امرأة تلبس قلبها ثوب الحب، ولجسدها أثواب الغجرية المبهجة بألوانها، وتترك خصلات شعرها بلا رادع للهواء تتمايل يداها في نعومة مع خصرها فتحدث في قلوب محبيها "هزة أرضية" مباغتة، وتصنع من صوت حنجرتها بساط سرمدي، تنقل عليه من تشاء إلى منتديات الوجد العليا.. هو الحب دينها. هي الفنانة التونسية غالية بن علي، ذلك الصوت الذي يخطف دقات القلوب من انتظامها، ويطلقها إلى متعة التحليق في الفضاء الموسيقي الرحب، تغني فتصبح الدنيا على شاكلة أغنياتها بخفتها وبهجتها وغجريتها المطلقة.. فثمة أمور قد تسكر المرء وتغيب عقله غير الخمر، الحب والموسيقى وحدهما قادرين على فعل ذلك. بوابة القلعة لم تكن حفلة غالية في ثاني ليالي مهرجان القلعة للموسيقى والغناء بدورته الخامسة والعشرين "اليوبيل الفضي"، بالحدث الطبيعي الذي يمر مرور الكرام على عشاقها، لتتحول الحفلة إلى تظاهرة استثنائية لا مثيل لها في المهرجان، حيث تواجد جمهورها على بوابات قلعة صلاح الدين الأيوبي قبل موعد البدء ب4 ساعات، حتى يتسنى لهم حجز تذاكر الحفل، حتى نفذت جميع التذاكر.. الأمر الذي أدى إلى تكدس المئات على بوابات القلعة لمحاولة التفاوض مع أمن القلعة للدخول، إلا أن الرياح تأتي بما لاتشتهي السفن، فمجموعة كبيرة من الجمهور لم يستطيعوا حضور الحفل. مسرح المحكي بهواية يدوية وثوب غجري بامتياز، صعدت غالية على المسرح في تمام الساعة العاشرة مساءً، لتبدأ الحفل بأغنية "يامسافر وحدك" وهي تتمايل بجسدها على أنغام الكمنجات، فيصير الجمهور كقطعة لهب مستعرة من فرط الحب والحماس والانتشاء الموسيقى. وخلال الحفل بدأت علاقة مودة كبيرة بين غالية والجمهور، حيث كانت تناقشهم بالأغاني التي يفضلونها تارة، وتمازحهم تارة أخرى، حتى وصل بها حد الحب إلى سؤالها عن أسماء أشخاص بعينها من الجمهور الذين يتواصلون معها عبر موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك". حفل زفاف وأعلنت غالية أنها ستسافر إلى وطنها تونس عقب انتهاء الحفل، لحضور حفل زفاف أخيها، طالبة من الجمهور أن يكون الحفل بمثابة احتفال كامل بهذا العرس وكان الخبر بمثابة الفتيل الذي أشعل التصفيق بين الجمهور، فيما راحت بعض النساء تزغرد كمباركة لغالية. كواليس ساعتان من الزمن قضاهما الجمهور في رحلة مابين مصر وتونس، حيث اختتمت غالية الحفل بالأغنية التونسية الشهيرة "لاموني اللي غاروا مني"، وانطلقت عقب الانتهاء من الحفل إلى الكواليس، إلا أن جمهورها المقرب لم يكتف بمشاهدتها على المسرح فقط، فراح يركض وراءها إلى الكواليس، حيث استقبلتهم هناك استقبال الأصدقاء، لا كمطربة ومعجبيها.