على مقربة من قوات الاحتلال ؛ ووسط الكادحين والعاملين، بدأت فكرة تكوين جماعة الإخوان المسلمين في مدينة الإسماعيلية، عام 1928 ؛حيث كان مؤسسها الشيخ «حسن البنا» يعمل مدرساً هناك. عبد الغنى الجندى -الباحث ومؤسس ومقرر لجنة صياغة تاريخ الإسماعيلية ؛ قال ل «فيتو»: «حسن البنا» مؤسس الجماعة ومرشدها الأول لمدة 4 سنوات فقط ,عمل خلالها مدرسا للغة العربية بمدرسة الإسماعيلية الابتدائية ؛ وشهدت هذه السنوات ميلاد فكرة تكوين التنظيم. مضيفا بدأ البنا فكرته الوليدة وساعده فيها الحياة البسيطة التى يعيشها المواطن ؛ بجانب سيطرة الاحتلال الانجليزى على البلاد ؛ وانطلقت فكرته من مقاهى المدينة الصغيرة ؛ حيث تواجد الحرفيين والعمال والصيادين ؛ وكان حديثه إليهم نوعا من جس النبض للوقوف على نجاح فكرته . ولأن فترة بقائه فى الاسماعيلية لم تكن طويلة، ولم يسجل التاريخ له إلا بعض وقائع منها تعامله مع المستعمر الأجنبى وقتها، والتى أراد بها تقويه وتدعيم تنظيمه الجديد ؛ ولم يجد غضاضة فى التعامل مع قوى الاستعمار ؛ واستحل اموال الشركة الفرنسية بالقناة؛ على سبيل التبرع ؛ وبسؤاله عن تعامله مع اعداء الوطن فى ذلك الوقت قال «هذه أموالنا ردت إلينا» . وأوضح الجندى أنه فى مارس 1928 تعاهد البنا مع 6 من أصدقائه وهم: حافظ عبدالحميد وأحمد الحصرى وفؤاد إبراهيم وعبد الرحمن حسب الله وإسماعيل عز وزكى المغربى، على تكوين جمعية ؛ وبعد عدة مداولات ونقاشات ؛ اقترح أحد هؤلاء الستة إطلاق مسمى «الإخوان المسلمون » على تلك الجمعية الصغيرة ، وخلال فترة إقامته بالاسماعيلية ؛ لم تكن لتلك الجمعية أى نشاط ملحوظ ؛ سوى تردده على مساجد المدينة والمقاهى لنشر دعوته الدينية ؛ ولم يصرح وقتها بأن هدف جماعته هو العمل السياسى ؛ فقد اقتصرت دعوته فقط على الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر ؛ وإقامة المساجد وبناء المدارس . ويري الجندي: أنه ربما يكون لإيمان « البنا» بالفكر الوهابى الذى أطلق دعوتها « محمد بن عبد الوهاب» بالاراضى الحجازية وقتها ؛ تأثير بالغ على تكوينه العقائدى، وهو ماتجلى واضحا فيما بعد, وبعد أن أصبحت الجماعة كيانا يضم فى طياته حشودا كبيرة ؛ تستغل الدعوة باسم الدين للدخول فى العمل السياسى ، وتحقيق حلمهم الأكبر فى الوصول لمنصب القيادة والزعامة , كماأن قبول « حسن البنا» لما أسماه تبرعا من الشركة الفرنسية لقناة السويس مبلغ « 500» جنيه ؛ قد أثار موجة من الاعتراضات فى داخل جمعيته «الإخوانية» بسبب أن الشركة استعمارية ؛ وهو مارد عليه « البنا» بأن تلك الأموال «هى أموالنا وردت الينا» وربما يكون ذلك التعاون الإخوانى مع المستعمر الأجنبى هو سبب انتشار جماعة الإخوان المسلمين وإنشاء مقار لها فى جميع المدن والقرى . وأضاف «الجندى» أن قرية « أبو صوير» كانت أولى محطات «البنا» الدعوية ؛ وربما كان لاستقرار الدعوة الى حد ما فى مدينة الاسماعيلية ؛ دور كبير فى توجه « البنا» الى مكان آخر يتواجد به عدد كبير من العمال بتلك القرية هو ما جعله يلجأ اليها لإطلاق دعوته بها ؛ خاصة أن العمال بتلك القرية يعملون في معسكرات الجيش الإنجليزي ومدرسة الطيران ؛ بالإضافة إلى بعض التجار والمزارعين ؛ وهو الأمر الذى جعله يزور القرية عدة مرات ؛ تجول خلالها بشوارعها ومقاهيها حيث يتجمع الناس ؛ وقام بإلقاء الدروس الدينية ؛ واستطاع أن ينشئ شعبة للجماعة هناك ؛ واختار لها الشيخ «عبد الله سليم » ناظر المدرسة الأولية بالقرية رئيسا لها؛ ثم أرسل لها الشيخ «عيد الأزهري» دعما وتثبيتا للفكرة على أن يأخذ راتبه من الإسماعيلية، باعتبارها مهد الدعوة ؛ لفترة حتى تستقر الدعوة في نفوس أهالي «أبو صوير», وكانت هذه هي القاعدة عند افتتاح فروع أو شعب جديدة؛ وهى ألا يحملها الإخوان أي تكاليف مادية حتى تستقر الدعوة وتشتد قوتها حتى بلغت فروع الجمعية عشرة فى الدلتا، والاسماعيلية، وبورسعيد، والسويس، وأبو صوير وبعدها انتقل البنا للقاهرة.