أكد المستشار زكريا شلش رئيس محكمة استئناف القاهرة أن قرار مرسى بإقالة النائب العام قبل أن يتراجع عنه تعدى بمراحل ما حدث ايام الرئيس السابق محمد حسنى مبارك، وكذلك تعدى ما حدث فى اول مذابح القضاء فى عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر ، حيث ان النظام البائد كان يتعدى بشكل غير مباشر وبشكل قانونى فيسخر مجلس الشعب لسن قوانين تساعده على تنفيذ ما يرغب فيه، دون ان يكون التعدى مباشرا وصريحا ، فيلغى الإشراف القضائى على الانتخابات ليستطيع تزويرها، ويسهل شروط الالتحاق بالقضاء ليلحق من يريد به ،اما عبد الناصر فقد أقال رئيس محكمة النقض وبعض مستشاريها، ووقتها قامت الدنيا ولم تقعد والآن يأتى الرئيس محمد مرسى ليقيل رأس الهرم القضائى للنيابة العامة. وقال شلش فى حواره مع «فيتو» ان هذا القرار ليس الأول الذى يمثل اعتداء على القضاء واستقلاليته،ولكن هناك قرارات سابقة مثل قرار عودة مجلس الشعب الذى قضت المحكمة الدستورية ببطلانه وحله. «وشدد على ان قضاة مصر جميعا سوف يقفون وقفة رجل واحد ضد اى اعتداء عليهم، او على القضاء المصرى واستقلاله ،ولن يسمحوا لأى شخص حتى رئيس الجمهورية بالتعدى عليهم، لأنهم ليسوا موظفين فى الدولة ،مطالبا رئيس الجمهورية بالابتعاد عن مستشاريه الذين لا يريدون خيرا بهذا البلد . كيف ترى محاولة رئيس الجمهورية الدكتور محمد مرسى تعيين الدكتور عبد المجيد محمود النائب العام كسفير لمصر لدى الفاتيكان وإقالته من منصبه تم تراجعه عن هذا القرار ؟ لا يجوز عزل النائب العام باى شكل من الاشكال، وهذه مخالفة صارخة لاحكام الدستور الذى ينص علي استقلال القضاء وعدم قابلية القضاة للعزل، وهذا تدخل سافر فى شئون العدالة لأن النائب العام لا يعتبر من موظفى الدولة، ولكنه من اقطاب السلطة القضائية، وبذلك يعتبر هذا افتئاتا من السلطة التنفيذية على السلطة القضائية وبداية مذبحة جديدة للقضاء . هل من الممكن ان يكون قرار إقالة النائب العام رد فعل لحكم البراءة الذى صدر لصالح المتهمين فى موقعة الجمل ؟ لا اعتقد ذلك، ومن يقول ذلك يتحجج بحجج ليس لها اساس من الصحة، لأن النيابة العامة لم تحقق فى الواقعة ولكنها انتدبت قاضيًا للتحقيق فيه ، كما ان النائب العام غير مسئول عن ضعف التحقيقات، لأنه غير منوط به جمع أدلة الإدانة، ولكنه يقدم ما قدم له من ادلة الى المحكمة ورجال الضبط القضائي هم المنوط بهم مسألة جمع الادلة . وما تفسيرك لمحاولة إقالة النائب العام والهدف منه ؟ من الواضح جدا انهم يريدون تعيين نائب عام اخوانى، ليكتمل بذلك مسلسل اخونة الدولة ، وهذا القرار هو اخلال ثان باليمين الذى حلفه رئيس الجمهورية الدكتور محمد مرسى، واقسم فيه باحترام القانون والدستور ،فقد اخل بهذا اليمين عندما اهدر حكم المحكمة الدستورية وارجع مجلس الشعب بقرار جمهورى والمرة الثانية عندما أقال النائب العام. وماذا إذا تم تنفيذ هذا القرار ؟ لن ينفذ لأن معنى تنفيذه أنه سيكون اعتداء على استقلالية القضاء، ونحن قبلنا العمل بالقضاء كولاية، وليس كوظيفة ،ولن تقوم عدالة دون استقلال القضاء. ما الفرق بين ما يحدث الآن وما حدث للقضاة أيام الرئيس المخلوع مبارك ؟ مبارك كان يعتدى على السلطة القضائية باصدار قوانين تسمح بقضاء استثنائى ، ولكنه لم يمس اعضاء السلطة القضائية انفسهم ، كان يمرر من خلال مجلس الشعب القوانين التى تهيئ المناخ لتزوير الانتخابات ، وذلك عندما ألغى الاشراف القضائى على الانتخابات،كان يسمح بالتعيين فى القضاء بتقدير مقبول لخريجى الحقوق من اجل تعيين ابنائهم ، وبذلك كان يعتدى بشكل غير مباشر وبشكل قانونى، حيث كان مجلس الشعب لصالحه ، ورغم اختلافى مع النظام السابق ، وانتقادى الدائم له إلا انه لم يسمح بمثل ما يحدث اليوم من الدكتور مرسى، فهناك عبث بالقانون وطال هذا العبث القضاء. وصفت هذه المحاولة ببداية مذبحة جديدة للقضاة ،فما وجه الشبه بينها وبين المذبحة الشهيرة للقضاء ايام الرئيس الراحل جمال عبد الناصر ؟ كانت مذبحة القضاء الكبرى فى عهد عبد الناصر عام 1969 عندما قام بعزل رئيس محكمة النقض واكثر من نصف مستشاريها حتى وصل العدد الى مائتى قاض من قضاة مصر، لاتهامهم بانهم يعادون ثورة 23 يوليو ، وكان هناك تطاول على احكام القضاء، وكان يتم التجسس على القضاة ، لكن يمكن ان نقول ان هذه الامور كانت لاسباب سياسية وظروف كثيرة تغيب عنا الآن ، وبالرغم من ذلك فما يفعله الرئيس مرسى الآن هو اكثر بشاعة لأنه بمثابة ذبح لقمة الهرم القضائى للنيابة العامة. هل تؤثر هذه القرارات وهذه الاحداث التى تتعلق بالقضاء ورجاله على صورة القضاة فى الشارع المصرى ؟ بالطبع ،الجدل والحديث فى مثل هذه الامور يقلل من قيمة القضاء ورجاله،ويهز ثقة المواطن فيه ، وهو ما جعل الكثيرون يتجرأون بالتعليق على احكام القضاء وينتقدونها ،واتعجب من ان يسمح رئيس الجمهورية بأن تكون هناك مظاهرة فى ميدان التحرير ضد حكم قضائى ، لماذا لم يصدر مرسى حتى الآن قانونا يجرم التعليق على احكام القضاء؟ هل يريدون قضاء ينافق الرأى العام على حساب العدالة. ما هى الرسالة التى توجهها للدكتور محمد مرسى رئيس الجمهورية في ظل أزمة النائب العام؟ اقول له أحسنت بالرجوع فى قرارك لأنه قرار منعدم الاساس وغير مشروع ، ولو كان قد أصر على قراره فكان سيصدر حكم قضائي لصالح النائب العام ظاهره البطلان الذى يرقى الى مرتبة الانعدام ، واذا كان هناك من افتوا لك بصحة هذا القرار فابعد عن هؤلاء فهم مستشارو سوء لا تهمهم إلا المناصب والمصالح الشخصية ، وهذا القرار يذبح قمة الهرم القضائى للنيابة العامة، ويهدد بمذبحة جديدة للقضاء،واقول له: إن احترام احكام القضاء هو التزام يقع في الدول المتحضرة علي عاتق الجميع بدءا من رئيس الجمهورية حتي أصغر موظف فيها باعتبار ذلك أساسا جوهريا من أسس سيادة القانون واحترام الدولة.