سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
إقرار قانون الهجرة غير الشرعية.. هل للقضاء على قوارب الموت أم مساومة لأوروبا.. «خليل»: الحكومة تسوق لنفسها لكسب الدعم الغربي.. و«الكاشف»: الاتحاد الأوروبي هو من بادر بعقد الاتفاقيات
أقر البرلمان في 17 أكتوبر الجاري قانونًا لمكافحة "الهجرة غير الشرعية" إلى أوروبا، بعد حوادث غرق مهاجرين، أبحرت قواربهم من السواحل المصرية، والسؤال الذي يطرح نفسه هل ينجح القانون في الحد من مثل هذه الكوارث الإنسانية؟. بداية الظاهرة بداية أعتبر محمد الكاشف، الباحث في الهجرة غير الشرعية بالمبادرة المصرية للحقوق الشخصية والاجتماعية، أن الظاهرة في انتشار منذ نهايات 2012 خاصة من ليبيا، وأنها بدأت تنشط بقوة في مصر في 2013، أما 2016 فقد ارتفع مستواها إلى الأعلى من حيث أعداد المهاجرين وضحايا الغرق بين المهاجرين المصريين أيضا في البحر المتوسط. ترتيب مصر من الظاهرة وحسب المنظمة الدولية للهجرة IOM، فإن نحو 7000 مهاجر وصلوا أوروبا خلال العام الماضي عبر مصر، وخلال الفترة من يناير إلى مايو2016 وصل نحو 1815 من المهاجرين المصريين غير النظاميين للسواحل الإيطالية، لتحتل مصر بذلك المركز العاشر بين البلدان المصدرة للمهاجرين غير النظاميين على مستوى العالم. ورفض "الكاشف"، تسميتها ب"الهجرة غير الشرعية" لأنها توحي بعمل غير أخلاقي وتساوي بين المهاجر وبين متعاطي المخدرات وقال: "إن المصطلح العالمي حاليا هو الهجرة غير الاعتيادية". وأشارت تقارير رسمية إلى أن العوامل الاقتصادية احتلت المرتبة الأولى في كونها أحد أهم الأسباب التي تدفع بالشباب للتفكير في الهجرة. المهربون لا يخشون القانون وقال صاحب مركب صيد في كفر الشيخ، إنه "كان يساعد أحيانا في نقل الشباب الذين يريدون السفر إلى أوروبا عبر البحر لكن توقف الآن عن ذلك خاصة بعد القبض على عدد كبير من الذين يعملون في الهجرة غير الشرعية، مشيرا إلى أن "هناك رءوسا كبيرة وأصحاب مراكب كبيرة يسيرون ذلك، حيث إنهم كونوا ثروة كبيرة". وأوضح أن سبب حادث غرق مركب رشيد الشهر الماضي الذي راح ضحيته 202 مهاجر هو الجشع، وتابع "كان من المفترض أن ينقلوا عددًا محددًا، لكنهم طمعوا وحمّل المركب بأكثر من طاقة استعابه". نصيحة صاحب مركب وتابع الرجل الذي رفض ذكر اسمه وهو في الأربعينيات من العمر: "أحيانا أوضح لمن يريد الهجرة بأن الحياة ليست وردية كما يظنون، حيث جربت ذلك بنفسي في إيطاليا خلال 3 سنوات، وأنصحهم بأن المبلغ الذي دفعوه، ما بين 30 إلى 60 ألف جنيه، من الأفضل أن يفتحوا به مشروعًا صغيرًا بدلا من مصير مجهول: إما الموت في البحر أو الحصول على عمل بمقابل متدن، فيعيش مطاردا، وقد تحتجزه السلطات في بلد الهجرة هناك، وأن الحظ حالف عددا صغيرا من هؤلاء المهاجرين". مستقبل الهجرة وحول مستقبل الهجرة بعد إصدار القانون قال المهرب السابق: "الحركة الآن قليلة نسبيا، حيث تم القبض على العشرات ممن يعملون في الهجرة غير الشرعية والبعض اختفى وهرب، لكن الهجرة لن تنعدم، فقد تقل نسبيا لكنها ستعود لأن الشباب هم الذين يلحون على السفر والعيش تجربة الحظ لأنهم يضعون نصب أعينهم أصدقائهم أو أحد أقربائهم في القرية والذي نجح في تجربة الهجرة واشترى سيارة وشقة أو أرضا، كما يسمعون عن هؤلاء أن حالهم أفضل بالرغم من وجود أصدقاء آخرين انتهى بهم المطاف بالفشل في ذلك". وأوضح أن القانون يعفي المهاجر الذي تم تهريبه من "أي مسئولية جناية أو مدنية ووصفه بالضحية، لكنه لا يزال يعاقب بقانون العقوبات والتي تعتبر محاولة الصفر بطريقة غير قانونية مخالفة قد تستوجب الحبس أو غرامة 500 جنيه". وعن تأثير القانون على هذا الوضع أبدى المتحدث استغرابه وقال "قانون مين.. هؤلاء الناس لا يهمهم القانون، لأن فيه العديد من الناس يساعدونهم. هل تقنعني إن كل هذه الحراسة ولا أحد يراهم في أي مرحلة.. الدنيا هادئة نسبيا الآن.. لكنها مافيا كبيرة ومن الصعب أن يتوقفوا طويلا". التجريم ليس حلا ويتفق معه الباحث في مجال الهجرة غير الشرعية نور خليل، عمل لمدة عامين في مشروع بلدنا أولى بولادنا - للحد من الهجرة غير الشرعية بالتعاون بين هيئة إنقاذ الطفولة، وبرنامج مصر وبدعم مالي من الاتحاد الأوروبي، حيث يرى أن "تجريم الهجرة غير الشرعية لن يحل الأزمة لأنها مجتمعية بالأساس، فضلا عن أننا لو نظرنا إلى تجارة المخدرات فهي محرمة في الدين وقانون العقوبات فرض عليها عقوبات مشددة، وبالرغم من ذلك فهي لا تزال موجودة، بل لدينا أعلى معدلات الاتجار والتعاطي في العالم". جذور الأزمة وأضاف "خليل" لDW أن القانون يعالج قشور الأزمة ويترك جذورها، "جزء من الأسباب التي تؤدي لهجرة الشباب هو سوء الأحوال الاقتصادية والأزمة الاقتصادية في تصاعد ومعدلات النمو في انخفاض، وبالتالي فمعدلات النزوح القسري ترتفع". ومن جانبه اقترح نقيب صيادي كفر الشيخ أحمد نصار في حديث ل DW، ضرورة إنشاء مصر مركز احترافي للتدريب المهني وتعليم اللغات في المحافظات التي تكثر فيها الهجرة غير الشرعية، لتزويد البلاد الأوروبية بأصحاب المهن والحرف عبر طرق واتفاقات رسمية، حتى تستفيد منهم أوروبا وأيضا مصر من خلال إدخال العملة الصعبة للبلاد. مساومة أوروبا وحول ما أثير إذا كانت مصر تستهدف من صدور القانون الجديد، الحصول على معونات أوروبية مقابل وقف تدفق المهاجرين، في ظل الأزمة الاقتصادية وشح العملة الصعبة، كما فعلت تركيا. يرى الباحث نور خليل أن "الحكومة المصرية تسوق نفسها لكسب الدعم الأوروبي والدولي على أنها الجدار العازل لعمليات الهجرة وتستطيع إيقاف جزء كبير منها، لكن الحكومة في الواقع لا تعالج الأسباب التي تؤدي للهجرة". من جهته أشار الباحث محمد الكاشف الذي يرى أن مقايضة الحكومة المصرية لأوروبا ما هي إلا "وجهة نظر أوروبية بحتة"، ويلاحظ أن الاتحاد الأوروبي هو الذي دعا لعقد اتفاقيات وليس العكس، موضحًا أنه رغم عدم وجود قانون يمنع الهجرة غير الشرعية قبل إصدار هذا القانون، فإن جهاز الأمن كان يلقي القبض كثيرا على المتورطين في شبكات التهريب وعلى الذين يحاولون السفر للخارج بشكل غير مشروع.