رغم حالة الجدل التي أثيرت عقب إعلان وزارة الأقاف جعل خطبة الجمعة مكتوبة، إلا أنها ما زلت تعتزم خلال الأيام المقبلة، وضع نموذج استرشادي لها، على أن يتم وضعه من القطاع الديني بالوزارة، ليلتزم به كل قيادات الوزارة والأئمة وخطباء المكافأة، من خلال تشكيل لجنة علمية لإعداد وصياغة الخطبة المكتوبة لتكون ملزمة بداية من خطبة الجمعة المقبلة. وشددت الأوقاف على ضرورة التزام جميع قيادات الديوان العام والمديريات بالنموذج مع التأكيد على الالتزام بالموضوع وجوهره، بالإضافة إلى الالتزام بالوقت المحدد ما بين 15 إلى 20 دقيقة على أقصى تقدير، مؤكدةً أنه حتى الآن سيتم العمل على الخطبة الموحدة لحين الانتهاء من دراستها. تمسك الأوقاف كما جدد وزير الأوقاف الدكتور محمد مختار جمعة، تمسك الوزارة برؤيتها بشأن الخطبة المكتوبة، مشددا على أن تلك الخطبة لا علاقة لها بأى توجهات أو إملاءات سياسية، وإنما هي مصلحة وطنية وضرورة دينية وقضية دعوية تهدف إلى ضبط العمل الدعوي، ومحاولة جادة لإعادة صياغة وتشكيل أسس الفهم المستنير للدين وفق منهجية علمية مدروسة وشاملة وضمن اختصاصات الوزارة ومجال عملها. إحداث بدعة الخطبة أثارت غضب الكثير وبعض علماء الدين، فأكدوا على كونها مخالفة للشريعة الإسلامية، حيث أعلن الشيخ حافظ سلامة، قائد المقاومة الشعبية، رفضه لقرار الخطة المكتوبة، قائلًا: "إن تقييد الإمام بالخطب المكتوبة والموضوعة يجعله كالببغاء يردد ما كتب له، ويحرمه من معالجة الأحداث التي تمر بالبلاد؛ خاصة في المنطقة التي بها مسجد الإمام الراتب، وهنا يُحرم الإمام من الاطلاع والتزود من العلم. وأضاف سلامة، موجهًا حديثه لوزير الأوقاف، قائلًا: "يا سيادة الوزير إن تقييدكم للخطبة بتحضيرها باللجنة التي ستشكلها هو إحداث بدعة ما أنزل الله بها من سلطان، والنبي صلى الله عليه وسلم قال "من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد". مخالفة للشريعة فيما أكد الدكتور أحمد كريمة، أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر، أن خطبة الجمعة المكتوبة بدعة إبتدعتها بعض الدول حفاظًا على أنظمتها، كما أنها مخالفة للشريعة الإسلامية ومناهضة للدستور ولا تليق ببلد الأزهر، مؤكدًا أن عمال المساجد سيقومون بأداء خطبة الجمعة في حالة غياب أئمة المساجد، مشيرًا إلى أنه يقومون بإمامة المصلين في القرى والمحافظات الحدودية عند عدم تواجد الإمام، لافتًا إلى أن الأوقاف تخدع الرأي العام وستسبب إحراج للنظام السياسي للدولة. وأضاف «كريمة» في تصريحات صحفية، أن المأثور والمنقول عن النبي صلى الله عليه وسلم، هو ارتجال الخطبة للتواصل مع المتلقي، ولم يثبت أبدًا في تاريخ الإسلام أن الخطب ألقيت كتابة إلا في العصر الحديث، مشيرًا إلى أن بعض النظم الاستبدادية في بعض البلاد أرادت القضاء على حرية التعبير للخطباء، بالإضافة إلى الانحدار العلمي الموجود في عدد من الدول تسبب في اللجوء إلى ما يسمى ب"الخطبة المكتوبة". تكميم أفواه كما قال الشيخ عبد الحميد الاطرش، رئيس لجنة الفتوى الأسبق بالأزهر الشريف، إن الخطبة المكتوبة ما هي إلا تكميم لأفواه الأئمة، لافتًا إلى أن الإمام يقوم بترديد ما يملى عليه وهذا يلغي دوره، كما أن المواضيع المدرجة بها ليس لها فائدة، فهي تتحدث عن السعادة وأمور حياتيه مما يجعلها تعد إبطال للعقول. وأضاف «الأطرش»، أنه ينبغى على الخطيب إلقاء الخطبة من خلال علمة وخبرته، وأن الخطيب يجب أن يلقي في خطبته ما يستخلصه من خبرته والكتب، مشيرًا إلى أن الخطبة إذا لم تعالج مرض وأفة اجتماعية ودينية فهي ليست ذات قيمة ولا تستحق الإلقاء. هيئة كبار العلماء بينما طالب الدكتور أحمد عمر هاشم، عضو هيئة كبار العلماء، ورئيس جامعة الأزهر الأسبق، وزير الأوقاف بالتراجع فورًا عن قراره، معلنًا رفضه بشكل كامل للخطبة المكتوبة الموحدة، موضحًا أن هذا القرار سيضيق الخناق على الأئمة، كما أنه سيحجم من قدراتهم الإبداعية. وهدد «هاشم» بأنه في حال تطبيق الخطبة المكتوبة، فإنه سيعتزل الصعود على المنابر حتى تتم العودة عن هذا القرار، الأمرالذي استجاب له عددٌ من الأئمة والخطباء، معلنين عدم صعودهم على المنابر، قائلين: «فلتلجأ الأوقاف لعمال العهدة، لسد العجز في الأئمة والخطباء، الذي سيحدث بعد أن نترك العمل ونسافر». الأزهر الشريف أما الأزهر الشريف فكان أول رد فعل له عليها، أنها أعلنت عدم علمها بالخطبة المكتوبه، حيث قال الدكتور عباس شومان وكيل الأزهر الشريف، إن ما يتداول بشأن خطبة الجمعة المكتوبة لاعلم للأزهر به بشكل رسمى وهو غير ملزم لوعاظ الأزهر، حيث تم تزويدهم بمكتبة تجمع أمهات الكتب لثقل معارفهم فضلًا عن التدقيق في اختيارهم. وأضاف «شومان» أن معظم وعاظ الأزهر يمتلكون خبرات طويلة في مجال الدعوة في الداخل والخارج، حتى يكون خطابهم في مجالسهم والوزارات والمؤسسات التي يتعاونون معها مناسبا لسامعيهم على اختلاف مواقعهم الجغرافية وتباين ثقافاتهم وتقالديهم وعاداتهم.