لم تكن هتافات النشطاء السياسيين والحركات الثورية «بديع يحكم البلاد ومرسى متحدثا رسميا للجماعة» سوي طريقة يعبر بها هؤلاء عن المشهد الذي يرونه ماثلا أمام أعينهم، بوجود حاكم خفى للبلاد، يصدر قرارات شفوية للرئيس لخدمة جماعة الاخوان المسلمين التى ينتمى لها.. ومع مرور الايام وتعدد هذه القرارات التى حولت مصر لفوضى، واثارت فيها اللغط تبين ان الدكتور محمد بديع المرشد العام لجماعة الاخوان المسلمين، أو نائبه خير الشاطر هما من يصدر هذه القرارات، دون اى مراعاة لاحكام القانون، طالما انها تخدم مصالح الجماعة ولعل ابرز هذه القرارات هو إعادة مجلس الشعب للانعقاد بالمخالفة لاحكام المحكمة الدستورية العليا، وظل بديع يقوم بدور الرئيس ويحكم مصر من المقطم ليصدر تعليماته للدكتور مرسى بقرارات معينة ويستقبل فى مكتبه السياسيين والدبلوماسيين ليجرى معهم الصفقات منها استقباله للسفير السودانى بالقاهرة الدكتور كمال حسن على ليهنئه بحصول الجماعة على منصب الرئيس. كما استقبل السفير البريطانى فى القاهرة جيمس وات بجانب لقاءات اسماعيل هنية رئيس وزراء حكومة حماس المقالة مع بديع داخل مقر الجماعة فضلا عن لقاء راشد الغنوشى رئيس حزب النهضة التونسى ولقاء الصادق المهدى رئيس حزب الامة. داخل مقر الجماعة فى المقطم كانت تتم اللقاءات والاتفاقات الدولية بين مصر والدول الخارجية لكن هذه اللقاءات أثارت علامات الدهشة حول اسباب استقبال بديع لهؤلاء المسئولين وهل هو الرئيس الفعلى للبلاد أم الدكتور محمد مرسى وكان بديع أعلن في تصريحات صحفية بان منصب المرشد اعلى واسمى من منصب الرئيس ومن ثم تعامل مع مصر على اعتبارها جزء من جماعة الاخوان المسلمين وبدأ يخطط ويصدر القرارات الانتقامية من أعداء الجماعة وما اكثرهم فمن ليس مع الجماعة هو بالضرورة ضدها. الدكتور عبدالعظيم محمود حنفي -استاذ العلوم السياسية- يؤكد ان المرشد العام هو الحاكم الفعلي لمصر، لافتا الى ان الرئيس مرسي هو الحاكم المنتخب ، بغض النظر عن تساؤلات كبيرة تثار بحق حول شرعية ذلك الانتخاب ، الا ان المرشد العام لجماعة الاخوان هو الحاكم الحقيقي، لافتا الى ان الرئيس مرسي يتبعه تبعية مطلقة مدللا بأن الهيكل التنظيمي للاخوان والواقع الفعلي يؤكدان ذلك، ويستطرد قائلا :ان المتامل في الهيكل التنظيمي لحركة الإخوان المسلمين بمصر ، وفي النصوص المنظمة يجد ان الرئيس مرسي كعضو في الاخوان قد بايع «المرشد العام للإخوان المسلمين رئيس مكتب الإرشاد العام والهيئة التأسيسية». والرئيس لم ينكر انه ما زال عضوا في الاخوان المسلمين، ومن ثم فهو تابع تنظيميا وعقائديا وسلوكيا للمرشد العام، مع ملاحظة ان صلاحيات المرشد العام تجاوزت كل الحدود ، فهو يتمتع بسلطة وصلاحيات يصعب حصرها : فهو «الرئيس العام للهيئة، ولمكتب الإرشاد ، وللهيئة التأسيسية» ، ومن حقه نقض قرارات لجنة التحقيق والجزاء وتوقيف أعضاء الهيئة التأسيسية ومن صلاحياته نقض قرارات الجمعيات العمومية المحلية وتعيين رؤساء الشعب والمناطق والمكاتب الإدارية وإعفاؤهم من مهامهم و تتبع مكتب الإرشاد الذي يرأسه المرشد عشرة أقسام، وست لجان ، وعدد غير محصور من الشعب والفروع في الخارج . كما انه يشرف إشرافا مباشرا على فروع الحركة فى المحافظات , ومن ثم فان مرسي كتابع مخلص لا يسعه الا الارتكان والخضوع للمرشد العام, فهو صنيعة الاخوان ومن دونها لم يكن شيئا . حنفي تساءل: ماذا يمكن ان نفهم من قرار مرسي العفو العام عن اكثر من 500 من القتلة والمحكوم عليهم بالاعدام والارهابيين إلا أن ذلك جاء بناء على أوامر المرشد العام، مضيفاً: خطاب الرئيس عن اهله وعشيرته هي تعبيرات اخوانية في الصميم ،وتشي بالتزام الرجل الذي تجاوز الستين عاما قضي منها اكثر من اربعين عاما في صفوف الاخوان، ومن ثم ليس في مقدوره ولا طاقته ان يغير مبدأ الطاعة العمياء للمرشد العام للاخوان او يتمرد عليه , وهذا الامر يذكرنا بحالة الرئيس المنتخب شعبيا في ايران الخاضع كليا ونظاميا للمرشد الاعلى للثورة الايرانية غير المنتخب شعبيا أي إن الامر ليس جديدا .