بعد مرور عدة أيام على اختفائه، وعلى إثر انبعاث روائح غريبة من المكان، تفقد الجيران منزل الأستاذ، كما يطلق علية الجميع، ليجدوا جثته شبه متحللة، وهو ممدد على سريره، كان يرتدي بذلته السوداء مع رابطة عنق كحلية وقميص أبيض تغير لونه من أثر التحلل. وقد عثر أحدهم على مجموعة أوراق خطّها الأستاذ بيده تحكى قصته كاملة أعيد نشرها دون تدخل مني وكما هي. فكرت كثيرًا ما معنى الحياة ووجدت أنها حلم طويل ومزعج يوقظنا منه الموت وهي كقطار ما اجتازه مر، وما هو مقبل عليه رحلة في عالم الغيب والدين هو البوصلة التي تساعد الإنسان على الحفاظ على اتجاهاته السليمة في هذه الرحلة القاسية والإيمان يهذب أرواحنا.. ويملؤها طمأنينة. ونحن مطالبون أن نحياها كما هي، وإن لم يكنْ من الموتِ بدٌ فمن العجزِ أن تموتَ جبانًا وخائفًا ومرعوبًا. فالحياة أمانة الخالق ويوم تُسترد منك لا تحتج لأنها في الحقيقة ليست ملكك.ونحن عادة نحكم على الأمور من منظورنا المحدود.. سألت نفسي هل أحتاج فعليًا لأسرة وأحتاج لامرأة لأسعدها وتسعدني وتشاركني الحلم والأمل ؟ والواقع بحثت عنها كثيرًا جدًا لكنني لم أجدها وبعد هذه الرحلة المجهدة أصبحت أبحث عن إنسانة تهتم بى وترعاني فقط. أريد أن أرتاح ليس عندي جهد للشجار الدائم سمة الارتباط هذه الأيام، أريد امرأة تحاول وتجتهد في أن تصنع رجلًا وتقف بجانبه وتريحه تجيد التعامل مع إنسان قلق وحالم لا أريدها أن تعاملني كرجل تقليدي يلهث خلف المال والجنس والسلطة. وأنا لا يكفيني من المرأة عواطفها تجاهي وليس كافيًا أن تحبني لابد أن تصادقني بصدق وتصبح أختي وصديقتي وعشيقتي وأمي وتعرف كيف تسمعني وأنا أيضا أسمعها وتحبني بإحساس ملتهب وتشاركني اللحظة بصدق، ولن أجعلها تندم على مساندتها لي ورحلتها معي، والحقيقة أنني لم أعد أحتمل امرأة لديها مشكلات نفسية وعقد داخلية ولا تفكر وتعيش لتحقق أحلامها الخاصة المحدودة في أن تكون زوجة وأم ولها أسرة ودخل مناسب. أريدها أن تعرف أنى رجل ناضج يحمل قلب ومشاعر طفل صغير صادق وصادم فعليها أن تعاملني هكذا، وأعرف أن مواصفاتي صعبة ومعقدة في اختيار المناسب ولهذا دائما ما أفشل ولا تدوم علاقاتي العاطفية سوى أيام قليلة وأحيانا ساعات. أحب بكل ما أملك من مشاعر وأحاسيس وبصدق وقوة، ثم أكتشف أن من أحببتها إنسانة مختلفة عن حلمي كثيرا وقد يكون لها طموحها الخاص فيبدأ الصدام بين أحلامي وأحلامها وتموت الحكاية من البداية. وأخاف أن أظل هكذا أو تمر أيامي دون أن أعيش لحظة صدق ودفء واحدة. عشت حياتي كلها كطائر حر طليق يرفض العيش داخل صندوق مغلق يحب الحياة والحرية، ما أقسي أن تعيش وحيدًا طوال حياتك ؟ وأحيانًا وعندما كان يتملكني الشعور بالوحدة كانت قدمي تدفعني للسفر داخل وخارج البلاد في رحلة هروب للعيش في الفنادق والقرى السياحية والأماكن الراقية حتى أجد ابتسامة صافية وصادقة أو وردة جميلة في استقبالي أو منظر طبيعي يشدني له بقوة. وطالما أنك عثرت على رسالتي الأخيرة وشعرت بكلماتي الآن أكون قد غادرت الحياة فانشرها لعل قصتي تفيد أحدًا وأجد من يدعو لي بالرحمة.