«القضاة كتيبة وطنية لا تساوم على حبها للوطن، وقد مضى زمن الحكام الجبابرة، ولا مكان لهم مع قضاة مصر، ولن تعود مصر لتحكم بشريعة الغاب، كما أن تيار الاستقلال يسعى لأخونة الدولة، وتراجع الرئيس عن إقالة النائب العام أنقذ مصر من مذبحة للقضاء والقضاة»، هذه هى أهم محاور الحوار الذى أجرته «فيتو» مع المستشار أحمد الزند، رئيس نادى قضاة مصر، فضلاً عن قضايا ساخنة، تحدث فيها الزند بكل وضوح، وإلى نص الحوار.. كيف ترى قرار إقالة النائب العام وتراجع الرئيس عنه؟ - هذا القرار كان خطأ فادحاً من الناحيتين القانونية والدستورية، وتضامن القضاة مع النائب العام كان لإحقاق العدالة وتنفيذ القانون، ومن الضرورى أن يعلى الرئيس من شأن سيادة القانون، وأن يرعى الفصل بين السلطات، فقد مضى عهد الحكام الجبابرة ولا مكان لهم مع قضاة مصر، كما أن النائب العام وأى قاض حتى أصغر عضو فى النيابة العامة غير قابل للعزل، والقضاة ليسوا فى خصومة مع أحد، لكننا نتحرك دفاعاً عن استقلالنا وحماية لدولة القانون. هل ترى أن قرار الإقالة كان إرضاء للرأى العام الغاضب من حكم براءة المتهمين فى موقعة الجمل؟ - لا دخل للنائب العام بهذه القضية، فقد تم التحقيق فيها بمعرفة قضاة تحقيق منتدبين من محكمة الاستئناف، ثم أن الحكم الصادر ببراءة المتهمين فى موقعة الجمل ليس هو المرحلة النهائية فى إجراءات التقاضي، وسوف تقول محكمة النقض القول الفصل فى هذه القضية، والقضاة حريصون على ضرورة القصاص لدماء شهداء ثورة 52 يناير، شريطة أن يكون قصاصاً عادلاً من الجناة الحقيقيين الذين تثبت إدانتهم، فالقضاة لا يحكمون بأدلة فاسدة. والقاضى لا يحكم وفق هوى الرأى العام، وإنما بالأدلة والبراهين، فإذا خلت أوراق القضية من أدلة ثبوت الإدانة على المتهم فلا يستطيع القاضى مخالفة ضميره، وليس لدينا أحكاماً معلبة، وليس لدينا قضاة «ملاكي»، والقضاة هم قضاة الشعب ، ولا ولاء لهم إلا لضمائرهم والقانون، ولا شأن لهم بالسياسة، القضاة هم السند والعضد الذى يتكئ عليه كل مظلوم للحصول على حقه، ولا شأن لقضاة مصر بما يجرى فى الشارع، ولن يصدر القاضى حكماً رداً لفعل الشارع، فهو فى هذه الحالة مجرم وليس قاضياً، وإذا وجدت الأدلة حضرت الإدانة. وحينما أعلن القضاة مساندتهم للنآئب العام، لم يكن مساندة لشخصه، وإنما انتصار للقانون ودولة القانون، ولنمنع إعادة مصر إلى الوراء لتحكم بشريعة الغاب، مصر دولة مركزية رائدة فى مجال سيادة القانون واستقلال القضاء. لكن هناك اتهامات لبعض القضاة بانتمائهم للنظام السابق.. ما ردك؟ - أرفض هذه الاتهامات، فالقضاة لا يتبعون النظام السابق أو الحالى أو القادم، ومصر أكبر من أى نظام، والقضاة يحكمون بالقانون ويطبقونه وفق ما تمليه عليه ضمائرهم، والقضاة كتيبة وطنية لا تساوم على حبها للوطن، وتحملوا من أجل الوطن قبل الثورة وبعدها مالا يتحمله بشر، ويجب على الرئيس إسداء النصح لمن حوله بالكف عن إهانة القضاء والقضاة. وأقول لمن يشغلون أنفسهم بالتآمر على الآخرين، تذكروا قول الحق سبحانه وتعالي: «ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد»، و«إن الله يدافع عن الذين آمنوا»، والقضاة كانوا وسيظلون مشاعل الهدي، يضيئون الطريق أمام الباحثين عن العدل. هل ما يحدث الآن محاولة من الإخوان للسيطرة على القضاء؟ - اختيار رئيس الجمهورية لمستشاريه ولوزير العدل من تيار واحد، وهو تيار الاستقلال، يجعلنا نتساءل عن سبب ذلك، ويجعلنا نشعر بأنهم يسعون ل «أخونة القضاء»، وهناك استهداف لقضاة بعينهم، فبعضهم لم يمكث فى موقعه كرئيس محكمة سوى عام واحد، وتم اقصاؤهم. كان لديك ملاحظات على تعيين المستشار أحمد مكى وزيراً للعدل، وكنت ترغب فى استمرار المستشار عادل عبدالحميد فى منصبه، لماذا؟ - لم أقصد من ذلك التدخل فى شئون واختصاصات الرئيس أو رئيس الوزراء ممثلاً للسلطة التنفيذية، لأن نادى القضاة يعلم ماله وما عليه، وكل ما فى الأمر أننى أبديت ملاحظاتى بشأن اختيار وزير العدل حتى لا تدخل السلطة القضائية فى معترك سياسي، وحتى يحسن وزير العدل التعامل مع القضاة، وضماناً لحسن سير العدالة. هل يساعد قانون مكى «للطوارئ» الإخوان فى السيطرة على القضاء؟ - قانون الطوارئ لم يلغ، وما تم إلغاؤه كان حالة الطوارئ فقط، وفى معظم دول العالم يوجد قانون للطوارئ، والمشكلة ليست فى القانون، وإنما فى تطبيقه. أعلنت رفضك لدمج هيئة قضايا الدولة باسم القضاء.. ما سبب ذلك؟ - فكرة دمج الهيئات القضائية مرفوضة بالإجماع من جميع القضاة، ورفضها مجلس القضاء الأعلي، ومجلس رؤساء الاستئناف، ونادى القضاة، وأندية قضاة الأقاليم، ورفضتها كذلك الجمعية العمومية لمحكمة النقض بالإجماع، دمج الهيئات يضر بمسيرة العدالة ومصالح المتقاضين. وأحذر من خطورة بعض المقترحات التى يسعى البعض لفرضها بباب السلطة القضائية فى الدستور الجديد،وذلك لإضراره بمسيرة العدالة، وتعطيل الفصل فى القضايا، ومحاولات الدمج بالانتقاص من السلطات الحالية للنيابة العامة وأطالب أعضاء التأسيسية بالالتزام برؤية مجلس القضاء الأعلى ونادى القضاة فى البنود المتعلقة بالسلطة القضائية، فى الدستور الجديد. وما رؤيتك عن الجدل السائد فى الجمعية التأسيسية بشأن وضع السلطة القضائية فى الدستور؟ - أرفض المقترحات المثارة داخل لجنة نظام الحكم بالجمعية التأسيسية، ولم يتهاون النادى ولا رئيس النادى ولا أى من أعضاء مجلس إدارته جميعا يوما فى الدفاع عن القضاء، أو المطالبة بحقوق القضاة أو الدفاع عن استقلال قضائنا وكرامته، وبخصوص ما يثار بشأن وضع السلطة القضائية فى الدستور، فلابد من اتخاذ موقف حاسم من المقترحات المثارة بالجمعية التأسيسية بشأن وضع السلطة القضائية فى الدستور الجديد، والتى لا أصفها إلا ب «ذبح للقضاء والقضاة»، وأبرزها دمج الهيئات القضائية من خلال إنشاء نيابة مدنية تقوم بدورها هيئة قضايا الدولة بدمجها الى السلطة القضائية، ودمج النيابة الإدارية لتنتزع بعض اختصاصات النيابة العامة، بحسب أندية القضاة، بالإضافة إلى فكرة ضم القضاء العسكرى لفصل السلطة القضائية، وتخفيض سن تقاعد القضاة. ما هى خطواتكم تجاه قانون السلطة القضائية حتى لا يتحايل الرئيس على القانون ويقر مادة تبيح إقالة النائب العام بعد فترة؟ - تلك المقترحات والآراء الغريبة التى ما أنزل الله بها من سلطان، والتى لا ترمى لشيء إلا هدم قضائنا وتخريب السلطة القضائية، حتى يتمكنوا من إخضاعها وتحجيمها، أن النادى كانت له عدة تحركات فى جميع الاتجاهات بدءاً من مخاطبة نوادى قضاة الأقاليم والجمعيات العمومية للمحاكم، لبلورة وصياغة موقف موحد رافض لكل المقترحات المثارة فى اللجنة التأسيسية بخصوص وضع السلطة القضائية فى الدستور، مروراً بعقد عدة اجتماعات مع بعض أعضاء اللجنة التأسيسية،وخصوصا لجنة نظام الحكم المختصة بهذا الشأن، وانتهاء بالجمعية العمومية غير العادية التى أعلن النادى عن عقدها، وذلك عقب ما حدث بقرار إقالة النائب العام، للتأكيد على رفض القضاة لتلك الآراء الغربية والمقترحات العجيبة التى طرحها أعضاء تلك اللجنة التى ما أنزل الله بها من سلطان، والتى لا طائل منها سوى هدم السلطة القضائية. وماذا عن قضية ندب القضاة فى الدستور الجديد.. وما موقفك من إلغائه؟ - أرفض تماماً ألا يضع الدستور الجديد ندب القضاة فى مواده، وتقدمنا بطلب يوضح اعتراضنا على تضمن الدستور الجديد نصا بإلغاء ندب القضاة للجهات الحكومية، حيث سادت حالة الانقسام بين قضاة مجلس الدولة الدخول فى استمرار الندب أو إلغاءه فى الدستور الجديد وأنادى بعدم الاستهانة بالموقف، «فلنتخل جميعاً عن السلبية التى قد توردنا موارد التهلكة، ولنحتشد جميعا لتخرج كلمتنا عالية مدوية تقشعر لها أبدان من يريدون بقضائنا السوء، وحتى يتم صياغة باب السلطة القضائية على النحو الذى يليق بها كإحدى سلطات الدولة الثلاث».