قد يبدو للبعض يوم الحادي عشر من أبريل يومًا عاديًا، ولكنه كان مفترق طرق في التاريخ السياسي المصري، فهو بمثابة المولد الرسمي لجماعة "الإخوان المسلمون"، التي تعد أكبر حركة معارضة سياسية معاصرة في كثير من الدول العربية، خاصةً في مصر، على يد مؤسسها حسن البنا في الإسماعلية عام 1928. البداية كانت شاب ترتسم على ملامح وجهه التقوى والورع، مسافرًا إلى محافظة الإسماعلية ليعمل مدرسًا بمدرسة الإسماعلية الإبتدائية الأميرية، بعد حصوله على دبلوم دار العلوم العليا عام 1927، إنه حسن أحمد عبدالرحمن محمد البنا الساعاتي أو المرشد حسن البنا، دخل الإسماعلية وفكرة الدعوة إلى الله لم تفارق ذهنه منذ نعومة أظفاره. جدد البنا في أسلوب الدعوة الإسلامية، فعلى عكس ما كان سائدًا في ذلك الوقت كان العرف يقصر الدعوة إلى الله في أماكن العبادة فقط، لكن البنا أدرك أن أرض الله واسعة للدعوة، فاقتحم الناس في المقاهي بالموعظة الحسنة والبساطة والتبسط ليلتف الناس حوله يصحبونه في كل مقهى يدعو فيه إلى الله، وكان الموعد أسبوعيًا ليلقي فيه البنا درسه بعد أن اختار ثلاثة مقاهي كبرى لتكون المكان. جاءت نتيجة الدعوة سريعة، فاعتنق أفكاره ستة رجال قرروا زيارته في منزله بعد انتهاء الدرس، وهم حافظ عبد الحميد، وأحمد الحصري، وفؤاد إبراهيم، وعبد الرحمن حسب الله، وإسماعيل عز، وزكي المغربي، قالوا له كما يروي في مذكراته "لقد سمعنا ووعينا، وتأثرنا ولا ندري ما الطريق العملية إلى عزة الإسلام وخير المسلمين؟ وكل الذي نريده الآن أن نقدّم لك ما نملك لتبرأ من التبعة بين يديّ الله، وتكون أنت المسئول بين يديه عنا" فوافق حسن البنا وكانت البيعة. قال قائلهم: بما نسمي أنفسنا؟ وهل نكون جمعية، أو ناديًا، أو طريقة، أو نقابة؛ حتى نأخذ الشكل الرسمي؟ فرد البنا قائلًا: لا هذا، ولا ذاك دعونا من الشكليات، ومن الرسميات، وليكن أول اجتماعنا وأساسه: الفكرة والمعنويات والعمليات، ونحن إخوة في خدمة الإسلام، فنحن إذن "الإخوان المسلمون"، فتمخضت أول هيكل تنظيمي لجماعة الأخوان مكونًا من المرشد حسن البنا وأتباعه الستة. أسس الإخوان "مدرسة التهذيب" لحفظ القرآن وشرح السور، وحفظ وشرح الأحاديث النبوية وآداب الإسلام، وصارت المدرسة مقرًا للإخوان، وخرّجت هذه المدرسة الدفعة الأولى من "الإخوان" وكان عددهم أكثر من سبعين خريجًا، لم تقف فكرة الجماعة عند حدود الإسماعلية بل كانت مجرد بداية، فالبنا كان حريصًا على السفر إلى القرى القريبة في عطلته الأسبوعية، ويخصص عطلته الصيفية لنشر الدعوى في المدن البعيدة،أثمرت أسفاره بعد سنتين عن شعبة في كل من "أبوصوير" و "بورسعيد" و "البلاح"، وبعد ثلاث سنوات شعبة أخرى في السويس، وبعد أربع سنوات نحو عشرة فروع، ومعهداً بالإسماعيلية لتربية البنات وإعدادهم ليكن أخوات مسلمات. ومع تزايد انتشار جماعة الإخوان المسلمين في جميع أرجاء مصر المحروسة، تبعه دخول الجماعة المعترك السياسي بصفتها "جماعة إسلامية شاملة"، خاضت الجماعة خلالها معارك سياسية ضارية سواء مع الحكومات المصرية المتعاقبة أو الملك فاروق الأول أو حتى قيادات الأحتلال الأنجليزي. أصدر النقراشي باشا، رئيس الحكومة المصرية مرسومًا بالأتي: بعد الاطلاع على المرسوم الصادر في 13 مايو سنة عام 1948 بإعلان الأحكام العرفية، وعلى المذكرة المرفوعة إلينا من إدارة الأمن العام في شأن شعبتي جمعية الإخوان المسلمين في منطقتي الإسماعيلية وبورسعيد، وبمقتضى السلطات المخولة لنا تقرر حل شعبتي الإخوان المسلمين بهاتين المنطقتين، وذلك على خلفية اغتيال القاضي الخازندار وتفجير محلات اليهود المصريين، وتزايد أعمال العنف في البلاد. تبع قرار حل الجماعة اغتيال النقراشي باشا في 28 ديسمبر عام 1948، ثم اغتيال مؤسس الجماعة المرشد حسن البنا في 12 فبراير عام 1949، لسيدل الستار علي واحدة من أبرز فصول التاريخ السياسي المصري ليبدأ فصل جديد مع إندلاع ثورة الضباط الأحرار في 23 يوليو عام 1952 تعيش خلاله الجماعة تحت لقب "المحظورة" حتى ثورة 25 يناير، ليدخل الإخوان المسلمين الحياة الحزبية لأول مرة تحت مسمى "حزب الحرية والعدالة"، مراهنًا على 30% من مقاعد الرلمان فى انتخابات مجلس الشعب المقبلة.