخلاف وحدات الحكومة العامة، بالإضافة إلى نحو 3.664 مليارات جنيه فوائد لجهات أخرى (شاملة المحليات)، ضمن بنود فوائد لوحدات الحكومة العامة، في حين أن الموارد المالية المتاحة للاقتراض أمام الحكومة متاحة ومعلومة لدى الجميع، ولها بنود واضحة ولا يمكن أن تتضمن تلك البنود أي مصروفات يمكن إخفاؤها تحت بند فوائد أخرى. «فنجرة في الدعم» فتنة «أخرى» ببنود المصروفات بالموازنة امتدت لبنود مصروفات الدعم والمنح والمزايا الاجتماعية بالموازنة، وضمت نحو 6.863 مليارات جنيه مصروفات دعم أخرى ضمن بنود دعم المؤسسات غير المالية، وكذلك مليار جنيه مصروفات أخرى ضمن بنود دعم المؤسسات المالية. أما المنح فضمنت عددًا من بنود «أخرى» شملت نحو 77 مليون جنيه مصروفات أخرى لمزايا التأمين الاجتماعى، و69 مليون جنيه مصروفات مزايا اجتماعية أخرى للعاملين. أخرى × أخرى الغريب في الأمر أن بنود مصروفات أخرى بالموازنة والبالغة نحو 58.1 مليار جنيه تضمنت بنود مخصصة للمصروفات حملت شعار «أخرى»، شملت تخصيص نحو 12 مليون جنيه ضمن بنود ضرائب ورسوم، وكذلك 4.342 مليارات جنيه مصروفات تحويلات جارية وتخصيصية أخرى ضمن بنود مصروفات متنوعة. فتنة «أخرى» ببند «مصروفات أخرى » بالموازنة امتدت كذلك لبنود المصروفات الأخرى الإجمالية والاحتياطيات العامة، والبالغة نحو 52،177 مليار جنيه، والتي تتضمن كلا من 50.337 مليارا تمثل المصروفات الأخرى الإجمالية، والتي تشمل مصر مخصصات القوات المسلحة والبالغة نحو 46،850 مليار جنيه، و3.433 مليارات جنيه مصروفات أخرى إجمالية مدرجة بموازنات الجهات، بالإضافة إلى نحو 54 مليون جنيه اعتمادات المصروفات الأخرى للحسابات والصناديق الخاصة، و1.840 مليار جنيه المتطلبات الإضافية للمصروفات الأخرى، وكذلك نحو 1.840 مليار جنيه احتياطيات عامة للمصروفات الأخرى، وهى جميعها مصروفات إضافية لبنود غير معلومة باستثناء مخصصات القوات المسلحة. حيازة الأصول ولم يغب عن ذهن الحكومة عند إعداد الموازنة إدراج بنود «أخرى» ضمن مصروفات حيازة الأصول المالية المحلية والأجنبية المالية، الواردة بالباب السابع ببنود المصروفات بالموازنة، من بينها نحو 335 مليون جنيه مصروفات أخرى للاقتراض لحيازة أصول محلية، و3.78 مليارات جنيه مصروفات أخرى ضمن مساهمات وبنود أخرى، و1.145 مليار جنيه مصروفات مساهمات في جهات أخرى. مخصصات القروض ولم تسلم بنود مصروفات مخصصات القروض بالموازنة من فتنة «أخرى»، حيث تضمنت نحو 33.948 مليار جنيه مصروفات أخرى لسداد القروض. «ضرورة التقشف» وإذا كانت الحكومة المصرية جادة في تطبيق سياسة التقشف، فإنه من الأولى للحكومة مراجعة بنود «أخرى» بالمصروفات بالموازنة، فضلًا عن إلغاء البند الخاص بنفقات خدمية متنوعة، ضمن بنود السلع والخدمات الواردة بالباب الثانى ببنود المصروفات بالموازنة، حيث إجمالى النفقات الخدمية الأخرى نحو 3،325 مليارات جنيه تشمل كل من 68 مليون جنيه نفقات تأمين وعمولة، و30 مليون جنيه نفقات الأعياد والمواسم، و224 مليون جنيه نفقات تنفيذ الأحكام القضائية، بالإضافة إلى 2 مليون جنيه نفقات رسوم القيد بنقابة المحامين، ومليون جنيه نفقات لجان تحكيم، وكذلك 40 مليون جنيه نفقات تشغيل لدى الغير ومقاولى الباطن، و43 مليون جنيه نفقات سرية وذات طبيعة خاصة، و857 مليون جنيه مصروفات أخرى متنوعة، ويتم الإبقاء على بنود الخدمات الأساسية مثل نفقات خدمات الصرف الصحى والبالغة نحو 134 مليون جنيه، ونفقات النظافة بنحو 568 مليون جنيه، ونفقات الأمن والحراسة بنحو 255 مليون جنيه، فيما تتطلب الظروف الحالية التي يشهدها الاقتصاد المصرى تخفيض نفقات مقابل الخدمات الإعلامية والبالغة نحو 1،102 مليار جنيه.
