«هدير» فتاة سودانية شابة على مشارف عامها الثانى والعشرين.. جاءت إلى مصر مع أسرتها بحثا عن فرصة عمل شريفة، تساعدها في تحقيق حياة أفضل.. ولم تكن تتخيل أن رحلتها في مصر المحروسة ستنتهى بمأساة إنسانية تبكى العيون وتدمى القلوب، بعد أن تسبب خطأ طبى في إصابتها بفقدان كامل في الذاكرة، وعدم القدرة على الحراك.. ولأكثر من 15 يوما مازالت الفتاة الشابة ترقد في العناية المركزة بين الحياة والموت.. مأساة هدير حملها المحضر رقم "6579" إدارى قسم شرطة مصر القديمة،. وجاء فيه أن هدير فتاة تبلغ من العمر 22 عاما، دخلت أحد المستشفيات الخاصة بالمنيل، يوم 8 سبتمبر الجارى، لإجراء جراحة بسيطة لإزالة كيس دهنى في كف اليد اليسرى، وبعد إجراء كافة الفحوصات والإجراءات اللازمة، دخلت غرفة العمليات، غير أنها ظلت في غيبوبة تامة لأكثر من يومين دون أن يوضح أي طبيب سببا لذلك، مع تدهور حالتها الصحية بشكل كبير مع مرور الوقت.. واتهمت والدة الفتاه الطبيب الذي أجرى العملية وكذلك مدير المستشفى، بالإهمال وتعريض حياة ابنتها للخطر، وطالبت باتخاذ الإجراءات القانونية ضدهما.. الغرابة.. تقول الأم والألم يعتصر قلبها "منذ فترة قصيرة، شعرت "هدير" بآلام بسيطة في كف يدها اليسرى، ومع الوقت بدأت هذه الآلام تزداد وظهر ورم فيها.. توجهت معها إلى مستشفى خاص في المنيل، وبعد توقيع الكشف عليها أكد الأطباء أنها تعانى من "كيس دهنى" وتحتاج إلى جراحة لاستئصاله، وأكدوا أن العملية بسيطة ولن تستغرق وقتا طويلا.. دخلت ابنتى غرفة العمليات بالفعل وعلى عكس كلام الأطباء تأخرت في الجراحة، وبعد أكثر من ساعتين فوجئت بأحد الأطباء يخرج وعلى وجهه علامات القلق وسألنى عما إذا كانت "هدير" تعانى من حساسية معينة، فأجبته بأنها لا تشكو من أي نوع من الحساسية، فدخل مرة أخرى إلى غرفة العمليات دون أن ينطق بكلمة.. تملكنى القلق والخوف على ابنتى، وأدركت أن هناك أمرا ما يحدث داخل غرفة العمليات.. مرت الدقائق علىَ وكأنها شهور، وأخيرا خرجت إحدى الممرضات وسألتها بلهفة عن حالة ابنتى، فقالت إنها دخلت في غيبوبة تامة وتوقفت عضلة القلب أثناء الجراحة، نتيجة للتخدير، وانسداد خرطوم الأكسجين، وتم إنعاشها بواسطة جهاز الصدمات الكهربائية، ووضعها على جهاز التنفس الصناعى، وتم نقلها إلى غرفة العناية المركزة وأن حالة ابنتى متدهورة وتعانى من تشنجات متكررة.. وأكد شخص آخر بالمستشفى أن الطبيب قرر تخدير الفتاة كليا رغم أن الجراحة لم تكن تستدعى ذلك. ". تشنجات وفقدان للذاكرة انهارت الأم تماما ولم تستطع حبس دموعها وهى تقول: "بعد فترة سمحوا لى بالدخول إلى غرفة العناية المركزة للاطمئنان على ابنتى.. عقدت الصدمة لسانى عندما وقعت عيناى على هدير.. فهى في غيبوبة تامة وتخرج منها خراطيم وأسلاك كثيرة موصلة بأجهزة مختلفة، وبين الحين والآخر ينتفض جسدها في تشنجات متكررة.. خرجت مسرعة أبحث عن الطبيب المعالج، كى أفهم منه ما حدث لها ولكنى لم أجد أحدا.. وعندما أفاقت بعض الشئ كانت الكارثة الكبرى، لم تتذكرنى ابنتى ولم تتذكر أي فرد من أقاربها وبدت وكأنها فقدت الذاكرة أو تعيش في عالم آخر، كما فقدت القدرة على النطق بكلمات مفهومة وكل ما تفعله هو الصراخ والتشنج.. وعلمت من أحد المسئولين بأن تشخيص حالتها هو اضطراب في درجة الوعى، مع تشنجات عصبية، وتحتاج لأشعة رنين مغناطيسى على المخ، لمعرفة مدى التلف الذي تعرض له".. الأم أضافت أنها أدركت أن ابنتها تعرضت لإهمال طبى ربما بسبب التخدير، أدى إلى تلف بعض مناطق بالمخ ونتج عنه تدهور حالتها على هذا النحو، وقررت إبلاغ الجهات الأمنية بما حدث، وقدمت بلاغا إلى قسم شرطة مصر القديمة، وفى نفس الوقت أخطرت السفير السودانى بالقاهرة الذي حضر إلى المستشفى واطلع على حالة الفتاة بنفسه، غير أن مدير المستشفى والجراح الذي أجرى العملية، وطبيب التخدير اختفوا تماما، ولم يقابله أي مسئول، ليشرح له ما حدث. النيابة تستدعى مسئولى المستشفى بسؤال محمد البهنسى محامى الضحية، عما وصلت إليه التحقيقات فقال: "تقدمنا ببلاغ رسمى ضد المستشفى واتهمنا المسئولين عن إجراء الجراحة ل "هدير" بالإهمال والتسبب في إصابة الفتاة بفقدان للذاكرة، فضلا عن الأضرار الجسمانية والصحية التي لحقت بها والتي ربما لن تشفى منها أبدا.. وتمت إحالة البلاغ إلى النيابة العامة.