عاد الحديث مجددا عن نفقات وزارة الخارجية وميزانيات البعثات الخارجية المنتشرة حول العالم، عقب إعلان حكومة المهندس شريف إسماعيل عن فرض حالة التقشف وتخفيض الإنفاق في الوزارات، وبالرغم من تطرق رئيس الحكومة لمسألة نفقات البعثات الدبلوماسية شكك مراقبون في إمكانية تنفيذ هذا القرار على وزارة الخارجية لما له من تداعيات سلبية على 10 ملايين مغترب. مجلس الوزراء رغم إطلاق التصريح بشكل عشوائى حول تخفيض نفقات البعثات الدبلوماسية قبل التراجع عنه لاحقًا، لم يوضح المبالغ المستهدفة أو طرق تقليص ميزانية الخارجية، الأمر الذي سبب حالة من الارتباك حول طرق تفعيل القرار.. ولتوضيح حقيقة الأمر والأرقام الفعلية حصلت "فيتو" على معلومات شبه رسمية توثق بالأرقام نفقات وإيرادات وزارة الخارجية والسفارات التابعة لها. وفى ذات السياق، قالت مصادر مطلعة، إن وزارة الخارجية تنفق مليار جنيه مصرى سنويًا، بينما تقدر قيمة الإيرادات التي تجلبها للدولة من المتحصلات القنصلية والتصديقات التجارية نحو "مليار ومائة مليون جنيه" سنويا، موضحة أن الخارجية تدر دخلا صافيا للخزانة المصرية يقدر بمائة مليون جنيه سنويا، وهى أرقام معلنة وتنشر سنويا بالموازنة العامة للدولة، مشيرة إلى أن الخارجية الأمريكية تنفق أكثر من 300 ضعف ما تنفقه الخارجية المصرية. ترشيد مسبق وللتعليق على ما أثير مؤخرا حول تخفيض ميزانية الخارجية، قال المستشار أحمد أبو زيد، المتحدث الرسمى باسم وزارة الخارجية، إن الوزارة تقوم بدور رائد في مجال ترشيد الإنفاق وتخفيض الأعباء المالية عن عاتق الموازنة العامة للدولة منذ أكثر من عام بالتنسيق الكامل، وتحت إشراف رئاسة مجلس الوزراء. وأوضح أن خطة ترشيد الإنفاق نجحت في تحقيق وفورات بنسبة تتجاوز 10% من ميزانية الوزارة السنوية تم إعادتها إلى الخزانة العامة للدولة، كما شملت تخفيض 20 ملحقًا إداريًا و20 عضوًا دبلوماسيًا في الحركة العامة التي صدرت في أوائل 2016، بالإضافة إلى تخفيض عدد المهنيين والخدمات المعاونة في بعثاتنا، فضلا عن إغلاق عدد من البعثات (قنصلية لاجوس، قنصلية زنزبار، قنصلية جينيف والسفارة في بانجى)، ووضع قيود للحد من شراء أي تجهيزات لمقار البعثات الدبلوماسية بالخارج. وأكد أبو زيد على أن خطة التخفيض المشار إليها تم وضعها بدقة شديدة لضمان عدم التأثير على قدرة السفارات في تحقيق أهدافها ومزاولة نشاطها، وعدم التأثير على مستوى الخدمات المقدمة للمواطنين المصريين. دمج مقار وأشار أبوزيد إلى أن خطة ترشيد الإنفاق بالوزارة تضمنت الاكتفاء بتمثيل السفارات المصرية في معظم المؤتمرات الدولية بالخارج كبديل عن إرسال وفود من القاهرة، ودمج مقار عدد كبير من المكاتب الفنية الملحقة بالسفارات المصرية لتكون داخل مقار السفارات لتوفير القيمة الإيجارية لتلك المقار. 162 بعثة خارجية ويبلغ إجمالى عدد البعثات المصرية في الخارج 162 بعثة، ما بين سفارة وقنصلية عامة وقنصلية ومكتب رعاية مصالح ووفد لدى الأممالمتحدة، كما أن العدد الإجمالى للدبلوماسيين المصريين على مستوى العالم لا يتجاوز 500 دبلوماسي، ينتشرون في 129 دولة، ويضطلعون بمهمة تمثيل 92 مليون مصرى وكافة أجهزة الدولة المصرية، فضلا عن رعاية مصالح ما يقرب من 10 ملايين مصرى بالخارج، ويتحملون في سبيل ذلك الأعباء الوظيفية والشخصية الكثيرة لضمان التأثير في المجتمعات والدول التي يعيشون بها؛ لتحقيق المصالح المصرية. ويعمل الدبلوماسيون المصريون في الخارج على تمثيل مصر ورعاية مصالحها السياسية لدى الدول الأخرى والمنظمات الدولية، واجتذاب الاستثمارات الأجنبية وتشجيع السياحة، وفتح أسواق جديدة أمام المنتجات المصرية، ودعم وحشد التأييد الدولى للقضايا العربية، وأضيف إلى هذه المهام مؤخرا تنظيم الانتخابات في الخارج لتمكين المغتربين من المشاركة في الحياة السياسية المصرية، علما بأن أعضاء الخارجية هم الموظفون الوحيدون في الدولة الذين شاركوا في الانتخابات دون تقاضى أو طلب مكافآت مالية. ومن ناحية عقد مقارنة بين حجم وإنفاق التمثيل الخارجى المصرى ونظيره الأمريكى من خلال الاطلاع على موقع وزارة الخارجية الأمريكية وميزانيتها يظهر أن للولايات المتحدة 296 بعثة في الخارج، أي أن عدد البعثات الأمريكية يقارب ضعف عدد البعثات المصرية في جميع أرجاء العالم، ناهيك عن استحالة المقارنة بين البلدين من ناحية عدد الأفراد العاملين في تلك البعثات، حيث إن سفارة أمريكية واحدة قد يوجد بها عدد من الأفراد يفوق حجم السلك الدبلوماسى المصرى بأكمله. كما تظهر الأرقام المنشورة عن ميزانية الخارجية الأمريكية أن مخصصاتها ب 6. 51 مليار دولار، أي أكثر من 300 ضعف مخصصات الخارجية المصرية. كما انخفض حجم ونفقات التمثيل الخارجى المصرى كثيرا مقارنة بحجم ونفقات البعثات الأجنبية على أرض مصر، حيث يفوق عدد الدبلوماسيين الأجانب العاملين في مصر عشرات المرات عدد الدبلوماسيين المصريين في الخارج، وهى الأرقام التي تترجم في صورة مئات الملايين من الجنيهات التي تنفقها السفارات الأجنبية في مصر سنويا بالعملات الصعبة، وكذلك فيما تتيحه من وظائف للمئات، إن لم يكن الآلاف من المصريين المعينين محليا، وهو ما سيتضرر ولا شك في حالة تخفيض مصر حجم تمثيلها الدبلوماسى الخارجي، حيث من المؤكد أنه في مقابل كل سفارة مصرية تغلق في الخارج، سيتم غلق سفارة أجنبية في مصر.