كانت القاهرة تستعد فى يوم الثلاثاء 28 ديسمبر 1948 لاحتفالات رأس السنة، وفجأة انطلقت أصوات الرصاص، وتعلن صحيفة الزمان المسائية عن خبر مقتل النقراشى باشا، رئيس الوزراء. فى هذا اليوم، كتب رئيس تحرير الزمان، جلال الدين الحمامصى، "فى العاشرة من صباح اليوم دخل ضابط بوليس - ملازم أول - وزارة الداخلية ووقف فى الطابق الأول كأنه ينتظر شيئا، وعندما وصل النقراشى باشا أدى له التحية العسكرية فرد عليه النقراشى مبتسمًا، وعندما أوشك النقراشى أن يدخل المصعد أطلق الضابط ثلاث رصاصات فى ظهر النقراشى فسقط قتيلًا، وأعلنت الإذاعة الحداد ليومين، أما القاتل فقد اتضح أنه ضابط مزيف كان يتردد على مقهى بالقرب من وزارة الداخلية، واسمه الحقيقى عبدالحميد أحمد حسن - وهو طالب بكلية الطب البيطرى، أحضر بدلة البوليس من سوق الكانتو، واعترف بالجريمة قائلًا: أيوه قتلته لأنه أصدر قرارا بحل جمعية الإخوان المسلمين، وهى جمعية دينية، ومن يحلها يهدم الدين. قتلته لأنى أتزعم شعبة الإخوان بالجامعة". وكتب مصطفى أمين، فى جريدة الأخبار، مقالًا تحت عنوان "النقراشى كان يعرف أنه سيموت"، وجاء فيه "إنه ذهب لزيارة النقراشى باشا فى منزله قبل اغتياله بأسبوعين ولفت نظره أثناء جلوسه فى الصالون انتظارا لنزول الباشا أن حوائط المنزل مزينة بصور أصدقاء النقراشى الراحلين، ومنهم الدكتور محجوب ثابت، وشاعر النيل حافظ إبراهيم، ورفيق كفاحه أحمد ماهر باشا رئيس الوزراء، الذى اغتيل فى 24 فبراير 1945 بالبهو الفرعونى، وصورة النحاس باشا رغم اختلاف النقراشى معه فى كثير من المواقف، ما يدل على وفاء النقراشى لأصحابه". ودار الحوار بين مصطفى أمين والنقراشى حول القرار الذى ينوى إصداره بحل الإخوان المسلمين فتمسك النقراشى برأيه فى ثبات عجيب وقال "سوف أصدر القرار وأنفذه وبعد الاطمئنان على الحالة سوف أستقيل وأعود معلما كما بدأت" ولما رآه مصطفى أمين مصرا تنبأ باغتياله وقال له "قد تكسب رأيك ولكننا سنخسرك" وعاد مصطفى أمين إلى بيته باكيا وكان يشعر وهو يصافحه أنه الوداع الأخير..وتحققت النبوءة واغتيل النقراشى.