بعد أن اختار الرب البابا رقم 811 عمت الأفراح فى الكنيسة الوطنية المصرية، ليجلس البابا تواضروس ليكون على كرسى مارمرقس خليفة للبابا شنودة الثالث، وتحتفل وسائل الإعلام مع الشعب، ليكون امتداداً للبطاركة الذين قادوا الكنيسة التى تأسست عام 16 ميلادية. هذا الحدث الجلل يستحق إعادة قراءة تاريخ هؤلاء العظماء، والتعرف إليهم ككنوز وطنية ثرية، ينتمون إلى الأم العظيمة مصر، ويجب أن نفخر بهم وبسيرتهم وأفكارهم وأعمالهم، هم جزء أصيل من مصر، أضافوا إلى تاريخها وحضارتها الكثير، وسجلوا بحروف من نور إنجازات رائعة، حتى فى أشد الأيام والليالى ظلاماً. باباوات مصر - على مدار تاريخها - باقات محبة وبخور، فهم فى صلوات دائمة ومستمرة من أجل مصر، ونيلها، وزرعها، وسلامها، يطلبون من الرب أن يرفع عن مصر البلاء والغلاء وسيف الاعداء، وأن يبارك ماء النيل، صلواتهم لا تنقطع آناء الليل واطراف النهار، صلواتهم تنبع من قلوبهم كماء رقراق صاف يروى ظمأ المتعطشين للهداية والمحبة، وتروى صلواتهم وجدان وقلوب وأرواح الشعب، فهم قدوة نادرة فى المحبة والتسامح والعطاء والصدق والإخلاص والوفاء. البابا الأول هو مرقس الرسول، أعماله خالدة، فقد تحدى عبادة الأوثان، لتكون العبادة خالصة للرب، وقد يسر الديانة للشعب، فاعتمد أسلوباً فى تدريسه - بمدرسة الإسكندرية اللاهوتية- سهلاً وميسوراً، لتصل العقيدة لقلب كل قبطي، بطريقة سؤال وإجابة. وتستمر سيرة العطاء فالبابا العشرون «اثناسيوس» يتحدى العالم من أجل عقيدته، لإيمانه المطلق بنصر الرب، فقد قال له امبراطور روما: العالم كله ضدك يا اثناسيوس، فرد قائلاً: وأنا ضد العالم، إنه نموذج جبار للثبات على المبدأ، مهما كانت قسوة وقوة وجبروت التهديدات، لقد كتب اثنا سيوس دستور المسيحية فى العالم كله، بدأ الدستور بجملة «بالحقيقة نؤمن بإله واحد»، هذا البابا المصرى العظيم أثبت أن الحق والثبات عليه هو عين اليقين بنصر الرب. ويحفل تاريخ الكنيسة الوطنية بباقات رائعة من قامات كنسية شامخة، منهم البابا كيرلس الرابع، وهو أول من نادى بالمساواة بين الرجل والمرأة، فقد أنشأ أربع مدارس لتعليم البنات، ويضيء مشعل العلم فى بيوت الشعب، بعد إن كان التعليم قاصراً على الذكور، كما أدخل البابا كيرلس الرابع المطبعة الثانية فى مصر، بعد مطبعة بولاق، حرصاً منه على نشر العلوم والثقافة والإبداع فى ربوع مصر. فى هذه الصفحات نلقى الضوء على بطاركة مصر، بكل الحب، فالله - فى جميع الأديان - محبة.