«هتلر» فى ألمانيا..«موسولينى» فى إيطاليا.. هما أبرز من حمل لقب ديكتاتور.. فالأول تخصص فى قمع الثورات الاشتراكية فى ألمانيا فكانت نهايته الانتحار، أما الثانى فكان يتعمد فرض الطاعة والولاء على شعبه واستخدم خلالها شتى وسائل القمع بإغلاقه جميع الصحف المناهضة والمثقفين والقوى الثورية التى تنتمى للمعارضة فكان مصيره أن أعدمه شعبه. مصر دائمًا لها السبق والريادة فى صنع الديكتاتور، فبعض أن صنعت ديكتاتورا فى ثلاثين عاما خلعه شعبه، تُسابق مصر الزمن لصنع أول ديكتاتور أتت به صناديق الاقتراع. الحكم فى مصر الآن يستنسخ إستراتيجية «موسولينى» فى القبض على مقاليد الحكم بالحديد والنار، فكما فرض موسولينى الولاء والطاعة على الشعب الإيطالى .. يسعى القائمون على الحكم من خلال جماعتهم فرض سياج مشدد من الولاء والطاعة على الشعب المصرى تحت شعار «شرع الله» وعدم الخروج على الحاكم، فعقابها قد يصل إلى قطع الرأس كما كان يفعل موسولينى مع معارضيه . مصطلح الحاكم الشرعى المُنتخب للبلاد.. منح حاشية الحاكم تفويضاً بصلاحيات إلهية للقضاء على صفوة المثقفين والمفكرين والقوى السياسية المعارضة وتقييد الحريات فى الفن والثقافة والإبداع والصحف ويتضح ذلك جليًا بعد أن تكشفت نواياهم بوضوح داخل مسودة الدستور والجمعية التأسيسية التى تستأثر لنفسها كل السلطات والصلاحيات . «فيتو» تواصلت مع عدد من علماء النفس للبحث عن تحليل نفسى للديكتاتور: فماذا قالوا؟ «تختلف أوجه الديكتاتورية وأشكالها باختلاف شخصية الفرد ذاته وباختلاف العوامل التي أثرت في نشأته والمبادئ التي نشأ وترعرع عليها، لكنها تختلف بطبيعة الحال بحسب ثقافة الشعب ووعيه، ومدي تأثره وقبوله بفكرة الرئيس الديكتاتور، وإدراكه لمفهوم الديمقراطية كمفهوم مجرد ، فضلاً عن دور حاشية الرئيس والتي تحوله من ديكتاتور إلي فرعون طاغية ، يضرب بجنوده معارضيه ، لكنها في النهاية أسطورة زائلة، وهذا ما رسخته تجارب التاريخ، ولعل نهاية أباطرة الديكتاتورية الذين لقوا مصيراً بائساًِ أبرز دليل علي ذلك. هكذا تقول أستاذة علم النفس بجامعة عين شمس الدكتورة إجلال حلمي، إن هناك نوعين من الطغاة أولهما الطاغية بالفطرة أي أنه يميل إلي العنف وإقصاء الآخر بطبيعته، وهو شخص يزعم أنه أفضل من البشر جميعًا ويُفضل الظهور كالزعيم الأوحد، وهذا الشخص يميل إلي شراء أفضل الأشياء وأغلاها ثمنًا إذا استطاع وإذا لم يستطع فيتهم الأقوى منه سواء في السلطة أو ماديًا بالباطل، أما النوع الآخر فهو الذي أثرت عوامل تربوية أو خبرات حياتية في صناعة شخص الديكتاتور بداخله، فيبدأ التحول من شخص عادي إلي طاغية ، وغالبًا يكون ذا منصب ، فالأصل في شخصيته هي الضعف أو التواضع بشكل كبير ، وأن فشله يتسبب في إحراج مجموعته ، فيعمدون علي بث القوة فيه من خلال إشادتهم البالغة بقراراته ، وخلال فترة وجيزة يتمادي في ذلك ويرغب عند إتخاذ أي قرار أن يهلل له الجميع فرحًا بما اتخذه الرئيس . وتضيف: سيكولوجية الطاغية تتأثر بعدة عوامل أهمها عدم قدرته علي بلوغ أهدافة نظرًا لضعف إمكانياتة سواء المادية أو الفكرية، ما يدفع الحقد والغل المتغلغل داخل هذه الشخصية أن تلجأ إلي أساليب عنيفة للحصول علي رغباتها ،إما عن طريق القوة المفرطة بوازع أن هذا حقه ، أو عن طريق الاتفاق مع أشخاص للحصول على ما يريد ، وان مثل هذه الشخصيات تبقي يقظة دائما ، لخشيتها من خداعها ولن يتردد الديكتاتور في اتخاذ أي قرارات لحماية منصبه، بما فيها استخدام القوة والبطش بمعارضيه وهذا بالفعل ما حدث مع نماذج الديكتاتورية في بلدان الربيع العربي مثل العقيد الليبي معمر القذافي وبشار الأسد ، ولعل الأمر كان أهون مع حسني مبارك ،لكن بوادر التغول على جميع السلطات ينذر بطاغية جديد. فى حين يرى أستاذ علم النفس بجامعة القاهرة الدكتور يسرى عبدالمحسن، أن الشخصية الضعيفة فقط هي القابلة للتحول للديكتاتورية وأن الديكتاتور يشعر دائما بالخوف وعدم الإحساس بالأمان، ويُغلب مصلحته الشخصية ومصلحة جماعته علي المصلحة العامة، وإذا أردنا أن نطلق على فكرة تكوين الفرعون أو صناعة الديكتاتور فيتم ذلك منذ صغره يتطور خلالها خطوة بخطوة إلي طاغية ، من خلال اعتياده علي تنفيذ أوامره وظنه بأنه ولي الله على الأرض، وأن كل ما يفعله لخدمة الشعب ، وعلي المواطنين دائما الثناء علي قراراته التي تخدمهم ، وبهذا يتظلل الطاغية بمظلة العظمة ، غير أن العظمة لله فقط ، ولا يلجأ الديكتاتور إلي استشارة من حوله ، ويؤكد الدكتور عبد المحسدور المنافقين له والمخادعين والذين يجعلونه يعيش في مناخ من الإلهية، وغالبًا ما يورطوه في قرارات تسود في صفحته السياسية. ويعبر الديكتاتور عن عظمته بعدة طرق إما أن يقوم بحمل سلاح حقيقي بين طيات ملابسه كما كان يفعل الرئيس العراقي السابق صدام حسين ، أو حجم الحراسة التي تكون مشددة عليه ، ليبدو في شكل من يملك السلطة والجاه في آن واحد ، ويقبض علي زمام الأمور بقوة ، وهناك فرق عميق بين الديكتاتور الحقيقي والمزيف، ففي الغالب الشخص المزيف لا يملك إرادة حقيقية ، وإنما أثرت عليه فكرة السلطة بمفهومها المطلق . وفى السياق ذاته يقول أستاذ الطب النفسي بجامعة الأزهر الدكتور هاشم بحري، إن صناعة الديكتاتور تحكمها عدة عوامل أهمها ، جينات الشخص نفسه فهناك شخصيات تميل إلى الديكتاتورية والعنف وهى مرتبطة بعوامل وراثية تتمثل في جينات الفرد ذاته ، أما السبب الثاني فتمثل في الآخرين من حوله كالجماعة المحيطة به والمجتمع أيضا ، وتبدأ تحول الشخصية إلى الطاغية والديكتاتور ، عندما تكون الإشادة بقراراته أكبر من حجمها الفعلي ، وأن من حوله يعتبرونها الأفضل من بين الخيارات كونه الزعيم الملهم ، ثم يبدأ في مرحلة من التحدث بالطريقة البرجماتية ، يستخدم خلالها ما يعرف ب»لغة الجسد» ويتحدث بتعال وربما بصوت منخفض ويُشير لطلباته بيده وكأنه يأمر من حوله ، وينظر إلى معارضيه كأنهم مرضي نفسيين ، ويرغب دائمًا في مناشدته من قبل الجماهير وهو من يتدخل لحل مشاكلهم والوحيد القادر على اخذ القرار . الشخصية الديكتاتورية من السهل خداعها بعد رسوخ قوتها ،فانهيارها يأتى بتحرر المواطنين من الخوف وشن ثورة عليه تنتهى بعزله أو سجنه أوقتله.